هل تريد "الوفاق” أن تقنعنا أن الفارق البسيط المتبقي بين ما تطالب به من صلاحيات نيابية وبين ما هو موجود يستحق أن تجر البلد من أجله للتجاذبات الإقليمية؟«الوفاق” -قبل غيرها- تعلم أنه لم يعد هناك فارق شاسع أو كبير بين السقف الذي تطالب به وبين الواقع السياسي البحريني الحالي، ليس هناك فارق كبير يستدعي الزج بالوطن إلى أتون المجهول، والتضحية بأرواح الناس وبمصير الجماعات وبأمن واستقرار البلد.الشعب البحريني توافق على هذا السقف ومضى قدماً فيه، لكن "الوفاق” لا تعترف بأية مكاسب يحققها الشعب البحريني بالتوافق، هي تريد أن يسجل المكسب لصالحها وباسمها وعن طريقها ومن خلالها.لذلك فصراع "الوفاق” اليوم لم يعد مع السلطة، بل مع الشعب البحريني، اليوم يقف الشعب البحريني برمته وجهاً لوجه أمام "الوفاق”، اليوم صراعنا مع "الوفاق” هو على خيار التغير عبر المؤسسات ومن خلال التوافق، أو التغيير من خلال الشارع، نحن أمام صراع منهاج تغيير، أما إرساء نهج وأدوات التغيير والتطوير عبر المؤسسات التشريعية، أو إرساء قاعدة التغيير عبر الشارع، هل ننتقل من مرحلة التغيير عبر الشارع إلى التغيير عبر المؤسسات؟ أم نظل نراوح مكاننا في الشارع كما تريد "الوفاق”؟ تلك هي الحكاية.«الوفاق” تحتكم على بضعة الآلاف من مؤيديها، هم من خرجوا معها في المسيرة الأخيرة، والكثير منهم يسايرها لثقته في زعاماتها الدينية أو لغضبه من السلطة أو لرغبته في التمرد، وبقية الشعب البحريني كله رفض دعوة "الوفاق” للخروج وتبعيتها، رفض الشعب البحريني تلبية دعوة "الوفاق” لأن رغبة الشعب البحريني أن تدار الاختلافات عبر المؤسسات لا عبر الشارع.«الوفاق” تقود اليوم صراع "نهج” وبقاء "رموز” وبقاء "أشخاص” يصرون على إدارة الدولة من منازلهم بأداة الشارع، حيث يبدأ الاختلاف وينتهي في الشارع، في حين أن بقية الشعب البحريني يريد أن ينتقل إلى "المؤسسات” لإدارة الدولة.هذا هو لب الصراع الآن.. فحين يبلغ شعب البحرين "الوفاق” عبر وزير العدل، أو عبر نائب رئيس مجلس الوزراء، أن التغيير لابد أن يتم عبر المؤسسات، ترفض "الوفاق” ذلك، لأنها ترفض الانتقال إلى هذه المرحلة، مرحلة الدولة، ففي الانتقال لها نهاية لها كأداة من أدوات الإدارة.هي تريد أن تدير الدولة من الدراز، فتكون المؤسسات في يد واحدة والشارع هو أداة التغيير، لذلك تتباكى على المؤسسات التي خرجت من يدها، ومن تحت هيمنة هي تريد أن تكون النقابات والمؤسسات المدنية تحت حكم فقيهها، وكل من خرج عن عباءتها حاربته وقاومته.«الوفاق” "فشلت” في إدارة الصراع السياسي عبر المؤسسات الشرعية، رغم أنها "نجحت” في إدارة الثروات عبر سلطتها الرقابية الشرعية، "وضعت النجاح والفشل بين قوسين لأنهما نسبيتان” وهذا نجاح لا يهمها لأنه يجرد "فقيه الدراز” من أدواته. نمو الدول لابد أن يمر عبر مراحل عديدة، حتى يصل إلى مرحلة النضج والاكتمال، حين تنتقل ميادين الصراع وإدارة الاختلاف عبر المؤسسات، لا عبر الشارع، تكون الدولة قد وصلت سن الرشد، وهذا الذي لن تقبله "الوفاق” وتخشاه ففيه نهايتها.«الوفاق” تدعو لتجمع للمطالبة بالحريات، وتجتمع وتسير المسيرة، وتنشر وتعقد المؤتمر، وتسافر وتعود، وتصرح للإعلام الأجنبي، وتطبع البوسترات، ولديها صحيفة ناطقة باسمها، ولديها مقرها السياسي، وتعقد مؤتمراتها الداخلية وتجري انتخاباتها، و.. و.. ووو كل ذلك للمطالبة بالحرية.. فما هي الحرية التي تطالب بها؟الدعوة من أجل الديمقراطية؟ هناك تقارب كبير وواسع بين ما تطالب به وبين ما هو موجود على الواقع، خاصة بعد التعديلات الدستورية الأخيرة، فلم يعد هناك فارق كبير ومطلب ملح، خاصة ونحن مازلنا في سنة أولى "ممارسة” والخبرات البرلمانية والبلدية مازالت في أولها، إنما كل تلك الامور لا تهمها وليست معنية بها، هي لا تريد أن يخرج الصراع من الشارع، هدفها الآن هو أن تخرج "الوفاق” ولو بالقليل لشارعها، ولو بتغيير طفيف إنما عبر التفاوض معها كي تكسب معركتها "شارعياً” وليس عبر المؤسسات الشرعية.هي الآن تريد أن تأخذ أي شيء.. أي شيء.. المهم أن تكسبه عبر الشارع، عبر المسيرات، عبر الإرهاب، عبر الضغط الدولي، المهم ألا يأتي هذا المكسب عبر المؤسسات الشرعية، و لو أعطيت أضعافه عبر المؤسسات الشرعية فلن تقبل به، وهذا ما حصل.لذلك فصراع "الوفاق” اليوم لم يعد مع السلطة، بل مع الشعب البحريني، هل يريد الشعب البحريني أن ينتصر نهج "الوفاق”؟ هل شعب البحرين يريد إدارة خلافاته عبر المؤسسات؟ أم في الشوارع؟ هل نسمح لـ«الوفاق” أن تفرض نهجها وأسلوبها على الشعب البحريني أم لا؟ هل الشعب البحريني يريد دولة مؤسسات أم دولة شوارع؟