تقول المصادر إن فريقاً من جهاز الشرطة البريطانية «سكوتلاند يارد» موجود في البحرين حالياً لتقديم الاستشارة لفريق التحقيق المعني في قضية المتفجرات التي كشفت عنها وزارة الداخلية مؤخراً، هذه القضية التي حركت البيت الأبيض الأمريكي ليدين عمليات التخريب والإرهاب الحاصلة لدينا.هذه مسألة أتذكر بأننا طالبنا بها بأن يتم استقطاب فريق أمني بريطاني وتحديداً من أقوى جهاز شرطة في العالم حتى يروا «بأم أعينهم» ماذا يحصل على الأرض لدينا، وحتى تصدر عنهم بعد ذلك مشاهدات شفافة مستقلة توضح للعالم كيف أن هناك تخطيطاً واضحاً وإرهاباً منظماً في البحرين يستهدف في مقامه الأول أفراد الشرطة المعنيين بحفظ النظام في البلد وضمان سلامة المواطنين والمقيمين.هذه الخطوة تأتي بعد زيارة موفقة قام بها وزير الداخلية إلى العاصمة البريطانية أوضحت الكثير من الأمور الأمنية المعنية بالبحرين، خاصة وأن كثيراً من هذه الإجراءات لم تكن تصل بوضوح لعلم الخارج بالأخص الجهات ذات التأثير الدولي.تخيلوا أنه في الوقت الذي يمتعض فيه الناس بداخل البحرين من التعامل الأمني مع المخربين، ويتهمون الداخلية بالتهاون وبعدم تطبيق القانون وبعدم مواجهة الإرهابيين بنفس طريقة المواجهة التي تقوم بها الشرطة في بريطانيا والولايات المتحدة تحديداً، يتم «حشو» العقلية الغربية بأكاذيب وفبركات عن عمليات قمع واسعة وتعذيب في السجون وإطلاق لرصاص حي وغازات سامة، كلها يتم تصديقها بسهولة خاصة إن كان الطرف الآخر ساكتاً هادئاً لا يقوم بالمبادرة لبيان سلامة إجراءاته، وليوضح للعالم بأن شرطة البحرين تتعامل مع «الإرهاب» بأقصى درجات ضبط النفس. فقط ليخبرنا المسؤولون الأمنيون في بريطانيا والولايات المتحدة كيف يكون «ضبط النفس» مع الإرهابيين؟!البريطانيون يمتلكون قدرة واضحة على «إعادة حساباتهم» وبطريقة واضحة للعيان، وليس «في الخفاء» كما يفعل الأمريكان، إذ معرفة الحقيقة الحاصلة في البحرين بتفاصيلها كانت سبباً في «تعديل» الموقف البريطاني، وكانت سبباً في خروج أصوات عديدة معتدلة تعترف بأنها كانت ضحية نقص للمعلومات أو ضحية وصول معلومات مغلوطة لها.اليوم على وزارة الداخلية أن تستثمر وجود هذا الفريق الأمني البريطاني، والأخير مطلوب منه إصدار تقرير واضح وشفاف بشأن حقيقة الوضع الأمني في البحرين من خلال مشاهداته لما نتعرض له يومياً من إرهاب، إذ العاقل يعرف تماماً بأن «الإرهاب» لا تعريف آخر له.سننتظر ما يقوله جهاز الشرطة البريطاني، أقلها حتى يصدق المجتمع الغربي الذي تم تضليله بمعلومات كاذبة بأن ما يجري في البحرين ليس سوى حرب طائفية عنصرية تستهدف اختطاف البلد ولا علاقة لها بالناس وهمومهم المعيشية، لأن أكبر هم يعيشه الناس اليوم هو الرغبة في استعادة الأمن وإيقاف الإرهاب.مثلما كان تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور شريف بسيوني يمثل «وثيقة دولية» لا يمكن للانقلابيين الطعن والتشكيك فيها، وهو –أي التقرير- الذي بين الممارسات الطائفية العنصرية بوضوح، وما حصل في المستشفى المحتل، وفصل وفند الجرائم التي ارتكبت من قبل الانقلابيين، مثل ذلك سيكون تقرير شرطة «سكوتلاند يارد» –لو كان مقرراً له أن يصدر تقريراً- الذي سيرى الإرهاب بأم عينه (ليتكم تواصلون هواياتكم الليلية هذه الأيام لتعطوهم مثالاً صارخاً على السلمية)، مثل ذلك سيكون التقرير الذي تعرفون مدى مصداقيته ليس فقط للبريطانيين بل للعالم أجمع، إلا إن كان التوجه لتوسيع قائمة «البلطجية» وضم «سكوتلاند يارد» لها إن جاءت بحقيقة تريدون تغييبها أو تكذيبها، مثلما حصل لبسيوني وتحول عند بعضكم إلى «بلطجي» لأن تقريره ثبت الحقائق عليكم وأثبت بأن ما تعرضت له البحرين ليست ثورة من ثورات الربيع العربي بل حراك قائم على العنصرية والطائفية. اتجاه معاكسمثلما هم يستغلون الإعلام بشتى صوره وأشكاله، نتمنى أن تتحرك مؤسسات المجتمع المدني المخلصة لتتواصل مع الأجانب المقيمين في البحرين، بالأخص من الجالية البريطانية والأمريكية. ادعوهم ليتحدثوا في ندوات وتجمعات عامة، وادعوا السفيرين البريطاني والأمريكي ليكونا حاضرين ويسمعا ما عايشه مواطنوهم خلال الأزمة، وكيف كانت مشاهدات الأجانب لها، لا لأن السفيرين لا يعرفان ذلك، بل حتى توثق هذه التصريحات والمشاهدات، وحتى يتم تسجيلها ونشرها.البحرين كانت بلد محبة وتسامح، يعيش فيها الغريب والأجنبي مثل المواطن في أمان وسلام، وسط فعاليات عدة لا تنتهي، فجأة ومن دون سابق إنذار وجد هؤلاء المقيمين أنفسهم وسط أجواء خوف ورعب وإرهاب، العمالة تعرضت للاختطاف والضرب والقتل، مواطن بريطاني قطعت أصابعه، وتحولت أجواء الأمان إلى أجواء قلق. لا تسمعوها منا كبحرينيين، اسمعوها من المقيمين الأجانب الذي عايشوا الأزمة ورأوا الحقيقة بأعينهم خاصة القاطنين في شارع البديع، خاصة الأمريكان والبريطانيين الذين استلموا كتيراً من «إيميلات» التحذير وإرشادات اتخاذ الحيطة من سفاراتهم.
Opinion
«سكوتلاند يارد» في البحــــريــــن
02 يوليو 2012