اختلفت أمس مع الدكتور أنتوني كوردزمان رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، المركز الذي يقدم خدماته الاستشارية لوزارة الدفاع الأمريكية ولوزارة الخارجية الأمريكية، حين حاول أن يحذرنا من المخاطر الخارجية لإيران ويقلل من مخاطرها الداخلية في البحرين.جاء هذا التحذير في الورقة التي ألقاها أمس في الجلسة الأولى لمؤتمر «الصراع والتنافس في منطقة الخليج العربي» الذي عقده مركز «دراسات».وقد أوصى السيد كوردزمان بالتركيز على التسلح بالمنظومة الدفاعية الخليجية لمواجهة التهديدات الإيرانية، خصوصاً تلك التي تمنع أي هجوم بحري على المنشآت الحيوية الساحلية في الخليج العربي والبحرين تحديداً، وقد لا نختلف على مسألة التهديدات وقد نتفق على مسألة الإعداد الدفاعي، إنما قد لا نشتري المنظومة الدفاعية من الأمريكان!! فدول الخليج العربي استوعبت الدرس جيداً وبدأت بوضع سلة متنوعة لخيارات التسلح تحميها من الوقوع تحت الابتزاز كما حدث للبحرين إبان أزمتها!!السيد كوردزمان قلل من المخاطر الداخلية في البحرين، وذكر أن المولوتوف والقنابل المحلية الصنع وغيرها مما تتعرض له البحرين ليست مشكلة بل المشكلة تكمن في مخاطر الهجوم المسلح البحري الإيراني.وحين طلبت الكلمة قلت له إنني أختلف معك؛ فإيران لا تحتاج للهجوم المسلح البحري، إيران تعمل على التمدد من خلال عملائها في الداخل الذين يصنعون القنابل المحلية الصنع ويصنعون المولوتوف، إيران جربت الحرب مع العراق وخسرت ولا تريد أن تدخل حرباً جديدة، إنما تعتمد إيران على عملائها واحتلت العراق الآن بهم دونما حاجة لحرب، هؤلاء العملاء الذين تدعمونهم أنتم في العراق وتدعمونهم الآن في البحرين.أنتم تحذروننا من إيران من جانب وتدعمون عملاءها من جانب آخر، ولا يهمكم حمايتنا بقدر ما أنتم معنيون بحماية أسطولكم ومصالح وجودكم في البحرين. فحين كانت الأزمة في أوجها زار بوسنر، نائب وزير الخارجية الأمريكي، البحرين والتقى بعلي سلمان وشدد اللقاء على ضمان وتعهدات بالحفاظ على أمن الأسطول والاتفاقات الأمنية، وجاءه الرد من علي سلمان أننا مستقبلاً قد لا نحتاج لبقاء الأساطيل في المنطقة!! هذه التفاصيل نشرت في صحافتكم.رد علي سلمان لا يهمنا فهو يتبع ما تمليه عليه المصلحة الإيرانية التي تريد الخليج بُحيرة فارسية، ما يهمنا هو سؤالكم ودلالاته!إذ اتضح أن ما يهمكم هو تأمين مصالحكم دونما النظر إلى مصلحة شركائك، رغم أن المصالح لابد أن تكون متبادلة حتى تأمنها، فإن أنت تقاعست عن حماية شريكك فلا تَلُمْه إذا فقد الثقة بك وأدار لك ظهره وبحث له عن شريك آخر. البحرين دولة لها دستورها وهو ما نحتكم له مثلما لكم دستوركم وهو ما تحتكمون له، ولن نترككم تغيرونه أو تدعمون من يحاول أن يغيره بالقوة وبالإرهاب وبالابتزاز.كشعوب خليجية ثقتنا في سياستكم أصبحت معدومة؛ دعك من حلو الحديث ومعسوله الذي تسمعه من الأنظمة، فالعديد من مراكز القوة في تلك الأنظمة تشاطرنا الموقف.لقد رأينا ما فعلتم بالعراق، ورأينا ما حاولتم أن تفعلوه بنا وتعلمنا الدرس جيداً.. خسارتكم أكبر مما تتصور بسبب سياستكم التي تفتقد الكثير من الرؤية الواقعية، وتعتمد على معلومات قاصرة وتعتمد على تخطيط خيالي.أنتم كمن وضع الميزانية التقديرية بناء على معطيات مغلوطة وبنيتم حساباتكم وخدعتم أنفسكم بأرباح خيالية، وحين جاء وقت الحساب الختامي ظهرت خسائركم.اليوم العراق تديره مليشيات إيرانية والمالكي يرمي نفسه في الحضن الإيراني يوماً بعد يوم ويبتعد عنكم، حتى مشتريات التسلح بدأ ينوعها خارج منظومتكم!! دع عنك خسائر الشعب العراقي احسبوا فقط خسائركم في العراق.حتى سياسة الاحتواء فشلتم بها؛ فبعد أن قضيتم على العراق كنتم عوناً ومساعداً للتمدد الإيراني دونما سيطرة، فأنتم من فتح له الأبواب في العراق والآن تريدون أن تدخل المنطقة حرباً رابعة من أجل احتواء هذا التمدد الإيراني؟!لقد فقدتم ثقة أكبر حلفائكم في المنطقة ومناطق نفوذكم ومصالحكم بدأت تتأثر، وآثرتم حفيظة المكون الاجتماعي الأكبر في منطقة الخليج العربي الذي بدأ ينظر لكم كمصدر تهديد بعد أن كنتم مصدر ثقة وأمن وحماية.. انظروا أين كنتم في التسعينات وأين أصبحتم الآن؟ هذا الكلام متداول الآن في دوائركم وتسمعونه من شخصيات خدمت في المنطقة ويعرفونها عن قرب أكثر منكم، ولا يغير من قناعتنا اليوم أن تسفه من هذه الآراء وتقلل منها وتعتبر نظرية المؤامرة نظرية سخيفة! سيد كوردزمان؛ نحن علينا مما يجري على الأرض ونشاهده ونلمسه ونسمعه بحواسنا الخمس، وهذا يختلف مائة وثمانين درجة عن خطابكم.