أتصوّر، ونحن نحتفي هذه الأيام بعيد الفطر السعيد، أن الكلمة الطيِّبة هي السلاح الأمضى الذي نحن في أمَسْ الحاجة إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً في هذه الظروف الحرجة التي نمّر بها، فهذه الكلمة تعتبر بمثابة مفتاح الفرج لمشكلاتنا التي تبدو للوهلة الأولى مستعصيةً، لكنها قابلة للحلّ إذا ما توافرت لدينا الإرادة الفولاذية لتجاوزها، والسير قدماً بخطوات واثقةٍ نحو المستقبل الذي نأمل أن يحيا أبناؤنا وأحفادنا فيه تحت مظلة الوئام والمودة.قال تعالى في محكم كتابه "ألم ترَ كيف ضرب الله مثلاً كلمةً طِّيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون” "آية 24-25، سورة إبراهيم”، ففي هذه الآية شبّه سبحانه وتعالى الكلمة الطيِّبة بالشجرة الطيِّبة لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح مثلما أن الشجرة الطيبة تنتج الثمر النافع.قد يرى بعض القراء مبالغةً فيما ذهبتُ إليه أعلاه، لكِّنني أتصوّر أن الكلمة يمكن أن تؤتي ثمارها بالفعل من عدّة أوجه، فبالكلمة الطيبة نستطيع تهدئة مخاوف الشخص المشتعل غضباً وتحدِّياً، ومن خلالها يمكننا كسب ثقته، وجذب اهتمامه باتجاه وجهة نظرنا في القضية الماثلة أمامنا، كي لا نقول حمله على تأييدها والدفاع عنها فيما بعد، والأهم من ذا وذاك إننا بالكلمة الطيِّبة نستطيع إعادة التوازن المفقود إلى علاقاتنا الاجتماعية التي تزداد تعقيداً كي لا نقول تردِّياً بسبب التعنّت في اتخاذ بعض المواقف، والعجز عن القبول بالأمر الواقع والتعاطي معه كمعطى قائم بدلاً من الإصرار على وجود واقعٍ مغايرٍ، والتفريط بقيمة العقل الذي وهبنا الله إياه كي نتدبّر ونتفكّر فيما حولنا، وندير شؤوننا بأقل قدرٍ من القلق والتشنّج، وهذا هو الطريق الأسلم لتخفيف الاحتقان المجتمعي، وتوطيد أواصر علاقات القرابة، وصلات الرحم والقرابة والدم التي تصهرنا في كتلةٍ واحدةٍ متراصةٍ ساعيةٍ لفعل الخير، وبذر بذور المحبّة، فالاختلاف وارد في كل زمانٍ، وكل مكانٍ، ولا يمكن إلغاؤه فتلك هي سنة الحياة، لكن التحدِّي الأكبر يكمن في قدرتنا على إدارة هذا الاختلاف لمصلحة الوطن وأبنائه، وهو الأمر الذي سوف يمنحننا القوة والإرادة كي نضع بلادنا على خريطة الحضارة المعاصرة، وعندئذٍ سيتجلّى سحر الكلمة الطيبة وجبروتها!^ أستاذ التربية بجامعة البحرين