المعارضة الراديكالية وقادة التحريض والمؤزمون­ وأتباع "حزب الله” يشيرون دائماً إلى أن ما حصل في البحرين لا يخرج عن توصيف "المجزرة”، وكذبوا وأوغلوا في الكذب، وقالوا إن الناس تُقتل في الشوارع، وأن الجثث تسقط بكثافة مثل قطرات المطر، وفي النهاية العدد لم يتجاوز مئة ضحية "من الجانبين وليس جانباً واحداً” مثلما يرددون دائماً! بالفعل إنها "مجزرة رحيمة” في البحرين!طبعاً توصيفهم لـ "المجزرة” يختلف تماماً عما يحصل في سوريا، إذ باعتبار أن إيران تقف وراء نظام الرئيس السوري بشار الأسد، و«حزب الله” يقاتل مع النظام الديكتاتوري هناك ويشارك في السوريين، وباعتبار أن الثورة هناك ليست "شيعية-حسينية” ضد نظام "سني-أموي” فإن توصيف "المجازر” لا ينطبق على سوريا في قاموس الوفاق وأذيالها، حتى لو قتل في اليوم أكثر من 400 قتيل. وإن دانوا فإن الإدانة على مضض، ولها أسبابها على رأسها، حتى لا يقال عنهم طائفيون ومذهبيون وعنصريون وكذابون، وفي طيات الكلام يتضح تماماً كيف أنه صادر بالغصب، وهدفه ذر الرماد في العين ليس إلا.حتى الصحيفة الصفراء دخلت مرحلة "الحرج” بشأن التعاطي مع الشأن السوري، إذ "زاد الماء على الطحين” وبات تغليف القضية بالكذب والفبركة التي اعتادته الصحيفة –بالأخص في الشأن البحريني- لا يجدي، إذا ماذا تسمي العشرات الذين يقتلون يومياً على نظام الأسد الدموي؟! هل تسميها فبركة أم فئات تريد تخريب الدولة "الملائكية” التي يرعاها الأسد، في وقت يعرف العالم برمته فيه أن ما يحصل مجازر رهيبة لا تذكرنا إلا بما كان يحصل في البوسنة.نعود للذريعة التي يرددونها كل مرة وفي كل محفل وفي كل قناة، بهدف استدرار التعاطف من جهة، وبهدف تهويل ما حصل في البحرين "بسببهم”، وبيان بأن الناس تقتل في بيوتها وعلى أسرتها، وأن النظام دموي ديكتاتوري قاتل.يقولون بأن الاحتجاجات أسفرت عن مئة قتيل، طبعاً شملوا الأشخاص الأبرياء ورجال الأمن الذين قتلوا على أيدي أتباعهم ومريديهم، وبسبب أعمال العنف التي يباركونها، ويدعون لها "لا تنسوا اسحقوهم وماذا تعني”، ولأن هناك أناساً سقطوا بسبب "مقامرة” الوفاق وأتباعها بأرواح البشر، لابد –بحسب مطالبهم- أن تحاسب الدولة بقوة المتسببين في موتهم، ولابد أن تأخذ الدولة بحقهم، وإن لم تفعل فهي تماطل، ولا تلتزم بتطبيق القانون! بل هي لا تلتزم بتنفيذ توصيات محمود بسيوني، أو الاستماع لما تقوله "دكاكين”، عفواً أعني "جمعيات حقوق الإنسان”.نحن من جانبنا نطالب الدولة بتطبيق القانون على من عذب وتجاوز، لكننا أيضاً نطالب بتطبيق القانون على من حرض الناس ودفعهم للخروج من بيوتهم، بهدف التصادم مع أجهزة الأمن، ومن جعلهم يلبسون الثياب التي كتب عليها "أنا الشهيد التالي” ودفعهم دفعاً للموت من أجل المتاجرة بدمائهم.الغريب أنهم يريدون تطبيق القانون، في الوقت الذي يرفضون فيه تطبيقه عليهم، وكأن كل ما فعلوه لا يدخل في إطار الجرائم والتجاوزات!حتى تقرير بسيوني الذي يستشهدون به في كل مقام ومقال، فيه فصول ومعلومات تدين بصراحة الحراك الطائفي الذي حصل، فيه فصل كامل عن احتلال السلمانية، وكيف تم التعامل مع الناس بعنصرية وطائفية، فيه توثيق للاعتداءات على السنة، وعلى انتهاك حقوق العمال الأجانب، باختصار فيه ما يدينكم أيضاً وليس الدولة لوحدها، بسبب تجاوزات أفراد فيها استغلوا نفوذ المنصب والقوة، بل الوضع أكثر شدة من جانبكم، إذ ما قمتم به ليس تجاوزات أفراد بقدر ما هو تنظيم وتخطيط متفق عليه.بالنظر لكل ما سردناه أعلاه، لا يجب أبداً ترك المجال لهؤلاء بالادعاء أن مجزرة حصلت في البحرين، وأن قوات الأمن قتلت الناس وهم نيام في بيوتهم، بل يجب إبراز الحقيقة بتوثيقها وأرقامها، هم من افتعلوا الفعل ولا يريدون أن يجازوا برد الفعل، هم يحرضون على قتل الشرطة، ولا يريدون أن يدافع الشرطي عن نفسه. افعلوها مع الشرطة البريطانية، اقذفوهم بالمولوتوف وانظروا ماذا يكون رد فعلهم.الرقم المهول هنا، ليس مئة قتيل راحوا ضحية تحريض ومؤامرة انقلابية و«مقامرة” سياسية قامت بها الوفاق علها تخطف الحكم، بل الرقم الذي يجب أن يبرز وتبرز معه الأفلام الذي توثقه هو عدد الإصابات في صفوف رجال الأمن. تخيلوا لدينا أكثر من 700 جريح ومصاب متفاوتي الإصابة في صفوف رجال الشرطة، وكل ذلك بسبب الكمائن والأفخاخ والهجمات عليهم بقنابل المولوتوف الحارقة.تخيلوا لو أن هذه العمليات نجحت في أهدافها، لو نجح كل كمين في إسقاط عدد الشرطة المستهدفين، ماذا كانت الحصيلة لدينا الآن؟! أليس من المفترض أن يكون لدينا قرابة 700 قتيل في صفوف رجال الأمن؟! بالتالي بعدها ماذا سيقولون "مجزرة” في صفوف رجال الشرطة، مرتكبوها الشرطة أنفسهم؟!إن كانت الوفاق وأذيالها تتباكى اليوم على محاسبة من تجاوز صلاحياته، وتستمر في توسل عطف الغرب والكذب بادعاءات المجزرة وتضخيم الأرقام، رغم أن الدولة وضعت صندوقا للتعويضات سيعوض أهالي الضحايا عمن فقدوا من أهاليهم بسبب الوفاق وتحريضها، فإن الأطراف الأخرى لها حقاً على الدولة بأن تطبق القانون –مثلما تطالب الوفاق- لكن على من استهدف هذه الفئات في أمنها وسلامها، وبحق من مارس القتل بحق المدنيين ورجال الشرطة.الحقيقة في البحرين أنكم أنتم من افتعلتم كل شيء ودفعتم الناس للموت، واليوم تريدون الدولة أن تدفع ضريبة جرم أنتم مرتكبيه؟!.حينما يبقى المحرضون والمخربون طليقين في أي دولة، هنا لا يلام المحرض والمخرب على ما يفعله، بل تلام الدولة حينما تضع القانون "في الثلاجة” وتترك المجال لهؤلاء حتى يعيثوا في الأرض الفساد، وليته فساد على حسابهم ويضرهم هم فقط، بل فساد وإضرار بحق بلد برمته وشعب بأكمله.