كما يحتاج الإنسان إلى الطعام الصحي والملبس النظيف والمسكن اللائق به أيضاً فإنه يحتاج إلى الأمن، فالأمن لا يعني (الشرطة والجيب ومراكز أمنية) بقدر ما الأمن هو الضرورة الأولى لحياة المواطن، فهو يُحقق الطمأنينة الذاتية في حفظ نفسه من الشرور، وأساس استقراره في مجتمعه، فمتى كان هناك أمن فسيتحقق الاستقرار ويتوفر كل شيء للإنسان بقدر حاجته وأكثر. فبتوافر الأمن تنجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الوطن وتكثر الاستثمارات الوطنية، وبغياب الأمن يخسر الوطن والمواطن الكثير من الأشياء، وحتى يمكننا المحافظة على ما لدينا ونزيد منها لابد من العمل على توفير الأجواء الحقيقية للأمن التي توفر للمواطنين جميعاً حياة اجتماعية ومعيشة اقتصادية واستقرار نفسي ووطني وإنساني. ويمكن لأي إنسان أن يحوز على القليل من الملابس ويتأخر عن تناول طعامه ويقبل السكن في مسكن لا يلائمه.. لكنه لا يستطيع أن يعيش في مجتمع غير آمن، مجتمع يعبث به الآخرون، مجتمع يعمل على تهميش وإقصاء مَن لا يتفق مع هذا أو ذاك.- مثل ما يحتاج الوطن والمواطنون إلى الأمن فذاك يعني أنهما يحتاجان إلى القانون، وهدف القانون هو حماية الإنسان وجعله يعيش في مجتمع آمن، ومن أجل تنمية الذات الإنسانية وتهذيبها، فقانون العقاب يتم فرضه على أولئك المخالفين لسلوكيات المجتمع الاجتماعية والاقتصادية، أما قانون تنمية الذات الإنسانية وتهذيبها فهو من أجل حماية المواطن أولاً من نفسه من الانزلاق في الطرق التي تؤدي إلى الهاوية المهلكة، وحماية الوطن ثانياً من تداعيات هذا الانزلاق، وثالثاً تهذيب النفس التي آلت على نفسها أذية وطنها. فالقانون هو كالدواء الشافي للأمراض. ولكن للأسف هناك من يَقدم ويتجاسر على الوطن وقيادته وشعبه، وعندما يتدخل القانون في مصلحته يدعي بأن ذلك هو انتهاك لحقوقه الإنسانيةّ!! إن مَن يدافع عن حقوقه الإنسانية يجب عليه ألا يتناسى حقوق وطنه؛ بل عليه واجب الدفاع عنها.- للمنابر الدينية في المساجد والجوامع والمآتم دور وطني، فهي وجدت من أجل توعية المواطنين، ومُعتلو المنابر يجب أن يكونوا على قدر تام بهذه المسؤولية، وهي أمانة وطنية ومسؤولية دينية يجب ألا تضع في يد من يعمل على بث الكراهية والضغائن بين المواطنين، ويخلق حاجزاً بين المواطنين والوطن. لذلك يجب أن يتصف مُعتلو هذه المنابر بالوطنية الصادقة، وبقول الحق والحقيقة، وبعدم ابتزاز هذا المنبر من أجل الترويج لأجندات شخصية أو تمثيل أجندات خارجية، أو القيام بتأجيج النفس الإنسانية ضد الأخرى. وهنا يأتي دور وزارة العدل والشؤون الإسلامية في وضع آلية خاصة لاعتلاء المنابر الدينية من أجل تحقيق أهدافها الدينية والوطنية والإنسانية.- لربَ نازلة ذات فائدة، إن ما حدث للبحرين من أحداث وتداعيات قد أثر فينا جميعاً، إلا أنها في ذات الوقت حققت فعلاً إيجابياً، فقد عززت هذه المحنة التلاحم بين المواطن ووطنه، وساهمت كثيراً في تنامي الأصوات المدافعة عن وطنها. كما إنها أدت إلى تأسيس عدد من الجمعيات الوطنية والاجتماعية بهدف الدفاع عن البحرين وللتخفيف من تداعيات هذه الأحداث، وهي مبادرات وطنية صادقة تهدف إلى تجميع الأوصال التي مزقتها هذه الأحداث، ولتحقيق أهداف هذه الجمعيات يتطلب من جميع أفراد المجتمع التعاون معها. وإذا كان هناك اختلاف في عدد من الأمور فيجب علينا عدم الاختلاف على أمن الوطن وسلامته، وعدم المساومة عليه لصالح الأجندات الخاصة أو الأجنبية، بل يجب أن يكون الوطن هو موضع لتآلفنا الإنساني وموقع لاتحادنا الوطني.- لكل مجتمع خصوصيته الوطنية، وكل ما يتعلق بمجتمعنا البحريني يتعلق بنا نحن البحرينيين، فهذا الوطن الذي يحتضننا جميعاً نحن المسؤولين عنه وقدرنا الوطني هو حمايته، ونحن قادرين بوحدتنا وتآلفنا على إيجاد المخارج السليمة والآمنة لكل مشاكل وطننا. والبحرين وما تملكه من مساحة كبيرة للتعايش الوطني والإنساني وبشعبها المتناغم اجتماعياً وتاريخياً ودينياً وبقيادتها الحكيمة لقادرة بعون الله تعالى العبور بأمان إلى ضفة السلام والوئام الوطني بدون أية خسائر تذكر، وهي حقيقة واضحة لمن يقرأ بتأنٍ تاريخ البحرين. وإن اختلفنا في الرؤى فنحن أخوة يجمعنا وطن واحد تحت ظلال قيادة سياسية واحدة. لذلك فالبحرين وشعبها لا يحتاجان إلى أية وساطة أجنبية بقدر ما تحتاج إلى تمسك شعبها بأرضه والتفافه بقيادته بعيداً عن أية أجندات أخرى. فاتحادنا يُقربنا وتلك الأجندات تفرقنا، وتمسكنا بوطننا يؤلف بيننا والأجندات تدمرنا، فصاحب الدار أدرى بها وبطرق حل مشاكلها.- عالمنا اليوم هو عالم القوة والاتحاد، ولتحقيق أهداف مجلس التعاون الخليجي نحتاج إلى قوة إضافية والتي تتمثل بانتقال صيغة التعاون إلى الاتحاد الخليجي، ولمواجهة التحديات الداخلية والإقليمية والدولية يتطلب قوة أكبر وإمكانات أكثر، لأجل ذلك فقد رحبت مملكة البحرين وقيادتها وشعبها بانتقال مجلس التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وتتطلع مملكة البحرين إلى الكثير من الآمال والتطلعات الوطنية والشعبية إلى بزوغ هذا الاتحاد الذي سيحقق أهدافنا الوطنية البحرينية والخليجية والعربية، وسيكون بإذنه تعالى السند الذي يحمي الوطن من كافة التحديات والمخاطر الذي تحيط به.يسعد كل مواطن بحريني وعربي أن يستمع لجلالة الملك ويقرأ تلك التغريدات التي تعتبر نبراساً وطنياً ومنهجاً صائباً للعمل الوطني والمؤسسي، فالعمل والإنجاز ليس بالمقدار الكمي وإنما بجودته وتمايزه وبمواكبته بكل عصري وتحديث. ونحن على يقين بأن جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية البحرينية تتمتع بكفاءة عالية في العمل والإنجاز، وقادرة على فعل ذلك سواء بمفردها أو بالتنسيق فيما بينها، خاصة أنها تضع في مقدمة أولياتها خدمة المواطن البحريني وبتعزيز مكتسبات الوطن، ومد جسور التواصل بينها وبين الوطن هو ما سيحقق تلك الأهداف في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية وفق استراتيجية عمل متكاملة ومتطورة ذات كفاءة ومهنية عالية.ويقيناً أن ما حدث لوطننا من أحداث قد زاد من قوتنا وعزز من لحمتنا الوطنية، وكل سلبية حدثت تركت وراءها الكثير من الإيجابيات الوطنية، وكل نكسة حققت لنا المزيد من الظفر الوطني.
Opinion
تغريدات في حديث جلالـــــــــة الملـــــــك (2)
30 يونيو 2012