نبارك لـ «خادم» الولي الفقيه علي سلمان تثبيت الأحكام القضائية يوم أمس بحق مخططي الانقلاب على البحرين، رغم أنه من المفترض أن يكون هو معهم، ولربما هذا هو مصدر سعادته وابتسامته أمام المحكمة.عموماً نبارك لـ«خادم» عيسى قاسم، وهنا لسنا نتطاول عليه باعتبار أنه هو من وصف نفسه كـ«خادم» مثلما وصف أحد زملائه نفسه كـ«خادم» لأحد المسؤولين الإيرانيين، نبارك له لأنه الآن سيبدأ وجماعته المتاجرة بالأحكام إعلامياً وحقوقياً وعلى كل صعيد.كما نبارك له من جانب آخر كونه «تخلص» من غرماء له لمدة تصل إلى 25 عاماً، بالتالي الساحة السياسية ستخلو له إلا من بعض الذين سيمثلون خطراً على زعامته السياسية التي كان يحلم بها منذ ثمانينات القرن الماضي حينما كان في لندن، أبرزهم نبيل رجب في البحرين، وسعيد الشهابي وجماعته في الخارج، والذين لو سعت البحرين للقبض عليهم بالتعاون مع «الإنتربول» الدولي لكانت فرحة علي سلمان أكبر، لأن مجال المتاجرة بالموضوع سيكون على نطاق أوسع.مخطئ من يظن بأن علي سلمان والوفاق مستاؤون من تثبيت الحكم المؤبد على حسن مشيمع والسنكيس أو الخواجة، فالأخير منافس لـ»شهرة» علي سلمان في الداخل حاله حال نبيل رجب، والاثنان الأوليان هما أضداد له وهما السبب في «شق» الوفاق في عام 2006 وتشكيل حركة «حق» المدعومة من سعيد الشهابي والتي سعت لتسقيط مرجعية عيسى قاسم ووصلت لمكتب المرشد الإيراني لتفعل ذلك.هي منافسة سياسية في الأساس، قائمة على استغلال الجماهير وتحشيدهم وكسب ودهم وصفهم في صفوفهم، والهدف الرئيس والأمسى هو تقسيم «كعكة البحرين»، إذ في النهاية لو تأتى لهم اختطاف البحرين فإن صراعهم سيبدأ على من سيتسيد الساحة ومن سيكون الماسك بزمام الأمور.علي سلمان ومجموعة المعارضين الشباب الذين كان يرعاهم سعيد الشهابي في لندن خلال الثمانينات والتسعينات ويصرف عليهم، هم من أبعدوا الشهابي عن الساحة المحلية حينما عاد مع بدء المشروع الإصلاحي، هم من لفظوه ولم يجعلوا له موقعاً «سيادياً» بينهم في حراك المعارضة، بالتالي عاد خائباً إلى لندن وعمل على تفتيت الوفاق من الداخل.علي سلمان يدرك تماماً فشله في كسب شعبية مثل شعبية مشيمع، والسبب أن تحشيد الشارع ودفعه للانقلاب على وطنه يحتاج لشخص خطابه واحد وواضح وليس لشخص متقلب، يخرج ليهيج الجماهير في الصباح، ثم يذهب ليعقد صفقات في اجتماعات سرية مع الدولة ويدفع وسطاءه ليناشدوا الحكم بأن يمنحوهم شيئاً يحفظ ماء وجوههم أمام جماهيرهم الذين غرروا بهم.ما يهم علي سلمان هو إبراهيم شريف فقط، وهو ما دفعه للدفاع عنه بشكل صريح وواضح في المحكمة، لا حباً في شريف بل فقط لكونه من الطائفة السنية، وهي الحقيقة التي يفشلون في إنكارها بدليل «تهافتهم» مثل تهافت المجنون على أي سني يتحدث بنفس لغتهم، وهو الشيء الذي يجعل سلمان يواصل كذبه في إقحام المكون السني في الحراك الانقلابي لجمعيته وأذيالها.الآن الساحة خلت لعلي سلمان من أغلب غرمائه، بالأخص مشيمع الذي تلقى تعليمات في لبنان من قيادة حزب الله الإيراني قبل وصوله البحرين بأن يتعاون مع الوفاق لكنه أبى إلا الاستمرار في عدم الاعتراف بعلي سلمان الذي اختفى لثلاثة أيام من الدوار حينما وصل مشيمع حتى أعلن الأخير قيام الجمهورية.السيناريو القادم معروف وواضح، حراك إعلامي وفاقي وتصريحات محمومة وبيانات تطالب بالإفراج عن مخططي عملية الانقلاب وعدم محاكمتهم أو محاسبتهم، أي بالبحريني «عطلوا القانون»، رغم أن سلمان يعرف بأن هذا لن يحصل، لكن الجيد أنه يمنحه مادة للحديث عنها لمدة تصل إلى خمس وعشرين عاماً «بحسبة سنوات التوقيف» بحد أقصى.الرجل يريد الزعامة ولا يريد منافسين، كلامه عن «زملاء النضال» يعرف الجميع أنه مجرد استغلال للموقف، ولو كان صحيحاً «تقطع» قلبه عليهم لما وقف في المحكمة ليدافع عن إبراهيم شريف وليتنصل من مشيمع وعبدالوهاب والخواجة والسنكيس الذين كانوا يرمقونه بطرف عيونهم، يوم قال: «لا نتفق مع من أعلن الجمهورية».نبارك لعلي سلمان تخلصه من غرمائه وحصوله على مادة ليتاجر بها خلال الفترة القادمة. اتجاه معاكس:لكل جهة ستعمل الآن على مهاجمة البحرين بشأن الأحكام، نقول بأن البحرين دولة لها استقلاليتها وسيادتها، لها قوانينها التي تطبقها، ومن قمة المهازل أن تأتي أي جهة خارجية لتتفلسف على البحرين في شأن تطبيق القانون على مجموعة خططت وسعت لتنفيذ انقلاب على نظام الحكم.لو كان المخططون لانقلاب في دول أوروبية لرأيتم كيف يتم مقاضاتهم بأسرع وقت ممكن لا على امتداد أكثر من عامين، ولو كان الساعون لانقلاب في إيران لما احتاجوا أكثر من أيام حتى تروهم معلقين من رقابهم ومشنوقين في الميادين العامة.غريب أمر من يطالبون بالإفراج عنهم، هل سمعت محاولة انقلابية تمر دون ضريبة تدفع؟! هل سمعتم عن محاولة انقلابية يفرج عن مخططيها ومنفذيها دون محاكمة ويقال لهم «حاولوا مرة أخرى»؟!