نتفهم موقف وزارة الخارجية عندما تعلّق على أحد النواب وتؤكد مراقبتها للسفير الأمريكي في المنامة، وتؤكد أيضاً أنه لم يتورط في أنشطة استخباراتية أو مشبوهة. ونتفهم أيضاً تلويحها بأنها تملك الأدوات التي يمكن من خلالها محاسبة السفير الأمريكي في حالة تجاوزاته للقوانين والأنظمة والأعراف الدبلوماسية المنظمة للعلاقات بين الدول. ولكننا لا نتفهم تماماً عدم اتخاذ الخارجية البحرينية إجراءات عندما قام السفير الأمريكي بسلسلة من اللقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني، وبحث خلال هذه اللقاءات سيناريوهات مستقبلية للأوضاع السياسية في البحرين. هل يحق له القيام بهذه اللقاءات التي قد تدخل في "إطار تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين”؟ وإذا قام السفير والتقى مجموعة من الشخصيات السياسية والدينية البحرينية هل يتطلب الوضع استدعاءه وتوضيح طبيعة تصرفاته الدبلوماسية؟ طبعاً الإجابات لدى وزارة الخارجية باعتبارها المعني الأول بعلاقات البحرين الخارجية.موقف الوزارة إزاء تصريحات أحد النواب تدفعنا إلى إثارة تساؤل آخر يتعلق بسكوتها إزاء قضية 11 مليون دولار التي مازال الرأي العام المحلي يفسرها ويحللها حسب تصوراته ووجهات نظره. فهذه القضية طرحت فيها عدة جهات حكومية مواقفها وشرحت ملابسات القضية، ولكنها لم تشبع حاجة الرأي العام لمعرفة آليات تحويل الأموال الأمريكية للمنامة في إطار العلاقة المبنية على التسهيلات العسكرية المقدمة من البحرين للولايات المتحدة.الخارجية البحرينية لم تشرح حتى الآن هذه المسألة، ومهما قدمت من تفسيرات رسمية، وتم شرح ملابسات قضية 11 مليون دولار من خلال أكثر من طرف ستظل تفسيرات الرأي العام مستمرة، وكلٌ يفسر المسألة حسب اهتمامه وتصوره. عندما تسرّب خبر قضية 11 مليون دولار يوم الجمعة الماضي وخلال ساعات أدلى مسؤول دبلوماسي بحريني رفيع المستوى بتصريح خاص قال فيه إن الاتفاقية بين المنامة وواشنطن بشأن التسهيلات العسكرية تتيح للقوات الأمريكية إدخال الأموال نقداً دون تحديد سقف لها إلى أراضي البحرين لاستخدامها بما يخدم مصالحها. لا يمكن تأكيد طرح الدبلوماسي البحريني في ظل صمت الجهات الرسمية عن هذه المسألة، وأيضاً في ظل سرية الاتفاقية الأمنية بين البلدين وهي سرية تقتضيها مثل هذه المسائل وينبغي أن تحترم. ولكن من حق الرأي العام الاطلاع على بعض المسائل والحصول على إجابات في قضية 11 مليون دولار، وغيرها من القضايا. وليس مقبولاً أن تقمع الآراء المتعلقة بعلاقاتنا مع واشنطن بعد أن عانى الرأي العام كثيراً من تداعيات هذه العلاقة خلال أزمة فبراير 2011.
Opinion
سيناريو 11 مليوناً
18 يوليو 2012