بعد مرور 17 شهراً على بداية الثورة الشعبية ضد حكم بشار الأسد، وصلنا إلى النقطة الحرجة، وصلنا إلى كشف الحساب.قبل يومين وصلت بنادق الجيش الحر إلى حارات دمشق، وقتلت كتائب هذا الجيش، كما يبدو حتى الآن، صفوة القيادات الأمنية التي تدير آلة القتل السورية منذ بدء فصول الدم الأسدية. قنبلة حصدت في مكتب الأمن «الأسدي» جنرالات القتل، من الصهر آصف شوكت إلى الجنرال داود راجحة إلى «حكيم» القتل، الجنرال العجوز حسن توركماني، وغيرهم.في الأثناء، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة أمس حول الشأن السوري لاتخاذ قرار دولي لوقف المأساة، ومعاقبة نظام الأسد، وإيقاف السلاح بشكل عام حتى لدى المعارضة، ودعم خطة أنان، لكن كما هو متوقع قفز الدب الروسي على طاولات مجلس الأمن رافضاً القرار ورافعاً مخلب الفيتو، ومعه التنين الصيني التابع، بكل استفزاز وتحد للمشاعر التلقائية الإنسانية، في إثبات جديد على خلو ثقافة الحكم في روسيا والصين من أي اعتبار، أو حساسية، للبعد الإنساني وصورة الأمة في عيون العالم.بكل حال، رغم أطنان الورق في المباحثات الدولية، ورغم مصاريف السفر، وسيول الكلام والإدانات، والأخبار.. وكل هذا الرذاذ الخطابي المتطاير، ومكائد السياسة والمكر بين قوى العالم وتدافعها، حول القصعة السورية، فرض الناس في سوريا حقائق الأمور، ورسموا واقعاً جديداً، وتركوا مندوب روسيا (فيتالي تشوركين) يرفع كفه القطبية بكل صلف مشهراً الفيتو في كل مرة يريد مجلس الأمن إخراج قرار إنهاء المأساة السورية، ولو بالحد الأدنى، من خلال فرض العقوبات على نظام الأسد.بكل حال، مجلس الأمن لم يعد له معنى ولا فعالية تجاه الأزمة السورية، هو مجرد حلبة مغلقة للملاكمة بين بوتين ورفاقه وصبيانه، وبين قوى الغرب. الواقع هو ما يقوله وما يفعله الشبان على التراب السوري، من استهداف قادة القتل في عملية دمشق، هو الذي يجبر روسيا والصين والغرب كله على اتخاذ الوضعية السياسية المناسبة.لتستخدم روسيا الفيتو مئات المرات، فهو كقبض الريح والهواء الفاسد التائه في أعطاف السماء النقية، ما دام أن هناك من يفرض ويرسم الخارطة على الأرض.قلنا من قبل وقال آخرون، يجب أن ينسى مجلس الأمن تماماً، فواضح أن روسيا وتابعتها الصين في صف الأسد، وتستخدمان المبعوث الدولي كوفي أنان للعرقلة ومنح قبلات الحياة للأسد، ولننس أيضاً جامعة نبيل العربي الهزيلة، وتصريحاته المتذاكية، فواضح أنه منسجم مع الرؤية «الرسمية» المصرية، حتى مع عهد الإخوان، القائمة على مجرد التنديد والطلب بحقن الدماء والتعاطف المعنوي مع الشعب السوري، ثم التأكيد -الحازم الحاسم القاصم- على منع التدخل الدولي لإنقاذ الشعب السوري من القتل، بحجة أن ذلك يخص الشعب السوري. مثلاً: عصام العريان، القيادي الإخواني، المتبني لهذه المقاربة للأزمة السورية، رحب هو وإخوانه من قبل بثورة ليبيا على القذافي، وكانت طائرات وصواريخ «الناتو» وأمريكا في حينه «حلالاً بلالاً» عندهم! ما لكم كيف تحكمون؟!بكل حال، الثورة السورية هي التي تقود القاطرة الدولية، ويجب على بوتين ولافروف ونبيل العربي وكوفي أنان وخامنئي، وطبعاً السيد «الموجوع» حسن نصرالله. يجب عليهم كلهم السير خلف ما يفرضه الثوار على الأرض.في مثل هذه الحال نتجاوز حديث السياسة، لأننا أمام مشهد اختلط فيه نور الملاك بنار الشيطان. ويحضرني قول أبي تمام للمعتصم:السيف أصدق إنباء من الكتبفي حده الحد بين الجد واللعبنقلاً عن الشرق الأوسط
Opinion
أحزان السيدين بوتــين ونصـــــرالله!
21 يوليو 2012