عندما يبدأ بعض القادة العرب في الدول التي شهدت موجة الربيع العربي بطرح مبادرات أو مشاريع على المستوى العربي، أو حتى مبادرات ومشاريع على مستوى مساعدة بعض البلدان العربية، فإن ذلك يثير التساؤل حول جدية هؤلاء القادة في تحقيق تطلعات شعوبهم بعدما تمكنت الثورات الشعبية بالإطاحة بالنخب السياسية الحاكمة في السابق؟ السؤال بصياغة أخرى؛ هل يمكن تفسير سبب اهتمام بعض القادة العرب بالحديث المبالغ فيه عن الدول العربية الأخرى بأنه وسيلة لإشغال الرأي العام في بلدان مصدر التصريح عن القضايا الجوهرية التي باتوا يطالبون فيها؟ القادة الجدد في الدول العربية يركزون اليوم على قضايا إقليمية وقضايا دولية، ويتجاهلون قضايا بلادهم ويتناسبون تطلعات شعوبهم التي باتت متعطشة للديمقراطية ولتحسين مستوى معيشتها بعد نجاح الثورات الشعبية التي غيّرت النخب التقليدية الحاكمة. عندما يتدخل بعض القادة العرب الجدد في شؤون البحرين فإن تدخلهم يعد غريباً ودخيلاً لأن المنامة لم تتدخل قط في شأن بلد عربي شقيق حتى الآن، أو حتى من الناحية التاريخية. إذا كان هناك من يحاول الوساطة لأزمة المنامة فإن الأولى أن يركز جهوده على تحقيق تطلعات شعبه وطموحاته، خاصة وأن بلاده تنتظر الكثير من العمل لتحقيق التنمية والسعي نحو الوصول إلى مستوى الطموح العربي -على الأقل- ولا أعتقد أن ما تسمى بـ "قضية البحرين” صارت مهمة حتى تكون ضمن أجندة بعض القادة العرب الآن، لأن المنامة استطاعت تحقيق العديد من المنجزات في مختلف المستويات. وحتى لو تمت مقارنة التطور الدستوري والسياسي في إطار التحول الديمقراطي بين البحرين وبعض بلدان الربيع العربي فإن النتيجة ستكون واضحة، إذ لا وجه مقارنة بين التحول الذي شهدته المنامة بتوافق ثنائي بين الشعب والقيادة، وحالة اللاتوافق التي شهدتها بلدان الربيع العربي وأدت إلى التضحيات حتى نال الشعب حريته واستطاع التوافق مع نفسه ليبدأ تحوله الديمقراطي الذي ينشده. خلال ذروة الربيع العربي (النصف الأول من العام 2011) ظهرت تخوّفات من أن تشهد العلاقات العربية - العربية مسارات عنيفة تقوم على الخلافات البينية والتدخلات في الشؤون الداخلية، وبعض المحللين راهنوا على هذا المسار لسبب بسيط وهو تعارض المصالح الأيديولوجية عن تلك المصالح التقليدية التي عادة ما تقوم عليها العلاقات البينية العربية. ولكن يبدو أن إرهاصات هذه التوقعات بدأت بالظهور الآن، ومن المتوقع أن ننال نتائجها بشكل سلبي خلال الفترة المقبلة.
Opinion
هل حققت الثورات العربية أهدافها؟
31 يوليو 2012