بات واضحاً أن المبالغة في وصف الأمور والأخبار بتضخيمها نتيجة التحريض المستمر، خصوصاً من الخارج، هو الأسلوب المعتمد لدى أولئك الذين اختاروا الطريق الآخر ولا يزالون دون القدرة على العودة إلى ما يتيح لهم خدمة الوطن والمواطن اللذين أنهكتهما تلك المبالغات وذلك التحريض الذي لا ينتهي، فكل حادثة مهما صغرت يصنعون منها حكايات وروايات بغية "تسليعها” وترويجها، وكل فعل مهما كان صغيراً ومحدوداً سعوا لإيجاد قيمة له إن كان تقديرهم أنه يصب في المجرى نفسه ويمكن أن يتسبب في أذى السلطة.قبل أيام كتبوا في مواقع التواصل الاجتماعي (مسيرة نسائية تخرج لشوارع العكر تعبيراً عن استنكارها لاستمرار الحصار واستهداف الشباب)، وأرفقوا بها صورة للمسيرة. أما الصورة فكانت لأربعة عشر امرأة وطفلة فقط واقفات تحت مظلة في مكان ما، ويبدو أن من نشر الصورة انتبه إلى عدم اتساقها مع الخبر فأعاد النشر بعد قليل بعدما استبدل جملة (مسيرة نسائية) بجملة (مجاميع نسائية)، وهو وصف لا ينطبق أيضاً على الصورة لأنها ليست لمجاميع وإنما لمجموعة صغيرة ليس بالضرورة أن تكون قد خرجت للاحتجاج حيث الصورة لا تعبر عن هذا النشاط بشكل قاطع. صورة أخرى تم تداولها ذيلت بتعليق لافت؛ الصورة لعلبة بسكويت (تك) وضعت بجانب كوب نصف ممتلئ بشاي حليب، أما التعليق فكان ما معناه أن هذا كان عشاء أهالي القرية المذكورة في الليلة الماضية بسبب الإجراءات الأمنية! ترى ألا يعتبر هذا استهزاءً بالآخرين وعدم احترام لذكائهم؟ فالصورة لا تؤكد أنها في قرية العكر ولا تبين الذي كان عشاؤه (بستوق وشاي حليب)، والذي هو أمر عادي، حيث كثيرون يتعشون (خفيف) وكثيرون يلتزمون ببرامج (ريجيم) وكثيرون عودوا أنفسهم على ألا يتعشوا، إلا إن كان من أورد الخبر يعتبر أن من لم (يضرب صينية عيش ولحم) يعتبر أنه لم يتعش! وغير هذه من صور تحتوي أموراً لا يستطيع المرء أن يمنع نفسه من الضحك بسببها والتعليق عليها.أما الأخبار التي تم تداولها عما حدث في الأيام الأخيرة في قرية العكر فاحتوت كثيراً من المبالغات، ما حدا بالبعض إلى استغلال الفرصة ليصنع من نفسه بطلاً، فتوجه إلى مدخل القرية يريد دخولها عنوة في وقت كانت وزارة الداخلية -حسب تصريحات لبعض مسؤوليها- تهتم بالتحقق من شخوص الداخلين والخارجين في محاولة منها للوصول إلى بعض المطلوبين في قضايا أمنية، بل وصلت المبالغات إلى حد تصدير خبر ملخصه أن مجموعة الحقوقيين الوطنيين والسياسيين الذين قاموا بتلك الخطوة منعوا من إدخال (قافلة غذائية ودوائية إلى القرية المحاصرة) وكأن البحرين تعيش حالة حرب! وهو ما سعت السوسة الإيرانية (فضائية العالم) إلى الاستفادة منه في الإساءة إلى البحرين، حيث هوّلت وبالغت وصورت ما يجري بطريقتها المعتادة. أما أولئك الذين اختاروا الإقامة في الخارج، والذين تفرغوا للتحريض، فاهتموا بشحن البسطاء بواسطة ذلك الأسلوب، فكثير من الأخبار التي يوردونها مبالغ فيها، وكثير من الصور التي يتداولونها ويحاولون توصيلها إلى العالم لا تعبر بشكل دقيق عن الواقع، من ذلك على سبيل المثال قولهم "نحن في منعطف خطير ويجب أن نستيقظ وننهض ونجدد روح الثورة ونعيد البوصلة للهدف الموحد. سقوطهم والقصاص”، واهتموا بالتوجيه من بعيد، فصاروا يطلبون من أولئك البسطاء محاصرة المنامة ومحاصرة المطار وغير هذا من أمور يعينهم خيالهم على الاعتقاد أنها سهلة ويسيرة، ودون أي اعتبار لأولئك الذين يمكن أن يتضرروا ويفارقوا حالة الاستقرار التي يحاول عقلاء هذا الوطن توفيرها. متابعة بسيطة لتلك الأخبار والصور تكشف كل ما تم بيانه هنا.