إن التحضير لأي استحقاق لا يأتي بمجرد النظر إليه والترقب له إلى أن يأتي الموعد وتتم المشاركة، بل للتحضير عدة جذور وعدة أغصان يجب أن نحذو حذوها حتى نصل للهدف.التفاصيل يجب أن تتضمن لأنها الجندي المجهول وراء كل تفوق، ولنتخذ من التجارب الخارجية أبسط الأمثلة وأكثرها قيمة وإلهاماً، فعندما فاز المنتخب الإسباني بكأس العالم 2010، كان وراء ذلك الإنجاز تفاصيل دقيقة لم أكن على علم بها، فالمنتخب الإسباني لعب بعد اليورو الذي فاز فيه بعام 2008، أحد عشر لقاء ودياً مع منتخبات متنوعة المستويات، فرسم الاتحاد الإسباني الخطة التحضيرية لكأس عالمه قبل عامين من بدئها، وصنف المنتخبات التي سيلعب أمامها على 3 مستويات، عالية، متوسطة ومنخفضة، والعالية كانت كإيطاليا وفرنسا، بينما كانت المتوسطة كانت منتخبات كسويسرا والمكسيك، والمنخفضة مثل السعودية، ونظمت تلك الخطة بناء على تفاصيل دقيقة جداً، فموعد التدريبات كان محدداً حسب الساعات والدقائق منسقاً مع درجة الحرارة، وليس ذلك فقط بل الوقت الذي يستدعي فيه المنتخب الإسباني للاعبيه لم يكن في ظل مرور الأندية بضغوطات المباريات، علاوة على ذلك فإن الإسبان كانوا يدرسون إحصائيات اللاعبين، أي كم يجب أن يلعب ذلك اللاعب من دقائق، فإذا كان يستحق كمثال 27 دقيقة لعب فسيلعبها بالضبط 27 دقيقة فقط من دون حتى زيادة ثوانيها، وكما قال أنخيل فيار رئيس الاتحاد «لا أحد يعرف فلربما لو ما كانت تلك الثواني والدقائق في جدول التخطيط لما فزنا بالمونديال»، فأي تقدير تكنّه تلك الدول لأعمالها التخطيطية لدرجة أنها تستلهم ما بداخلها من حماس ووطنية وتترجمه في دقة تفاصيل وصدق مخططاتها.لا أقارن بالطبع أياً من الدول العربية بإسبانيا، ولكن ذلك العمل بحاجة للتأمل حقاً، وها هي الإمارات قد وضعت خطتها لكأس الخليج وأعلنتها قبل فترة رغم تشتت طاقمها الفني، ولكنهم بالكاد يريدون من اللاعبين دخول تلك البطولة مبكراً، دخول بطولة الخليج بشكل فعلي من بوابة المباريات التحضيرية، ولعل الخطوة التي أعلن عنها الاتحاد الإماراتي لها أبعاد أعمق من أنها قد تكون مجرد خبر إعلاني، فالتجاوب الكروي من جانب مؤسسة الاتحاد مع الصحافة والشارع الرياضي كان له الصيت الخفي، وهي وسيلة وطنية سامية وتعاون مثمر بالتأكيد، وإن لم تفز الشقيقة بتلك البطولة، فسيثمر كل ذلك بذرة تجربة تعاونية جديدة قد تخفف من الضغط في حال الخروج.أن تكون قد أشركت صحافتك وشارعك الرياضي في مشروعك الوطني فهذه قيم ومبادئ وصل لها الكثيرون، ولم يتبق من يناقضها سوى القليلون.hassan10-h@hotmail.com
Opinion
عِبر ودروس إسبانية إماراتية
26 يوليو 2012