مع هذه التأجيلات المتواصلة بشأن القضايا الموجودة في المحاكم والمعنية بما شهدته البحرين من محاولة انقلابية العام الماضي وما أعقبها من تداعيات، فإن من ينتظر تطبيق القانون بحيث يكون "تطبيقاً دقيقاً ينصف ويعطي كل ذي حق حقه” عليه أن ينهي انتظاره الطويل مثلما أنهى الخواجة إضرابه المزعوم عن الطعام.لسنا مثل غيرنا ممن يهين القضاء ويشكك في نزاهته، بل دائماً ما نؤكد على العكس، لكن ما يحصل اليوم يدفعنا لا لنهج نفس السلوك، ولكن للقول إن صدر قضائنا "واسع جداً”، فمن قتل مع سبق الإصرار والترصد لم يحكم بحكم القصاص، ومن حُكم بسنوات طويلة تم تخفيفها في "خصم سخي” جداً، والبقية تأتي.لا تنتظروا شيئاً، صدقوني، بل انتظروا حر الصيف الحارق في البحرين هذا العام، والذي يبدو أنه سيأتي بـ "لهيب غير اعتيادي”، خاصة مع "مفاجآت” هذا الصيف بالتحديد.من يريد أن "يتوه” في الفهم بشأن ما يحصل في المشهد الحالي، عليه أولاً أن يقف على الحياد، أن ينظر للأمور بتجرد "مؤقت”، بحيث لا يلتزم بفئة، سيرى بالتالي الدولة في جانب ترسل مؤشرات عديدة عبر كلمات "مفتاحية” مثل "حوار، مصالحة، تلاحم، تعايش.. الخ”. في جانب آخر سترى الفئة المؤزمة التي تسمي نفسها معارضة تورد كلمات مثل "حوار، حوار غير مشروط، تسامح، تعايش.. الخ”، وفي أغلب الكلمات تطابق بين الجانبين، وعليه نسأل الشاطر فيكم ممن يسمع للجانبين عما يفهمه من ذلك؟!بل لمزيد من الفهم اسمعوا أو اقرؤوا تصريحات بعض القوى المناهضة لقوى التأزيم، لتروا كيف تحوَّل الخطاب من "لا تنازل عن الحقوق” و«لا حوار مع من خان البلد” إلى "نقبل بحوار من غير شروط”، طبعاً تذكروا قبل هذه الجمل كانت هناك جملة "مشروطة” فيها القبول بالحوار شريطة "وقف العنف”.صيف البحرين سيبدأ مبكراً بحسب المعطيات التي نراها على الأرض، جميع الأطراف -ماعدا المواطن البسيط المخلص- تتحرك باتجاه تهيئة الوضع لبدء حوار، مضامين تصريحات الدولة تمضي في اتجاه هدف يأمل إعادة البحرين إلى ما كانت عليه، زيارات المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين التي تكاثرت مؤخراً لم تكن أبداً للسياحة أو للتعرف على "حر” البحرين هذا العام. الوفاق نفسها تناكف الدولة كلامياً في "مشهد تمثيلي ضعيف الأداء” وتتوعد حتى الجيش، بينما موفدوها يطرقون أبواب كبار المسؤولين لضمان بدء حوار يفضي إلى تحصيلهم على ما يحفظ ماء وجههم، خاصة أنهم يدركون أن هناك جماعات تستعد لـ«حرق” الوفاق فوراً إن خطت باتجاه أي حوار يفضي لمصالحة.أجزم بأن هناك أطرافاً في كل جانب بودها لو كانت قادرة على ضغط زر "إعادة الضبط” أعني الـ«ري ست” بالإنجليزية في ذهن كل مواطن بحريني وفي ذاكرة كل من مر عليه الشأن البحريني ليتم بعدها "نسيان” كل شيء وكأن شيئاً لم يحصل.نعم، نريد أن نعود للوراء وأن نقول إن ما حصل "كابوس” لا يحصل إلا في النوم وينتهي حالما تصحو، لكن المسألة ليست بهذه السهولة، ليست تداعياتها "هينة” لتنسى وتركن وكأن شيئاً لم يكن.لكن للأسف هناك من يحس بأنه من السهل جداً أن يقرر الأمور بنفسه وبمنأى عن المتضرر الحقيقي لما حصل، بل يوجه الناس لنسيان ما حصل ولو بصورة غير مباشرة بإحلال أمور "مبتدعة” و«مبتكرة” محل ما يفرضه المنطق ويقره الحق وتؤكده العدالة.تذكروا أنه في صراع بين أقطاب تمتلك فئات تحسب عليها، قد تصل -كفرضية- لمرحلة تجد فيها التفاهمات الدبلوماسية تحصل على أعلى مستوى، بينما الضريبة -كنتيجة- يدفعها المحسوبون على من يديرون الأمور، وقد يكون الدفع قاسياً.لنسترجع الأمور على نحو سريع ابتداء من انتهاء حالة السلامة الوطنية وتغير أسلوب التعاطي الأمني، مروراً بحوار التوافق الوطني ثم تنفيذ التوصيات، إضافة إلى إجراءات إعادة المفصولين، وإعادة بناء دور العبادة، وإقرار صندوق للتعويضات، وإعادة المحاكمات في بعض القضايا، وصولاً إلى تخفيف الأحكام والحديث الآن عن حوار، نظرياً قبلته كل الأطراف المختلفة.الخلاصة أن المشهد الختامي قد تحدد على ما يبدو، المتبحر في الأمور والباحث بين طياتها يعرف تماماً موطئ قدم كل طرف، والأهم قوته ومن يملك اليد الطولى، لكن بغض النظر عن ذلك يبقى التعويل بألا تكون مفاجآت صيف البحرين "مفرطة” في حماستها، بحيث لا يتحملها قلب المواطن المسكين، إذ الأزمة أثبتت في مواقف عدة أن قلب المواطن البحريني "ملحوم بقوة” لكن "كثرة الضرب تفك اللحام”!