لجوء بعض المحسوبين على "المعارضة” إلى السب والشتم يعني أنهم فقدوا القدرة على الاتزان وبدأ الوهن يدب في نفوسهم، وصاروا يشعرون أنهم قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة. ذلك أن القوي والواثق من نفسه لا يمكن أن يلجأ إلى هذا الأسلوب ولا يمكن أن يستخدم مثل تلك الألفاظ المسيئة التي لا تقبلها أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا.. علاوة على ديننا الإسلامي السمح الذي نهى حتى عن سب الذين كفروا. اللافت أن أغلب "المعارضين” صاروا يلجؤون إلى توجيه الشتائم والسباب إلى الآخرين المتمثلين في السلطة أو المتهمين بأنهم من "المحسوبين عليها”، وإذا كان البعض منهم يسب ويشتم بطريقة "مؤدبة” وفيها شيء من "الذرابة” بحكم موقعه الاجتماعي؛ فإن بعضاً آخر لا يتردد في استخدام أقذع الألفاظ، خصوصا إن حل ضيفاً على فضائية يعلم مسبقاً أنها لن تقول له "كخ”!من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما تفوه به أحدهم خلال استضافة السوسة (فضائية العالم الإيرانية) له في برنامجها اليومي المخصص للإساءة إلى قيادة وحكومة البحرين ظهر السبت الماضي، حيث استخدم بكل بساطة وصف (البقر)، فقال ضمن ما قال أثناء انتقاده لمواقف كل الذين يعتبرهم ضد "الثورة” من الإعلاميين بشكل خاص ورجال الأمن وغيرهم (إن هؤلاء "البقر” الذين جاءت بهم السلطة)، وهو كلام يستوجب التوقف عنده خصوصاً أنه صدر من (سياسي) يفترض أنه تمرس فيها جيداً وخبرها وهو ما يشير إليه وجهه المليء بالشيب!باختصار هذا الكلام عيب ولا يجوز أن يصدر عن شخص يفترض أن يكون مثالاً وقدوة على الأقل لأولئك الذين يؤمنون بما يقوله ويدعو إليه. إن وجود المعارض خارج البلاد لا يبرر له الإفلات من الأعراف والدين، فالسب والشتم ليس مخالفاً للقانون فقط؛ لكنه مخالف للأعراف المجتمعية وللدين أيضاً، ويكفي معرفة أن الآخرين أيضا يمكنهم أن يسبوا ويشتموا وبإمكانهم أن يصفوا المنتمين إلى "المعارضة” بصفات مماثلة، فليس أسهل من توجيه السباب والشتائم.ليس هو الوحيد الذي يسيء إلى "المعارضة” بشتائمه وسبابه، فهناك آخرون يستغلون "طيبة” السوسة الإيرانية لعلمهم أنها لا تقول لهم "كخ” فيوجهون ما يشاؤون من شتائم إلى السلطة في البحرين وإلى كل من يجد أن من واجبه الدفاع عنها. فالوطني في عرف هؤلاء هو ذاك الذي يقف ضد الحاكم حتى وإن لم يكن مقتنعاً بما تفعله "المعارضة” التي يرى البعض أنها بدأت تشعر بالضعف فتقدم الدليل عليه.هناك آخر أيضاً مقيم في الخارج اعتاد الصراخ بطريقة توصله إلى فقد أعصابه، فيسب ويشتم ويعتبر كل من يقف في الجانب الآخر منافقاً، بل مجرماً ويستوجب لعنات الله فـ "كلهم في الشر سواء” حسب تعبيره.هو الشعور بالهزيمة وبالضعف الذي يدفع إلى إبراز سلاح السب والشتم، هذا أمر يبدو طبيعياً، ولعل من يتابع برنامج الاتجاه المعاكس يلاحظ أن الذي يصل إلى مرحلة يشعر فيها بالضعف والهزيمة هو من يبدأ بسب خصمه وصولاً إلى الاعتداء عليه بالضرب. السوسة نفسها استضافت قبل أيام رجلاً من دمشق ليدافع عن نظام الأسد مقابل السورية ميس الكريدي (نائب المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية) المتواجدة بالقاهرة، والتي كانت تتكلم بمنطق وقوة، وتمكنت من إحراج خصمها مرات ما أدى إلى فقده أعصابه فلم يجد بداً من سبها وشتمها، حتى قال لها "كفاكم عهراً”! ما قاله "المعارضان” البعيدان عن "المعمعة” ويقوله "معارضون” بحرينيون آخرون يتخذون من الخارج ملجأ لا يختلف من حيث المستوى عن ذاك الذي ظهر به ذلك السوري "المستذبح” في الدفاع عن نظام الأسد، فوصل إلى مستوى دوني من دون أن يقال له "كخ”!