أرى البحرين غير ما كنت أراها من قبل؛ كانت دوماً تبدو بهية نضرة كفتاة في ريعان شبابها النضر تلهو وتمرح، لا يهمها من الدنيا شيء ولا يعكر مزاجها كدر، لكنها اليوم غير الأمس، فالبحرين اليوم أصبحت سيدة عجوزاً حطها الزمن من أعلى رتبها وأنزلها إلى القاع، تلاشت ابتساماتها الجميلة وحل محلها الحزن والألم وأصبحت كعجوز تجاوزت المائة، ولو سألتها عن أسباب هذه الهموم التي أصابتها لشكت لك الويل مما أصابها، فمن أين تداري وتتجنب المصائب أم من أبنائها أم من الغرباء الذين اعتدوا عليها وتخلوا في شؤونها؟.بل هناك من أبنائها من يعاضد الغرباء ضدها، وقد تنكر لها، ومن مسؤوليها من يسرق خيراتها، ومن السفراء من يتدخل في شؤونها وهي عاجزة عن ردعهم وليس من أبنائها من يردعهم، بل هناك من يتعاون معهم ويساعدهم، ومن النواب من يسيء إليها بتصرفات أقل ما يقال عنها إنها تصرفات صبيانية، مثل تصرف ذلك النائب الذي حرق علم إسرائيل وسط قاعة البرلمان منتهكاً كل الأعراف والنواميس، مضيفاً هذه السابقة إلى سابقة أخرى، ولا أدري ما الذي أصابه حتى يخرج من طوره، وبدلاً من أن يكرس النواب جهودهم لتقديم الخدمات للشعب الذي وضع ثقته فيهم، أخذوا يتخبطون، أحدهم اعتقد أنه بعد ما أصبح نائباً فمن حقه أن يمثل كافة أبناء قبيلته، فهو الآن أصبح المسؤول الأول والآخر. نقول للأخ؛ كُفْ عن هذا الهراء، المسؤول الأول والأخير عن كل مواطن على أرض البحرين هو جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه، وعلى الكل أن يلزم حدوده ولا يتعداها إلى حدود غيره وإلا أصبحت البلد فوضى. المفروض أن يكون النواب نموذجاً للمواطنين الصالحين لا أن يتعنتروا علينا وعلى قيادتنا، مسكينة البحرين ممن تلاقينه، ألا يكفي تدخل السفير الأمريكي وما يفعله ببلدنا وما يقوم به من تحريض وفتنٍ بين الأخوة المواطنين الذين عاشوا سنيناً طويلة متحابين متعاضدين متعاونين في بناء وطنهم البحرين بكل حب ووفاء لا يعكر صفوهم دخيل ولا متطفل أمثال المتطفلين الكثر الذين تواجدوا هذه الأيام، لا ندري من أين أتوا وكيف وجدوا لهم السبل للوصول إلى قلوب بعض المواطنين فأخذوا يزرعون الفرقة بينهم والسيطرة على عقولهم وتحريضهم ضد بعضهم البعض، لتبدأ الفتن وتزرع الخلافات المذهبية والطائفية بين الأخوة أبناء الوطن الواحد.نعم هكذا هي البحرين تحول وجهها الجميل إلى وجه مجعد، كأنه وجه امرأة تجاوزت المائة عام وأكثر، بفعل ما جرى ويجري لها على أيدي أبنائها الذين تنكروا لها وسلموها للغرباء يعيثون بأمنها وينهبون خيراتها ويأكلون أرزاقها ويقتلون أبناءها، ما كانت البحرين قط بهذه الصورة، وما كان أبناؤها على هذا القدر من التنصل عنها وعن الهروب من مسؤوليتهم تجاهها، كانوا دوماً يوصفون بالشهامة والنخوة ولا يدعون مسلكاً لينفذ منه عدو لبلادهم، فأين أنتم يا أبناء البحرين من وطنكم البحرين الغالية؟