نتائج الجلسة الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف الذي اعتُمد فيه تقرير مملكة البحرين لحقوق الإنسان هو مرحلة بدء الإنجازات البحرينية الخارجية، فقد عادت البحرين لتثبت مصداقيتها من جديد وعاد العالم ليمنح ثقته للبحرين بعد أن حاول (البعض) وضع البحرين في قائمة الدول المارقة، جبل الجليد من الكذب والتزييف والفبركات قد ذاب وانكشف، وانحسر معه أسوأ ما عانته البحرين في الفترة الماضية وهو احتكار (بعض الكاذبين) لصوت البحرين، في جلسة جنيف لحقوق الإنسان، سبتمبر 2012م، انتهى عهد الصوت المنفرد وانطلقت أصوات بحرينية أخرى بدأت ترسّخ أقدامها في الخارج وتعبر بصدق عما يجري في البحرين.لن نتطرق لتحليل نتائج الجلسة التي أثبتت الوقائع أنها جلسة عادية تمر بها كل الدول وتنال فيها من التوصيات ما نالته البحرين وتتعهد بمثل ما تعهدت ثم تعود الدورة بعد بضع سنين للمناقشة والتقييم، ولكن عناصر المعارضة الفئوية الذين هددونا منذ أشهر بجلسة جنيف وأوهمونا، بل أوهموا أتباعهم، بأن الأمر سيكون جللاً، وأن ثمة نصر مظفر ستحرزه المعارضة على الدولة البحرينية، هؤلاء، هم الآن من عليه أن يثبت لجمهوره أن الأمر كان جولة بسيطة، وأن تلك الأموال التي استنزفت، والخطابات التي نُشرت كانت فقط للاستهلاك المحلي وللحرب الإعلامية والدعائية، عليهم أن يشرحوا لجمهورهم أن تقارير حقوق الإنسان ليست إلا مجرد تقارير لم تغير الوضع المتردي في إيران ولم تحاسب إسرائيل ولم تنفع السوريين، كل ذلك من أجل أن يبرروا الفشل الذي روجوا له بين أتباعهم باعتباره سيكون نصراً!كشفت جلسات جنيف للعالم، ولبعض البحرينيين المغرر بهم، من هم رموز جنيف الذين يديرون ملف حقوق الإنسان البحريني، أحدهم مخمور لا يتورع عن التجول في أروقة الأمم المتحدة سكراناً في وضح النهار وأمام وسائل الإعلام، وهذا ليس حكم محكمة بحرينية.. إنه حكم تحليل الدم من قبل عيادة الأمم المتحدة، ورمز آخر من رموز الحقوق في جنيف يتشدق بالحرية والديمقراطية ثم يشتم امرأة بحرينية محترمة لمجرد الاختلاف معها في وجهات النظر، وعلى النقيض يُقَبِّل رأس (نظام) لا يعترف أصلاً بحقوق الإنسان ولا يطبقها في بلاده ويجالس صاحب ميليشيا الموت الطائفية في العراق التي اجتثت آلاف العراقيين قتلاً وحرقاً، وهناك بعض الأنيقات اللاتي يخترن صورهن في جنيف بعناية يبرز من خلالها رونق المكياج الفاخر وخواتم السوليتير وأحزمة الشانل وحقائب الديور، ثم يتحدثن عن الفقر والتمييز والسجن والبطالة والظلم والنفي والتهجير في مملكة البحرين!الإنجاز الأهم لمملكة البحرين في جنيف هو تمكن المؤسسات المدنية والمنظمات الأهلية من إثبات كفاءتها وقدرتها على مواجهة معارضة شرسة تستخدم كل وسائل الهجوم والسخرية والشتم والقذف في حق كل من يحاول مناقشتها، أثبتت جلسات جنيف أن هؤلاء الذين صنعوا من أنفسهم أبطالاً لا يملكون القدرة الكافية على مواجهة الحجة بالحجة والمنطق بالمنطق دون اللجوء للشتم والتحريض والكذب، جنيف إذن ليست سراً من أسرار العلوم النووية، وليست علماً مغلقاً لم يأته إلا مجموعة احتكرته دون البحرينيين لسنوات طويلة، جنيف ليست سوى مجموعة قوانين وتوثيقات يمكن استيعابها وتنظيم ملفاتها، وقد تمكنت المنظمات البحرينية الأهلية في فترة لا تتجاوز العام فقط من امتلاك أدواتها بل وكسب الجولة النهائية، لقد كسرت الوفود الشعبية والمنظمات الحقوقية الأهلية الاحتكار الطويل والعلاقات الوطيدة التي تمتعت بها المعارضة الفئوية والتي رسخت من خلالها قانوناً جائراً ينص على أنهم هم البحرينيون فقط دون غيرهم وأنهم هم فقط صوت البحرين الحر.نجاح المنظمات الأهلية في إيصال صوتها إلى جنيف يعد تقدماً في مجال تنظيم المجتع المدني، وخطوة نحو اكتسابه مهارات فهم حقوقه والدفاع عنها والتعبير عن هويته وذاته وشخصيته المتكاملة، وهو إنجاز يستحق منا تشجيع تلك المنظمات ودعم المنظمات الجديدة قيد التأسيس التي نرى إنجازاتها وجهودها ونتابع تحركاتها، وإذا كنا قد ختمنا جنيف بنجاح، والحمدلله، فإن هذا النجاح يدفعنا إلى الترقي أكثر ويحتم على المنظمات رفع كفاءتها بالدورات التدريبية في مجال القانون وحقوق الإنسان وتطوير مهارات الاتصال والتكنولوجيا لدى أعضاء فرقها، ويحتم على الجميع الاستمرار في مراقبة قضايا حقوق الإنسان في البحرين وتوثيقها.نحن ندرك جيداً أن مراقبة قضايا حقوق الإنسان في ظل الصراعات السياسية ليس جواً نموذجياً ينتفع به المواطن ويحقق طموحاته وترتقي به الأوطان، ولكن ما حيلتنا نحن إذا كانت المعارضة الفئوية لا تهتم إلا بتسجيل نقاط (كسر عظم) ضد الحكومة؟، ما حيلتنا إذا كانت تستغل الأطفال والنساء والطلبة والمدرسين والأطباء والعمال لتزج بهم في صراع سياسي ثم تقلب الطاولة على تطبيق القانون وتعتبر هؤلاء ضحايا النظام وليسوا ضحايا استغلالها لهم تغريراً بهم؟!وبصراحة فإننا ننتظر الإجابة من الفئة المستغلة، فهي اليوم المعنية بتقييم وضعها، واتخاذ القرار المناسب في شكل تعاملها مع معارضة لا نستطيع وصفها إلا بالفئوية، ومع حقوقيين يجوبون العالم ويتزعمهم.. مخمور رسمي.
Opinion
صيف جنيف 2012.. نهاية عهد الصوت المنفرد
21 سبتمبر 2012