بسبب أن بعض الوزارت الحكومية، مع الأسف الشديد، ولشدة تجاهلها كل النداءات والتقارير والأخبار والشكاوى والمقالات الصحافية التي تتناول إهمالها وسوء أدائها مع الجمهور، أصبح الكاتب البحريني اليوم لا يرغب في أن يصطدم مع هذه المؤسسات الأسمنتية الجامدة، لأنه سيكون عدواً في نظرها، أو أنه في أتعس الحالات سيقوم بقطع الأمل من تلك المؤسسات في أن تقرأ ما يكتبه عبر مقالاته وتقاريره. هناك من الزملاء الصحافيين من يذهبوا إلى أبعد من ذلك وربما نشاطرهم الرأي؛ وهو أن تلك المؤسسات الرسمية المحنطة، تتعمد أن تتجاهل آراء السلطة الرابعة حتى يدب اليأس في نفوس كتابها، فيشعروا بعد ذلك التجاهل في أنهم يتحدثون مع الهواء، أو كأنهم ينحتون فوق سطح الماء، ولهذا وبعد فترة من الزمن، سيكون التجاهل طبعاً للمؤسسة الرسمية، ويكون اليأس علامة من علامات الإنسان الصحافي، وبهذا النسق في التعامل مع الصحافة، ستنفك عقدة الوزارة الخاملة عبر الهروب من الإعلام، وعبر هروب الصحافي من تناول مشاكل تلك المؤسسة. لا يمكن أن تتطور مؤسسات الدولة عبر هذا المنهج الغريب في التعامل مع الصحافة، ولا يمكن لأية مؤسسة حكومية أن تقدم خدمات ذات جودة عالية للجمهور، وهي التي ترفض حتى الإصغاء لأخطائها وتقصيرها مع المواطنين. مازالت بعض الجهات الرسمية تتعامل مع الإعلام عبر أدوات غير علمية ولا عصرية، ذلك من خلال السعي لتلميع صورتها وإبراز إنجازاتها إعلاميا، والتستر على أدائها الضعيف، والذي لو انكشف للجهات العليا، فإنها ستكون تحت طائلة المُساءلة القانونية والاخلاقية، كما إن الجمهور لو عرف كيف تُدار تلك المؤسسة لأقام الدنيا ولم يُقعدها. إن أفراد السلطة الرابعة ليست لديهم عداوات شخصية مع تلك المؤسسات الحكومية المقصِّرة، بل على العكس من ذلك، إذ إنني أرى بأن غالبية الصحافيين يحاولون التقرب من الجهات الحكومية، من أجل التعاون معها ونشر خططها وبرامجها التوعيوية والإرشادية للجمهور، لكن مع الأسف، هناك من يتعمد الهروب منها، والتعامل معها بفوقية قبيحة، وهذا خلاف ما تسعى إليه القيادة السياسية في الوطن، والتي تصمم على أن تكون كافة القنوات مفتوحة بين الجمهور والدولة. لن تتغير عقليات بعض تلك المؤسسات المتكلِّسة، إلا إذا تغيَّرت الإدارات القائمة عليها، لأن العقلية التي تخاف أن تصرِّح لصحيفة محلية، أو تتهرب من أسئلة الجمهور، هي عقلية بدائية لا يمكن أن تتناغم والعصر الحديث، عصر الإنترنت وفيس بوك وتويتر وغيرها من وسائل الإعلام التي تفوق سرعة انتشارها سرعة الضوء. في موازاة هذه الوزارات الجامدة، هناك في المقابل وزارات ومؤسسات حكومية، متعاونة للغاية، تلوم الصحافيين في حال لم يتواصلوا معها. هذه الوزارات المتطورة يجب أن تكون نموذجاً يحتذى به من قبل المؤسسات الأخرى غير المتعاونة، فالتعاون يصب في نهاية المطاف في خدمة الجمهور أولاً، وفي إبراز جهود وإنجازات المؤسسة الرسمية ثانياً، أما الإعلامي فليس له من كل ذلك إلا الشقاء والتعب، والرغبة في أن يرى وطنه ومؤسساته الرسمية تسير في السكة الصحيحة، وكان الله غفوراً رحيماً.
Opinion
هذا ما يريده الصحافي.. أنتم ماذا تريدون؟
19 يونيو 2012