أعتقد أن هذا السؤال يطرحه البعض منا على نفسه بين الحين والآخر: نعم، ماذا لو لم تقع أحداث فبراير 2011؟ قد يجيب بعض القراء الكرام: لكنا في حال أفضل مما نحن عليه الآن، وهذا صحيح، ولكن جزئياً، لأن أعظم لحظة لدى الإنسان هي لحظة اكتشافه للحقيقة. والحقيقة التي اكتشفناها بعد "أحداث فبراير” أكّدت ما كان قائماً قبلُهُ: حقيقة أننا شعب متحاب فعلاً، وليس بيننا أي ضغائن أو أحقاد، كما يحاول البعض أن يشيع أو يتمنى أن يحدث ذلك، نحن كمواطنين بحرينيين نُحِّب بعضنا بعضاً، ونتمنى الخير لبعضنا البعض، ونعشق بلدنا بأرضه وترابه وسمائه وبحاره، بنسمات هوائه العليل الذي يفترض أن تطهِّر ذرّاته قلوبنا من كافة أشكال الكراهية والنزعات الطائفية البغيضة، وأن يجمعنا دوماً على المودّة والتراحم المجتمعي. إن من حسنات الأحداث التي وقعت في فبراير من العام الماضي أننا صرنا ننظر لبلدنا بعينٍ أخرى تختلف عن عيون الغرباء أو الوافدين، فبعض هؤلاء قد ينظر إلى البحرين فقط كبلدٍ خليجيٍ يتربّع على بحيرةٍ من النفط، ومهمّته أن يغرف منها قدر ما استطاع، وتختلف أيضاً عن عيون الحسّاد أو الطامعين، فهؤلاء لا يعجبهم أن نختلف فيما بيننا، وندير خلافاتنا بالحسنى، فهم يريدونها معركةً طائفيةً أهليةً تحرق الأخضر واليابس، وتقضي على كل الإنجازات ومظاهر الحياة المتحضرة، لنصحو ذات يوم على أطلالٍ وخرائب زرعتها أوهام الخطابات الناريّة الجوفاء.وإذا كانت الأحداث التي انطلقت في فبراير ترمي إلى إضفاء المزيد من الديمقراطية على الحياة السياسية، وترسيخ مرتكزات دولة الدستور والقانون، وتحسين أوضاعنا المعيشية، فنحن بتكاتفنا ووحدتنا وإرادتنا وسواعدنا قادرون على تحقيق ذلك دون تدخِّلٍ أو وصايةٍ من أحدٍ.كل ما نحتاجه هو الإقرار بأن الخلاف في الرأي لا يفسد للودِّ قضيةً، وإن مصلحة الوطن العليا هي التي تنير طريقنا الشاق نحو الديمقراطية، والمساواة، والسلم الأهلي، والوحدة الوطنية، والتقدّم الاجتماعي، وفي هذه الأهداف تحديداً يكمن مغزى حياتنا، ومجد ماضينا العريق المفعم بالحب والتفاهم، وهو الماضي الذي كدنا ننساه لولا أحداث فبراير 2011!. ? أستاذ التربية بجامعة البحرين
Opinion
05 سبتمبر 2012