في السابق كانت النظرة السائدة عن السفراء في الخارج (نظرتنا الشعبية) لا تتعدى إيفاد شخص يفترض بأنه ثقة وكفاءة لتمثيل البحرين دبلوماسياً في هذه الدولة أوتلك، تكون مهمته محصورة في تعزيز أواصر العلاقات والتعاون الثنائي في جانب، وفي جانب آخرالاهتمام بشؤون البحرينيين المتواجدين في تلك الدولة، سواء مسافرين أو مقيمين أو دارسين، إضافة للقيام بمهام رسمية معنية باستقبال الوفود الرسمية الزائرة من البحرين لتلك الدول في مهام عمل أو زيارات دبلوماسية.لفترات طويلة كان ينظر بدون اكتراث لدور السفراء، باعتبار هذا الموقع يمكن أن يسده من كان، حتى لو لم تكن مؤهلاته رفيعة أو خبرته كبيرة، فهي عملية سهلة جداً يمكن أن يقوم بها أي شخص، وعليه سادت فكرة أخرى في جانب آخر بأن من يوضع سفيراً كأنه شخص يكافأ ويجازى على جهوده وخدماته للبلد فيما سبق من مهام تولاها، فرأينا تعييناً لوزراء سابقين، أعضاء شورى، وشخصيات مجتمعية.بيد أن الدور اليوم اختلف تماماً، باعتبار أن دورهم كممثلين للدولة وناطقين رسميين لها في الخارج أهم وأكبر من الدور الاعتيادي الذي كانوا يلعبونه سابقاً.نرى اليوم تبايناً في أداء السفراء، فهناك من يجد ويجتهد في لعب دوره الصحيح وتمثيله الدولة وبيان الحقائق التي شهدتها خلال الأزمة من خلال تفاعله ورده على أية مغالطات أو تضخيم إعلامي يمارس من قبل وسائل الإعلام، وتحوله لمتحدث رسمي قوي يدافع بالحقائق والحجة والمنطق الشفاف الصريح عن البحرين بإبرازالحقيقة. بينما بعض آخر من السفراء لا نسمع لهم حساً ولا خبراً، بل نجد في المقابل أن الدولة التي هو فيها تنتشر فيها المغالطات بشأن البحرين فلا ردة فعل أقلها للتوضيح والتصحيح. يحصل هذا حينما نضع سفراء لم يتم تهيئتهم بشكل صحيح من قبل المعنيين بتهيئة رجال السلك الدبلوماسي، وحينما يكون بعضهم فاقداً للمهارات الإعلامية وفن التواصل، ويرى وجوده في هذا البلد أوذاك نزهة أو نقاهة مابعد عمل سابق مضنٍ. من أبرز اللقاءات التي شهدتها البحرين خلال اليومين الماضيين هو لقاء سمو رئيس الوزراء حفظه الله مع سفراء المملكة المعتمدين في دول العالم، باعتبار أنه لا يصنف ضمن اللقاءات الروتينية التي تتناول شؤونا عامة بل يأتي في إطار الاهتمام أكثر بالدور الحساس والخطير الذي يلعبه أي سفير اليوم في الخارج.كان من الإيجابي جداً أن يجتمع السفراء مع سمو رئيس الوزراء الرجل المحنك للاستماع لتوجيهاته والإطلاع على رؤيته بشأن الدور المطلوب منهم في هذه الفترة، خاصة وأن البحرين تعرضت لحملة تشويه عالمية في دول بالكاد وصلت إليها الحقيقة، وبالتالي حينما لا يتم الرد على المغالطات بالحقائق، يتحول الباطل إلى حق لدى الغرب والمتلقين، طالما صاحب الحق ساكت لا ينبس بحرف.الوقت تغير، وهذه المواقع تحديداً باتت تحتاج لأشخاص مؤهلين وأقوياء، لديهم القدرة على الدفاع عن البحرين بلا تردد أو ركون أو مهادنة، إذ هنا لا نحتاج لخطاب متذبذب ضبابي المعالم، بقدر ما نحتاج لخطاب قوي مبني على الحقيقة ولا شيء غيرها، يستعرض ما تعرضت له البحرين من محاولة اختطاف وجرائم وغيرها، مع استعراض التعامل الحكيم للدولة من معالجة واحتواء وخطوات غير مسبوقة قامت بها بتوجيهات من جلالة الملك حفظه الله. دون ترك الساحة هكذا تسود فيها أكاذيب وفبركات أياً كان، وتسقط ضحيتها أنظمة وشخصيات تمضي لتصديقها لأن الطرف المعني لا يتحدث، وإن تحدث فإنه لغته غير مقنعة وغير قوية.سمو رئيس الوزراء رسم خريطة عمل واضحة ومبسطة للسفراء الذين عليهم عبء تمثيل البحرين في الخارج، قائمة على أساس صلب مبعثه أنكم تمثلون قضية عادلة، وعليه صاحب الحق وحامل الحقيقة لا يحتاج للمراوغة والكذب والتلون، قضية البحرين حينما تستعرض للعالم لا تحتاج سوى للحقيقة ولا شيء غيرها. وعليه فإن أهم أساس هنا إطلاع الدول على حقيقة الإنجازات الإصلاحية في البحرين وعمل الحكومة الدؤوب لزيادة هذه المكتسبات، وما تحقق للمواطن البحريني على مختلف الأصعدة.تخيلوا أنه في بعض الدول لا يعرف الناس هناك ولا وسائل إعلامهم بأن هناك مشروعاً إصلاحياً بدأت ملامحه تبرز بقوة وتأثيراته تسطع منذ بداياته الأولى ومنذ تولي جلالة الملك مقاليد الحكم، وأن البحرين فيها تقدم وازدهار وإنجازات عديدة ومكاسب جمة للمواطن هي نتيجة عمل مستمر للحكومة طوال عقود ومازال مستمراً. هذه الحقيقة التي لا يمكن أن تغطى بالكذب في بعض الدول غائبة تماماً، وحينما يتحدثون عن البحرين فكأنما يتحدثون عن دولة في كوكب مجهول لا يعرفون عنها شيئاً، هنا يبرز دور السفير، وهنا يفترض أن نجد تحركاً ذكياً وصحيحاً لتصحيح البوصلة.سمو رئيس الوزراء حدد الأطر الهامة بتعريف شعوب العالم بالمنجزات التي تحققت خاصة المعنية بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق الدولية وتنفيذ مرئيات الحوار الوطني، وهما نقطتان تثاران بشكل دائم اليوم في الخارج، رغم أن ما تحقق فيهما شيء كثير، إضافة إلى صون حقوق الإنسان وتكريس مبادئها، تغييب هذه الأمور يبين الخلل المتمثل في ضعف الخطاب الإعلامي الخارجي، والدور الذي تضطلع به السفارات. دور السفارات بات معنياً بالشأن الإعلامي أكثر منه بالشأن الدبلوماسي خاصة في ظل الهجوم الإعلامي الذي تتعرض له البحرين بسبب المعلومات والمضللة والأكاذيب بما ينتقص من حجم ما حققته البحرين على مختلف الأصعدة، وهي مسألة بينها سمو رئيس الوزراء وحث فيها السفراء على بيانها للدول وكيف أنها تتعرض لتضليل رأي من قبل فئات لا تريد الخير والاستقرار للبحرين.السفارات لم تعد تعمل بنفس الأسلوب السابق، لم تعد مكاناً للراحة والهدوء لعدم أهمية دورها، بل باتت اليوم قائمة بدور المنابر الإعلامية والثقافية وغيرها التي من خلالها تتحدث الدولة وتقدم منجزاتها وترد على المغالطات والتضليل الذي يستهدفها.هنا نحيي جهود السفراء الذين نرى قيامهم بدورهم وواجبهم الوطني دون تهاون أو استهتار أو "ضعف”، في حين نحث بقية السفراء على لعب الدور الصحيح، خاصة وأن البحرين تحتاج اليوم لوجود أصوات قوية وصادقة وقادرة على تحمل المسؤولية تتحدث باسمها في الخارج وتدافع عنها بالحقائق والثوابت الموجودة والمتحققة على الأرض.