بعيداً عن ملابسات القضية المنشورة بشأن إيقاف أحد المواطنين الأمريكان في مطار البحرين الدولي وبحوزته 11 مليون دولار ورد أنها لتمويل إحدى الجمعيات السياسية، في حين أكدت الرواية الرسمية أنها مخصصة لرواتب جنود البحرية الأمريكية المقيمين في المنامة. فإن هذه القصة تفتح المجال أمام استفهامات عديدة ترتبط بحركة تدفق الأموال من واشنطن إلى العاصمة البحرينية. الاتفاقيات الرسمية بين البحرين والولايات المتحدة فيما يتعلق بشؤون الدفاع والأمن تدخل ضمن تصنيف (سري)، ولذلك ليس معروفاً أو منشوراً كافة تفاصيل مثل هذه الاتفاقيات، وعندما أثيرت القصة المتعلقة بدخول الملايين للمنامة نقداً تعددت الآراء واختلفت وجهات النظر بشأن قانونية هذه الأموال وسلامتها. نتفهم جيداً عدم إعلان تفاصيل مثل هذه الاتفاقيات للرأي العام البحريني وحتى الأمريكي لأنها ترتبط بالأمن القومي للبلدين، ولكننا لا نتفهم الضوابط الموجودة في مثل هذه الاتفاقيات والتي تضمن سيادة البحرين من أية تدخلات سياسية أجنبية مشبوهة أو حركة أموال مجهولة. مصدر حكومي رفيع المستوى أشار إلى أن الاتفاقية الدفاعية تسمح للأمريكان إدخال مثل هذه المبالغ نقداً بهذه الطريقة في أي وقت حسب إجراءات معينة!إذا كانت هذه الاتفاقية تسمح للأمريكان بإدخال الأموال نقداً فكيف يتم ضبط مسار مثل هذه الأموال لتذهب إلى وجهتها الصحيحة. المعاملات المالية بين الحكومات وحتى الحكومات ومواطنيها في الخارج تتم من خلال تحويلات مالية عبر المصارف وشركات الصرافة الدولية. وليس منطقياً عندما تقرر حكومة البحرين مثلاً صرف رواتب موظفي سفارة البحرين في واشنطن أو موظفي بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك هل تقوم بإرسال أحد موظفيها وهو يحمل حقيبة بها ملايين الدنانير للولايات المتحدة لصرفها نقداً؟!عدد العسكر الأمريكان المقيمين في القاعدة الأمريكية في البحرين يصل حسب أدق التقديرات إلى 5 آلاف شخص، بينما عدد المدنيين لا تتجاوز نسبتهم 10%، وهو ما يعادل 500 شخص فقط، وإذا كانت 11 مليون دولار رواتب الموظفين المدنيين التي تم "الإفصاح عنها في مطار البحرين الدولي” فإنها تقدر بنحو أكثر من 22 ألف دولار للشخص الواحد (أكثر من 8 آلاف دينار، علماً بأن الراتب الشهري للرئيس الأمريكي يقدر بأكثر من 12 ألف دينار). الجدل بشأن قضية الأموال الأمريكية التي دخلت البحرين تفتح المجال للحديث أكثر حول علاقة المنامة بالقاعدة العسكرية الأمريكية، وطبيعة التسهيلات المقدمة من حكومة البحرين للولايات المتحدة الأمريكية. وهو موضوع من حق الرأي العام الاطلاع عليه.