من المفترض أن تكون القوى السياسية الوطنية بكل تلاوينها قد تعلمت من أخطائها وتداركتها، وأولها قصورها في التواصل مع العالم الخارجي ومع المجتمع الدولي، عدا الوفاق بالطبع التي اعتمد إعدادها للانقلاب على شركائها في الوطن على التواصل المبكر مع المجتمع الدولي!علمتنا الكارثة أن ذلك كان خطأً فادحاً؛ إذ لابد أن يكون لدى كل مؤسسة مدنية الآن لجنة الشؤون الخارجية، وتكون هذه اللجنة على رأس برامج جميع القوى السياسية، أي جمعية سياسية أوحقوقية أو نقابية عليها أن تضع في اعتبارها مهمة التواصل مع المجتمع الدولي وأن تستعد لها استعداداً تاماً، من حيث اشتراك مؤسساتها مع شبيهاتها من المنظمات الدولية، ومن حيث التدقيق في اختيار الأنسب من أعضائها ومن هو قادر على أداء هذه المهمة، وتعمل على إعدادهم والعناية باختيار من سيمثلهم وتدريبهم وتأهيلهم لغة ومهارات ومشاركات دولية، فهذه المهمة أصبحت الآن جزءاً لا يتجزأ من برنامج كل القوى الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني.من الضروري التأكيد أن تلك المهمة لن تكون للاستعانة بالمنظمات الأجنبية أو الدولية للتدخل في شؤوننا كما فعلت الوفاق، أبداً؛ فتلك خيانة عظمى في حق الوطن، بل بغرض الاستفادة من أنظمة تلك المنظمات وبرامجها في خدمة المجتمع البحريني كتطوير مهارات الأعضاء وتطوير المأسسة البحرينية والاستفادة من الخبرات، وبغرض التواجد الذي يذكر المجتمع الدولي أن مملكة البحرين بها قوى سياسية متعددة تمثل تعددية الشعب البحريني، وأن تلك القوى السياسية لها وجود وحضور وتمثل مصالح شرائح المجتمع المدني البحريني، فلا تحتكر جماعة أو حزب هذا التمثيل كما حدث طوال أكثر من عقد من الزمان حين كانت القوى الوطنية الأخرى غائبة تماماً عن المشهد الدولي، ولم يكن أبداً ضمن اهتماماتها مخاطبة أو التواصل مع المجتمع الدولي، بل ركزت نشاطها وركزت اهتمامها لمخاطبة الداخل لا الخارج حتى أفاقتها الصدمة.اليوم لابد أن يكون تنافس القوى الوطنية بارزاً في تقوية لجانها الخارجية، فهذه ليست مهمة الحكومة؛ إنها مهمة المؤسسات المدنية الأهلية.فحين حدثت الكارثة واكتشف المجتمع البحريني حجم التخطيط والإعداد المسبق من ذلك الحزب، لم يوجه لومه للقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بل وجهه للحكومة، وذلك خطأ وخلط ولبس في الوعي.هذه مساحة ليست للحكومات، هذه مساحة لتحرك القوى الوطنية والمؤسسات الأهلية، وكلما كان استقلالها عن السلطة أكبر تمتعت بمصداقية أكبر، وهي مساحة مفتوحة غير مغلقة ولا محتكرة، فإن تركت فارغة أسرع من له أجندة لملئها والملام هنا على من تركها لاعلى من استغلها.اليوم لا عذر لهذه القوى، خصوصاً بعد أن عرفنا أن تجاهل المجتمع الدولي مسألة صعبة، لا عذر والشباب البحريني قادر أن يملأ هذه الفراغات، لهذا على المؤسسات السياسية والمدنية أن يكون لديها "مراصد استكشاف” للطاقات البشرية الواعدة، تبحث عنها في الجامعات وفي المدارس وفي الأندية، وأن تجندها لأشرف قضية وطنية وهي الدفاع عن البحرين.فقدرات الشباب البحريني التي برزت في السنة والنصف نجحت في التصدي لعمل استغرق ثلاثين عاماً من الحفر والتمكين الخارجي كنا عنه غافلين، فما بالكم لو وضع الشباب البحريني هذا الهدف نصب عينيه من الآن وأعد له ليثمر خلال الخمس سنوات القادمة؟ ما بالكم لو أن مؤسساتنا المدنية عملت على بذل الجهد لتاهيل وإعداد كوادرها لتولي هذه المهمة؟لجنة الشؤون الخارجية في المؤسسات المدنية المكلفة لأشرف مهمة وطنية، وهي الدفاع عن البحرين، ومن المفروض أن تكون ضمن الهيكلية التنظيمية من الآن فصاعداً لكل المؤسسات الوطنية، فالبحرين ألقيت في دائرة الضوء الدولي ولن تعود لتخاطب ذاته، وعلى البحرينيين إعداد العدة لهذه المهمة من الآن فصاعداً.