مداخلة قال البعض إنها عفوية، وقال آخرون إنها مرتبة لتوصيل رسائل معينة؛ بغض النظر فإن الكلام الذي قرأه رجل من الطائفة الشيعية الكريمة في حضرة الأمين العام للوفاق هو حالة واحدة فيما التململ في الشارع الشيعي أكبر من ذلك وهو في نمو.تلقى الأمين العام المداخلة بوصفها أنها "من طبيعة لحنها مختلفة عن الجو العام”، يا سعادة الأمين العام إن الجو العام الذي تعيشه الطائفة؛ حرائق إطارات ودخان ومسيلات دموع ومعها تعيش باقي أطياف الوطن معظم أمسيات رمضان على الشوارع الرئيسة، هل هذا جو ينبغي أن يكون جواً عاماً؟ليت أمين عام الوفاق يلقي بالاً لما هو مختلف عن الجو العام وينظر خارج الإطار العام، وليت جماعتنا ينظرون قليلاً خارج الإطار العام، وكذلك الحكومة؛ نحتاج للخروج من هذه الأزمة وأن نتجاوز مطالبنا ورغباتنا ولو مرة وننظر لهواجس ومخاوف الآخرين، الكثير من الشيعة أقحموا في حالة تحزب إجباري؛ إما فزعة مذهبية أو خوفاً من النبذ الاجتماعي أو التعرض للأذى، لكنهم غير راضين عن التوغل إلى هذا المستوى من العنف، ويرون العنف طريقاً مسدوداً مثلما نراه نحن، وكثير من السنة يدعون إلى إنهاء الأزمة بالحوار أو غيره فيوصمون بالارتداد والخيانة والعمالة، هذا هو حالنا.. هناك إطار يجب أن تكون داخله أو ستنبذ.لن تحدث معجزة؛ هذا ما قاله الرجل، الوضع مزرٍ وعلامات الفشل واضحة والحال لن يقود لما هو أفضل منه، بل هو من سيء لأسوأ، ولا يصح أبداً أن نعالج نقص الدجاج بفتوى تحرم أكل "مجبوس” الدجاج، الناس يعرفون الفرق بين علاجات مؤقتة وتصبير بالشعارات والكلام وبين العلاجات الحقيقية التي فيها الشفاء، هناك أصوات شيعية متململة كثيرة تعاني إما من النبذ المجتمعي أو المقاطعة الاقتصادية التي طالت من مَوّل الدوار ومن هو شيعي فقط، وكذلك الأصوات السنية التي طفح بها الكيل من الانفلات الأمني وطالها التعدي والإيذاء وإن تكلمت خارج الجو العام قد يطعن في وطنيتها وتخوّن.هذه الأصوات التي نسميها "خارج الجو العام” قد تحمل لنا أفكاراً مهمة للخروج من الاحتقان السياسي، هذه الأصوات قادرة على التمرد على قانون القطيع ولا تحمل التشدد والتعصب والأهم أنها لم تكن تتكلم أو تعلن عن همومها وقد بدأت تتكلم. الرجل الذي خاطب علي سلمان ما قال إلا الحق، وعبر عن قطاع من الشارع الشيعي يعاني بصمت ولا يتكلم خوفاً أو مكابرة، وعلي سلمان رغم تفضله على الرجل والسماح له بالكلام -خارج الجو العام- فإن رده كان مليئاً بالتكبر والتفوق، وكأنه يخاطب رجل شارع بسيط لا يفهم، الرجل عبر عن شيء يسير من أوجاع الشارع الشيعي، ليست كل المأساة هم ضحايا العنف والمواجهات مع الشرطة بل هو بناء كامل تهاوى على رؤوس السنة والشيعة، وضع سياسي متأزم لا يبدو له مخرج ومقاطعة اقتصادية وتقوقع اجتماعي، لا يستطيع كثير من الناس أن ينتظروا مع سلمان نتائج الثورة السورية أو أياً كان ما ينتظره ليقرر مصير الطائفة وماذا سيفعل، هل سيدخل حواراً جديداً أم يرسل أبناءهم للشارع بالمولوتوف والمتفجرات للأبد.الرجل قال ما قلناه مراراً؛ تمكن علي سلمان أكثر من مرة من دخول حوار أنداد مع الحكومة، فترة الدوار كانت فترة حرجة جداً ومواتية جداً وفي ذروة قوة الوفاق وتفوقها السياسي وضيعت الفرصة، ثم خرجت الوفاق من حوار التوافق دون أن تحارب حتى، راهنت الوفاق على الدعم الأمريكي ويبدو أن أمريكا لم تقرر بعد أي مسار من التاريخ تريد، ربما تنتظر سوريا هي الأخرى.ليست الوفاق وحدها الملزمة بالتفكير خارج الإطار العام بل الجميع، الموضوع اليوم ليس محبة وعداء؛ شئتم أم أبيتم سينتهي الأمر إلى نوع من الاتفاق أياً كان شكله، الجمعيات السنية عندما تنتهي من صراعها النووي يجب أن تخرج من نمطيتها وتكون فاعلة سياسياً، والدولة يجب أن تحتوي الشيعة والسنة المتململين وتقرأ المزاج العام بدقة وتستمع لدعوات الإصلاح وللشكاوى حتى لو كانت خارج الإطار العام، جونا العام فاسد وعقيم وحتماً نحتاج لتغيير جو.