القوى السياسية الشعبية تواجه تحدياً كبيراً في المرحلة القادمة، تحد لا يقل عن حجم المخاطر التي مرت على البحرين، وفتحت أبواب التدخل الأجنبي على مصراعيه منذ العام الماضي.ما يجب أن تستعد له الجمعيات السياسية الآن لا يقف عند حد الاستعداد لإدارة الخلاف والصراع المحلي بين القوى السياسية بعضها البعض، ولا يقف عند الاستعداد لانتخابات 2014 نيابية وبلدية، بل يجب أن يتماشى معه وعلى درجة أكبر الاستعداد لمواجهة العالم الخارجي وتدخلاته.على كل القوى السياسية كجماعات وتيارات أن تستعد لهذه المرحلة؛ فلا يجب أن تخلو جمعية سياسية من دائرة ترصد كل ما يدور في العالم عن البحرين في إعلامهم وفي منظماتهم، وما يتم التصريح به من الدوائر الرسمية للدول الأجنبية، وعلى القوى السياسية أن تحدد موقفها بسرعة من الحراك الخارجي، سرعة تتماشى مع خطورة الحدث، ويكون لديها استراتيجية واضحة لشكل ونوع التدخل، إن كان يتطلب تحركاً خارجياً أو داخلياً، إعلامياً أو دبلوماسياً، لم يعد مقبولاً هذا الحث الدائم وهذا الدفع وهذا التذكير المستمر، غير مقبول من أي أمانة عامة منتخبة للجمعيات السياسية أن تتقاعس عن هذه المهمة الوطنية العظيمة والخطيرة.والكلام أيضاً موجه للمجلس النيابي، فلا يجب أن يكون التحرك النيابي منتظراً الدفع والتذكير وهو الممثل الشرعي للشعب البحريني، التحرك يجب أن يكون استباقياً، ولجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي لابد أن تعزز بكل الاحتياجات التي تتماشى مع أهمية المرحلة القادمة، وأن تضع لها برنامجاً في الفصل التشريعي القادم للتواصل مع الخارج وتعريف العالم بالتجربة البحرينية وبمواقف الشعب البحريني، تواصلاً لا يقف عند الزيارات المتبادلة فقط، بل يمتد لرصد إعلامي ودبلوماسي ومتابعة حثيثة تستبق وتبادر.وكلهم يجب أن يكون لديهم متحدث رسمي يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ويكون لديهم دائرة تؤسس شبكة علاقات عامة مع كل الخيوط التي تمتد لتصل للشأن البحريني.اليوم ومن بعد أحداث العام الماضي، العالم كله اكتشف أن في البحرين تعددية سياسية بعد أن خدع لفترة طويلة بأن هناك جهة واحدة تمثل الشعب البحريني يقابلها الحكم.المجتمع الدولي اكتشف أن إلصاق تهمة الموالاة لكل من يخالف إحدى الجمعيات كان خدعة وتهمة باطلة، وقد كانت مسرحية تم إلغاء عرضها في كل المحافل الدولية الرسمية والشعبية.العالم اليوم استوعب أن البحرين مجتمع متعدد الطوائف ومتعدد القوى السياسية، وقد رآها بعينه وقابلها ورأى حراكها في الشارع وفي الفعاليات وفي المحافل الدولية، لقد اكتشف المجتمع الدولي أن الشعب البحريني متعدد حتى بالرؤى السياسية، وليست هناك جهة شعبية واحدة لها حق الادعاء بأنها تحتكر تمثيل الشعب البحريني وتطلعاته، لذلك فإن المسؤولية الآن ملقاة على القوى السياسية (جمعيات سياسية ومدنية ومجلس نيابي منتخب) لاستمرار هذا الإدراك وهذه الصورة، مسؤولية جسيمة تعادل خط الدفاع الأول عن الوطن وهي بحجم مسؤولية تحديد المصير والوجود.لا تلغي نفسك حتى لا يلغيك الآخرين، إثبات الحضور يتطلب تواصلاً وثباتاً وحضوراً ونشاطاً مستمراً؛ إعلامياً ودبلوماسياً ودولياً مع المنظمات، وهذا يتطلب برنامج عمل ويتطلب ميزانية ويتطلب مراقبة شعبية ومساءلة من قبل الناس، ومحاسبة فالكل مسؤول والكل محاسب. هذه ليست مهمة الحكومة، ولا تسأل عنها الحكومة، ولا علاقة بالحكومة بهذا الحراك، إنها الدبلوماسية الشعبية.