لو كنت من العاملين في ديوان الرقابة المالية لقدمت استقالتي على الفور، إذ ما فائدة تضييع الجهد والوقت في عمل لا يفضي إلى نتيجة؟!أكتب هذه السطور وأنا أفترض أن القائمين على الديوان من مسؤولين وموظفين يسعون كل عام لرؤية نتيجة عملهم تثمر على أرض الواقع، بحيث يتم أخذ التقارير ومضامينها بجدية من قبل المعنيين باتخاذ إجراءات حيالها.طوال عام كامل وموظفو الديوان يجوبون كافة قطاعات الدولة، يرصدون ويدققون على المصروفات والإجراءات الإدارية، ويخرجون في النهاية بتقرير تزيد صفحاته عاماً عن عام، وتزيد كوارثه كل يوم.بالله عليكم من يأتي للبحرين ويرى تقارير الرقابة المالية وما ترصده من فساد إداري ومالي بالتأكيد سيحترم الدولة بشكل كبير بشأن جديتها في رصد الفساد، لكنه قد يفقد هذا الاحترام فوراً حينما يسأل عن عدد المسؤولين المتسببين بالفساد والاستهتار بالمال العام الذين أحيلوا للتحقيق أو تمت إقالتهم بسبب أفعالهم فيجد أن العدد «صفر».محاربة الفساد لا تكون بالكلام فقط، ولا تكون برصده في تقارير ثم زخرفتها على الأدراج، بل عبر اتخاذ الإجراءات حيالها.ما الفائدة بالتالي من وجود الديوان ومن «كرف» الموظفين فيه على مدار العام إن كنا سنضيع جهدهم بكل سهولة؟!متنا ونحن نقول للدولة حاسبوا المفسدين، يكفينا هدراً للمال العام، يكفي «القطط السمان» التخمة التي أصابتها، أموال الدولة «حرام» أن تُمس ويُلعب بها بهذه الطريقة، أليس قرآننا يقول «خير من استأجرت القوي الأمين»، فأين بالتالي الأقوياء والأمناء الذين يخافون الله في كل شيء، وبالتالي خوفهم هذا يدفعهم للحرص على كل «فلس أحمر» يصرف هنا وهناك؟!نحب بلدنا ونخلص لها، ومن منطلق حبنا لها نقول إن الدولة عليها أن تلفت بجدية لهذه التقارير. اغسلوا يدكم من مجلس النواب فهو لن يفعل شيئاً إزاءها، وإن كان قادراً على التعامل مع التقارير لكان منذ صدور التقرير الأول الذي بموجبه يمكن «تطيير» أكثر من مسؤول أو وزير. أين من قال يجب «تطيير» كم مسؤول حتى يثبت بأن البرلمان قادر على إثبات قوته؟! هذه فرصتكم، كرسوا كل وقتكم لدراسة هذه التقارير ومحاسبة المتسببين بالفساد وهدر أموال الدولة. «طيروا» الفساد يا جماعة، لأن أعصاب الناس «طارت» من هذه التقارير.مثلما أنشئ الديوان، لماذا لا يُنشأ ديوان للمحاسبة يكون مستقلاً وتكون له صلاحية إحالة المفسدين والمستهترين بأموال الدولة للنيابة على الفور دون انتظار «استعراضات» مجلس النواب؟!ارحموا البلد وأهله يا جماعة، هذه الملايين كان بإمكانها حل مشاكل الناس جميعها، وتغيير واقع معيشتهم إلى الأفضل.فقط أقول الله يعين رئيس الديوان الأخ حسن الجلاهمة وزملاءه من الموظفين حينما يرون كل عام جهدهم يذهب سدى، وأعان الله قلوب البحرينيين، فقد بلغ سيل «الفساد» الزبى.إما أن تتخذوا خطوات جادة إزاء هذه التقارير، أو أغلقوا الديوان وارحموا قلوبنا وأعصابنا.اتجاه معاكس..^ أتمنى على ديوان الرقابة المالية أن يضع كافة تقاريره على موقعه الإلكتروني ليتسنى للناس الوصول لها وقراءتها بـ»الكامل» وعدم الاكتفاء بـ»أجزاء» تنشرها الصحافة. المواطن من حقه أن يعرف كيف يتم إهدار أموال الدولة.^ سؤال للقانونيين؛ هل يسمح القانون للمواطنين أنفسهم برفع قضايا في المحاكم على المفسدين باعتبار أنهم أجرموا بحق الدولة والمجتمع عندما لعبوا بالمال العام بهذه الطريقة؟!^ نقول في تصريحاتنا وشعاراتنا بأننا نحارب الفساد، ووضعنا خطاً ساخناً للتبليغ عن هذه الحالات. طيب ما الذي يعطلكم؟!^ بات المغفل فقط من يصدق الشعارات ويبني آمالاً عليها، فلن يصلح حال البلد إلا حينما نحاسب المتجاوزين ونثق بالمخلصين وأصحاب «الضمائر الحية».
Opinion
أغلقوا الديوان و«ارحمونا»!
05 نوفمبر 2012