شطبت واشنطن اسم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (الذراع العسكري لمجلس المقاومة الإيرانية) بقرار من وزارة الخارجية الأمريكية في نهاية شهر سبتمبر 2012 من قائمة المنظمات التي تعدها بالإرهابية. وقد صنفت واشنطن هذه المنظمة بأنها (منظمة إرهابية) عام 1979. وفي مقابل هذا الشطب فقد نبذت المنظمة العنف وأنها ستواصل نضالها ضد النظام الإيراني الحالي من أجل الحرية والديمقراطية وإقامة نظام سياسي وطني ديمقراطي تنموي غير نووي، نظام يؤمن بالسلام والأمن والديمقراطية لا مُصدراً للإرهاب ونِداً لمبادئ حقوق الإنسان، نظام سياسي يؤمن بهذه الحقوق ويحترم القوانين الدولية.وبناءً على اتفاق منجز بين هيئة الأمم المتحدة وواشنطن فقد أخلت المنظمة معسكر «أشرف» -80 كلم شرق بغداد- وانتقلت إلى معسكر «ليبرتي» القريب من بغداد. وهذا القرار هو القرار الغربي الثالث بعد القرار الأول البريطاني في مايو 2008 بشطب اسم المنظمة من قائمة الدول التي تعدها إرهابية، ويليه قرار محكمة العدل الأوروبية الثاني بإلغاء قرار الاتحاد الأوروبي في ديسمبر عام 2008 القاضي بتجميد أموال المنظمة بسبب إدراجها على (اللائحة الأوروبية للمنظمات الإرهابية). وكما نددت الحكومة الإيرانية بالقرارين السابقين فقد نددت أيضاً بقرار واشنطن بشطب اسم منظمة مجاهدين خلق من قائمة المنظمات التي تعدها إرهابية.ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية (منظمة مجاهدي الشعب الإيراني - سازمان مجاهدين خلق إيران) هي أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية، تأسست في 6 أيلول عام 1964 على أيدي مثقفين إيرانيين أكاديميين وطلاب جامعيين بقيادة (محمد حنيف نجار زاده وعلي أصغر) بهدف صد التغلغل الغربي في إيران وإسقاط نظام الشاه، ولجأت في السبعينات إلى المقاومة المسلحة وإشعال الثورة من أجل تغيير الأوضاع وإقامة نظام وطني إيراني. وفي عام 1972 أعدمت السلطات الإيرانية مؤسسها فتسلم قيادة الحركة مسعود رجوي، والآن تترأسها السيدة مريم رجوي.وقد لعبت المنظمة دوراً كبيراً في قيام الثورة الإيرانية عام 1979. وبعد أن استولى الدينيون على السلطة في إيران ظهرت الكثير من الخلافات بينها وبين نظام الحُكم الجديد وصلت بعد عامين إلى حد التقاتل في صراع محتدم إلى الآن. ورغم قيام الحكومة الإيرانية بإعدام عشرات الآلاف من أعضائها والمنتمين إليها ومن مؤيديها إلا أن المنظمة شددت عزمها على مواصلة نشاطاتها السياسية والعسكرية داخل وخارج إيران حتى إسقاط النظام الإيراني الحالي. والمنظمة هي جزء من ائتلاف إيراني وطني واسع اسمه (المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية) الذي يعمل كبرلمان في الخارج ويضم خمس منظمات وأحزاب وعدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية والخبراء والفنانين والمثقفين والعلماء والعسكريين إضافة إلى قادة (جيش التحرير الوطني الإيراني، الذراع المسلح لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية). وقد انتقل مجاهدو خلق إلى العراق خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980م ــ 1988م) بهدف تنظيم عمليات مسلحة ضد النظام الإيراني. وقد تخلت المنظمة عن الكفاح المسلح في عام 2001، وبعد احتلال العراق قامت حكومة الاحتلال في بغداد بمهاجمة معسكر أشرف والاستيلاء عليه في يوليو عام 2009.إن ما قامت به واشنطن هو تصحيح لمسار خاطئ، وهو نتاج لجهد قضائي وحقوقي من نشطاء ومثقفين سياسيين من عدد من البلدان ولسنوات طويلة، إذ لم تكن منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الإيراني من المنظمات الإرهابية، فهي لم تعتدِ على الشعب الإيراني ولم تعتدِ على أي بلد في العالم، بل هي فصيل وطني يناضل من أجل استرداد حقه في المشاركة في الثورة الإيرانية، ومن أجل بناء إيران الديمقراطية الحقوقية. واليوم أصبح بمقدور المنظمة أن تعمل بكافة الوسائل المتاحة سلمياً ضد النظام الإيراني. هذا القرار يأتي في الوقت الذي يتواصل فيه مسلسل العقوبات الأمريكية والغربية على طهران التي ألحقت ضرراً دراماتيكياً أكبر مما يتوقعه الاقتصاد الإيراني. فإيران تعيش في أزمة داخلية منذ سنوات توجت بالعديد من المسيرات والتظاهرات ضد سياسة النظام الإيراني السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وصراعاً سياسياً محتدماً بين مختلف القيادات السياسية والدينية، وانهياراً غير مسبوق في العملة الإيرانية ( التومان ) الذي فقد أكثر من نصف قيمته النقدية مما حدا بالمواطنين الإيرانيين التهافت على تبديل التومان بالدولار الأمريكي واستخدام التجار الإيرانيين الدولار في معاملاتهم التجارية في الداخل والخارج.إن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية السيئة التي تعيشها إيران بجانب تعنتها في موضوع الملف النووي يُمهد الطريق أمام المعارضة الإيرانية وفي مقدمتها منظمة مجاهدي خلق لكي تواصل النضال السياسي والإعلامي، وانتهاج آليات نضالية مؤثرة على الصعيد الخارجي والتعاون داخلياً مع العرب الأحوازيين والبلوش والأكراد في بناء وطن إيراني وطني ديمقراطي.