بان هلال شهر رمضان ليعلن أياماً من أجمل أيام العمر. ففي هذا الشهر تكتسي قلوبنا راحة، ونوراً يملأ السماء. شهر رمضان يمتاز باجتماع الأهل حول مائدة الإفطار والتقاء الناس بين وقت وآخر إما في مجالس الذكر والقرآن، أو في المسجد للصلاة، وحتى في جمعات الأهل والأصحاب للتهنئة بقدوم هذا الشهر الكريم.جمعتني وهذا الشهر ذكريات جميلة منذ صغري، تعلمت منها الكثير، فأيام الطفولة لابد من أن نتفطر في بيت الجد والجدة لنتعود على اجتماع العائلة والجلوس على سفرة واحدة ننهل منها المعرفة قبل الطعام، وقبل أن نذهب إلى منزل جدي أحمد رحمه الله. كان والدي يأخذها لرؤية مدفع الإفطار الذي كان حينها بالقرب من قلعة عراد،. ورغم خوفنا من صوته الكبير وإغلاق آذاننا إلا أننا نحرص على ترقب اللحظات لنتعلم أن للصوم وقتاً وللإفطار وقتاً، وما أجمل ليالي المحرق في رمضان حين كان جدي يفتح دكانه الصغير ليجلس مع أصحابه يتبادلون الأحاديث ويتزاورون، فحتى الصغار يأتون للسلام عليه، أما جدتي أم والدة مريم رحمها الله فكانت تنتظر قدومنا للفطور ليجتمع الأبناء والأحفاد، ونعرف أهمية هذا التواصل واللقاء في توطيد العلاقات، فهكذا هو رمضان يجمع الناس من كل مكان. في شهر رمضان عرفت قيمة الحجاب بهدية صغيرة لطفلة ارتدته بعد عودتها من صلاة التراويح، مازلت أذكر ذلك الموقف بتفاصيله ومازال يطبع في ذاكرتي كلما نظرت إلى حجابي. فكنت أذهب إلى المسجد لصلاة التراويح مع والداي اللذين درباني عليها وعلى الصيام منذ الصغر، في ذلك اليوم كنت أبلغ من العمر 9 سنوات، بعد عودتي من الصلاة ذهبنا إلى منزل جدي محمد فمازال مسجد القرآن يفتح في كل رمضان حتى بعد وفاة جدي وعمي عبدالعزيز رحمهم الله لنكتسب أهمية استغلال الشهر بقراءة القرآن وتدبره وختمه، في ذلك اليوم لم أرد خلع حجابي الصغير فذهبت به إلى منزل جدي، حينها شاهدني عمي صلاح رحمه الله وفرح فرحاً كبيراً لرؤيتي بالحجاب رغم إني صغيرة، حينها ابتسم في وجهي وسلم علي وذهب، بعد فترة عاد ليأتيني بشريط وردي به أجمل الأناشيد هدية لي بهذا الحجاب، وها أنا كبرت ومازلت أحتفظ بهذا الشريط الذي علمني من خلاله عمي أن ما كنت أرتديه هو عز وفخر لكل مسلمة ومرضاة لله سبحانه. هذه ذكريات بسيطة تجول في ذاكرتي وذاكرتكم جميعاً، فكما تعلمت أنا في صغري الكثير من رمضان، فلابد أن نعلم أطفالنا أهمية الصيام والصلاة وندربهم عليها وعلى الكثير من العادات والأخلاق بممارسات بسيطة يكتسبونها. فرصةشهر رمضان فرصة لتغيير النفس، وتعويدها على الكثير من الأمور، فرصة للتقرب إلى الله بالعبادة والطاعة، نستطيع أن ندرب أنفسنا على التدبر في قراءة القرآن والخشوع في الصلاة، نعود أيدينا على الصدقة ولساننا على الذكر الله والتسبيح والاستغفار، لنرفع أيدينا بالدعاء لأنفسنا وأهلنا وأصدقائنا وموتانا والمسلمين، ولا ننسى البحرين في دعائنا، لنجرب زيارة الأهل والأصدقاء والسؤال عنهم لتوطيد صلة الرحم التي قلت مع مشاغل الدنيا ووسائل التكنولوجيا. همسةشهر الخيرات يمر وأيامه تنقضي، فهل سنتركه يمر هكذا؟ لنضع لنا خطة نحسن فيها استغلاله، ولنتزود بالطاعة والعمل الخيري ورسم الابتسامة على وجوه الآخرين.