استضافت مدينة المنامة بمملكة البحرين مؤتمراً حول «أمن الخليج العربي»، وبدأ المؤتمر أعماله في يومه الأول بمجموعة من الكلمات برزت منها ثلاث رسائل مهمة تتعلق بالتحديات التي تواجه الأمن في منطقة الخليج العربي، وهذه الرسائل مهما تعددت فإنها لا تختلف في هويتها ولا تقل أهمية إحداها عن الأخرى، فهي تحمل صفة واحدة وترمي لهدف واحد، ألا وهو تحقيق الأمن في منطقة الخليج العربي.الرسالة الأولى صدرت عن الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير داخلية مملكة البحرين، حيث أشار إلى أن البحرين وأقطار الخليج العربي قد تأثرت كثيراً من تداعيات أحداث الربيع العربي الساخنة التي تسببت في إيصال تيارات ذات صبغة إسلامية إلى سدة القرارات. وقد استغلت الحكومة الإيرانية هذا الحدث في أن تمددت إقليمياً على حساب هوية الأقطار العربية الخليجية وشعبها وسيادتها الوطنية. ولا شك أن التطرف الديني المذهبي يعتبر من المهددات للأمن الوطني، حيث يستغل البعض الدين لتحقيق أجندات طائفية وبدعم خارجي، وأن استغلال الدين لهذه الأغراض يشكل تحدياً آخر أمام عقد دولة القانون والمؤسسات وإقامة الدولة المدنية العصرية التي تتميز بالتعايش السلمي بين مختلف مكوناتها الاجتماعية والعرقية. ولعدم تحقيق أهداف وأجندات البعض السياسية والطائفية فإن الأمر يتطلب بحرينياً وخليجياً اتخاذ موقف خليجي وطني موحد ضد مختلف هذه التحديات والأجندات، وذلك من أجل إبعاد المنطقة عن مواقع التصادم والقلاقل، ووقف تأجيج المشاعر الطائفية التي تؤدي إلى التأزم السياسي والتشرذم الطائفي والتفتت الاجتماعي، ومن أجل امتصاص حجم الفوضى ووضع حداً للتدخلات الأجنبية في شؤون أقطار الخليج العربي. وهذا الدور يتحمل عبئه الدولة بجانب المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني بكافة أطيافها، ومنظمات حقوق الإنسان. الرسالة الثانية أشارت إليها سميرة بن رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، فقد أوضحت إلى دور وسائل الإعلام في تأجيج الأحداث والعمل على توسعت مجراها، فوسائل الإعلام المجردة من وسائل الحرية الحقيقية والتعبير الصادق ومن المسؤولية المهنية تلعب دوراً في خلق الفوضى في المجتمع. فاليوم وعن طريق الشبكة الدولية للمعلومات والمواقع الإلكترونية التقنية يستطيع أي شخصٍ كان في أن يكتب ما يشاء ويتقوَّل على الدولة والآخرين دون وازع ولا ضمير، ويستطيع أيضاً أن يرسل ما يكتبه ويصوره إلى القنوات الفضائية والإذاعية والجرائد المُحرضة لهذه الأحداث التي تعمل بدون أية قيود قانونية ولا أخلاقية. وهنا يتم استغلال الجانب السيئ من وسائل الإعلام لخلق الاضطرابات، حيث إن المعلومة الإعلامية سلاح ذو حدين، فهناك أثر محمود وطيب على الدولة والشعب والمجتمع للمعلومة الصحيحة والصادقة، وأثر مهدم ومدمر للمعلومة المغلوطة، حيث تكمن أهمية المعلومة في قيمتها وصدقها، وأن استخدام المعلومة الخطأ في أحداث البحرين أدى إلى تأجيج الموقف السياسي. وتكمن مسؤولية هذا الدور في هيئة ووسائل الإعلام، فالإعلام بمختلف مكوناته الفضائية والإذاعية والكتابية والتقنية هو وحدة إعلامية متكاملة يمكنه أن يخلق مجتمعاً متقدماً وحضارياً وناهضاً كما أنه يمكن أن يشعل الحرب والصراعات داخل المجتمع، فعلى وسائل الإعلام أن تكون يقظة وصادقة لدورها المهني والوطني، وهي مسؤولية تتحملها بصورة صادقة جميع أجهزة الإعلام ومن يعمل بها.وجاءت الرسالة الثالثة من قبل الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لأقطار الخليج العربي، مشيراً إلى دور هذه المنظمة العربية الخليجية في حفظ أمن واستقرار أعضائها الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن العربي ومن الاستقرار الإقليمي في المنطقة. وأنه لا يمكن مواجهة التحديات التي تواجه أقطار الخليج العربي بصورة منفردة بل تتطلب تنسيقاً متكاملاً بين جميع الأقطار وفي مختلف أوجه التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني، وبخاصة في وجه الاستفزازات الإيرانية المستمرة والمتكررة التي تهدد الاستقرار والأمن في المنطقة، وهو أمرٌ يتنافى مع المساعي الخليجية والعربية والإقليمية والدولية لحفظ أمن المنطقة واستقرارها. وهذا الأمر يتطلب خلق مجتمع مدني خالٍ من المذهبية الدينية التي تهدد الاستقرار الداخلي لأقطار الخليج العربي. وهنا تأتي أهمية انتقال مجلس التعاون إلى الاتحاد الخليجي، وهي صيغة تناسب المرحلة التي تعيشها المنطقة ووسيلة جماعية لمواجهة كافة الأخطار التي تواجهها