اعتبر النائب أحمد الساعاتي أن ترك الأزمة السياسية معلقة بلا حل يعتبر كالجرح المفتوح في جسد الوطن الذي ينزف ويستنزف طاقاته في الانتظار والجدل السياسي والطائفي العقيم، وقال إن إطالة عمر الأزمة يجعلها تستفحل أكثر ومن ثم تستعصي على الحل بسبب شحن النفوس وتوسع دائرة المعارضين أو المتشائمين لطول فترة الانتظار. ودعا الساعاتي السلطة لأن تتحلى بالشجاعة كما كانت طوال فترة الأزمة وتسمي الأشياء بمسمياتها وتضع النقاط على الحروف ليصبح الأمر واضحاً للجميع معارضة وموالاة بأن هذا هو الموقف الرسمي والسقف المقبول منها ومن حلفائها المحليين والإقليميين في أي حوار سياسي مرتقب يهدف للإصلاح، وحمل السلطة مسؤولية أمن واستقرار الوطن والمواطنين من خلال استراتيجية واضحة قائمة على العدل والمساواة في عملية البناء والمشاركة السياسية وصنع القرار وتطبيق القانون على الجميع بدون استثناء ودون التعدي على حقوق أي طرف أو محاباة طرف لحساب آخر. وتمنى الساعاتي أن يكون الجميع قد استوعب الدرس، حيث بات واضحاً للجميع بأن التدخلات الخارجية العديدة قد أدت الى استفحال المشكلة وأن الاستقواء بالخارج أو الاعتماد عليه في حسمها لصالح هذا الطرف أو ذاك قد صعب على الفرقاء القبول بالجلوس على طاولة الحوار والتفاهم للتوصل الى حل توافقي يطوي صفحة هذا النزاع الذي طال أمده. شرخ طائفي وأوضح الساعاتي ان الأزمة كشفت عوراتنا وسوءاتنا بأن ما كنا نتغنى به بأن البحرين هي جنة الارض وبأن شعبها طيب وحضاري ومنفتح ولا يمكن ان يجنح للتطرف والعنف بات محل شك الآن بعد الشرخ الطائفي الذي تعرض له النسيج الاجتماعي وأظهر للأسف الأحقاد المكبوتة والمشاعر السلبية الدفينة بين الطائفتين والتي غذاها الخطاب الديني وأسهمت التكنولوجيا الحديثة في رواجها دون حسيب أو رقيب، وأعرب عن أسفه من أن كل الجهد الذي بذل طوال العشرة أعوام الماضية منذ تدشين جلالة الملك لمشروعه الإصلاحي قد ضاع سدى خلال عشرة أشهر وتم إساءة استخدام الديموقراطية والحريات الممنوحة والمكتسبة لتسقيط الآخر الذي نختلف معه والإساءة إليه وإلى الدولة وتحطيم هيبتها وتجاوز القوانين والأعراف التي بنيناها ووضعنا أساسها طوال تاريخنا المعاصر والتي كانت تميز البحرين عن كثير من الدول العربية. ودلل الساعاتي على ما تقدم بما ورد في التقرير المرعب الذي وضعته لجنة تقصي الحقائق في أحداث الأزمة والذي كشف المستور وأظهر حجم التجاوزات وانهيار القيم والمبادئ في غفلة من الزمن الأمر الذي ترك آثاراً غائرة ومؤلمة في ضمير وذاكرة الوطن والمواطنين يصعب محوه أو نسيانه، وقال إن توصيات التقرير تعد المبادرة الوحيدة التي نالت موافقة الجميع هي الأساس السليم للبدء بأي مراجعة سياسية أو للدخول في حوار بين الفرقاء ولاسيما بعد أن أكد عاهل البلاد التزامه بتنفيذ جميع بنودها. استخلاص الدروس والعبر ودعا الساعاتي السلطة والمواطنين لاستخلاص الدروس والعبر من هذه التجربة الأليمة وعدم المكابرة أو العناد والتحدي لأن الوطن أمانة في عنق الجميع ومن يريد أن يحقق مكاسب سياسية أو مادية وقتية فإنه يجب أن يعلم بأن الشر سيعم الجميع ولن ينجو منه أحد. وطالب الساعاتي السلطة بالدعوة لمؤتمر جديد للحوار الوطني بمشاركة جميع القوى السياسية المؤثرة على الساحة وبحجم متساوٍ في التمثيل وأن يكون هذا المؤتمر مؤتمر مصارحة ومكاشفة وعمل وليس منتدى للخطابة والتعرف والعلاقات العامة ورفع العتب، محملاً كل طرف مسؤوليته الوطنية امام الشعب والتاريخ بمناقشة مفتوحة على الهواء لجميع الملفات الشائكة التي تسببت في الأزمة وهي واضحة ومعروفة للجميع وعلى رأسها الإصلاح السياسي وتعديل الدستور والحكومة المنتخبة ومنح الصلاحيات الكاملة للمجلس النيابي للرقابة والتشريع ودور المعارضة والتدخلات الخارجية وموضوع السجناء السياسيين. جمعيات سياسية طائفية وألقى الساعاتي باللائمة على الدولة بسبب نشوء الاستقطاب الطائفي لقبولها بتأسيس جمعيات سياسية قائمة على أساس طائفي وهو يتناقض تماماً مع مبدأ العمل السياسي والديموقراطي مشيراً إلى أن الفرصة سانحة الآن لتصحيح هذا الخطأ وذلك بالطلب من جميع الجمعيات السياسية إلى تعديل أوضاعها بالتحول إلى حزب سياسي بشرط ألا يقل عدد اعضائه عن ألف شخص من المقيمين في جميع محافظات البحرين لخلق التنوع الطائفي في جميع الأحزاب وتشكيل كيانات سياسية قوية ترفد العمل الرقابي والتشريعي في البرلمان وتثري الحياة السياسية في البلاد على غرار الديموقراطيات العريقة، وأما بالنسبة للجمعيات السياسية الصغيرة فتتحول إلى جمعيات ثقافية واجتماعية غير سياسية، وذكر أن اللعب بالورقة الطائفية لإضعاف الخصوم أثبت فشله وخطورته لأن “السحر سينقلب على الساحر”. وكشف الساعاتي حقيقة أن المعارضة لديها الثقل الشعبي للطائفة التي تمثلها وبالأخص مع دخول الخطاب الديني على الخط وفي المقابل فإنه من الواضح أن المارد النائم من الطائفة الأخرى قد استيقظ من سباته الطويل وبات رقماً يستحيل تجاوزه أو فرض تسويات دون الحصول على موافقته، ومن ثم على ممثلي الطرفين الاعتراف بالآخر والقبول بتقديم تنازلات ربما تكون مؤلمة من أجل الوصول لتسوية تضمن مشاركة الجميع في الحكم والإصلاح، داعياً السلطة لأن تلعب دور الراعي المحايد والنزيه للتوفيق بين وجهات نظر الطرفين. وطالب الساعاتي الدولة بالحزم مع الخطاب الديني المحرض لدى الطائفتين الذي يدعو للكراهية والذي يشتغل في العمل السياسي وهو ما يتعارض مع قدسية الدين ومع القوانين والأنظمة وبات يضع الزيت على نار الأزمة وكان له دور سلبي أسهم في الفرقة الطائفية التي يدفع الوطن ثمنها الآن. لا للدولة البوليسية وقال الساعاتي إن زمن الدولة البوليسية قد ولى وأن تجارب الدول المجاورة التي انتهجت هذا الطريق اثبت عدم جدواه لأن الزمن قد تجاوزه وأن ما كان يمكن تطبيقه في السبعينيات والثمانينيات أصبح يستحيل تطبيقه الآن بسبب الوضع الدولي ووسائل الاتصالات التي تنقل كل صغيرة وكبيرة في لحظة وقوعها. وطالب الساعاتي من المعارضة أن تدرك ان هذا الوطن ليس حكراً عليها وحدها وأنها ليست الممثل الوحيد للشعب وأن لجوءها إلى الخارج سياسياً أو إعلامياً للضغط على السلطة سيضعف من مصداقيتها كمعارضة وطنية كما إنه لا يجوز التعامل مع الشيطان لتحقيق الأهداف أو تطبيق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ومن ذلك استخدام العنف أو الضغط من خلال الشارع أوالحرب الإعلامية وتشويه صورة الوطن في الخارج أو استهداف مشاريعه الكبرى مثل سباق الفورميلا وغيره كوسيلة للضغط السياسي او الاقتصادي على الحكم لأن الخاسر الأول والأخير هو المواطن فالدمار والخراب والفقر لن يميز طائفة دون أخرى. عدم التخوين وقبول الآخر ونوه الساعاتي أنه على المعارضة أن تعي بأن النظام السياسي في البحرين باقٍ ولن يتأثر بفعل القلاقل والمشاغبات الأمنية وأن ما حدث في دول أخرى تحت مسمى الربيع العربي مختلف تماماً عن الوضع في البحرين ولا يمكن ان يطبق لدينا لأسباب محلية وإقليمية ودولية، وقال إن على الموالاة ألا تلغي أهمية دور المعارضة في إطار العملية السياسية والديموقراطية وإن كانت لا تتفق مع خطابها أو أفعالها لأن ذلك هو ضريبة الممارسة الديموقراطية التي ارتضينا جميعاً بها عندما صوتنا على ميثاق العمل الوطني، مؤكداً بأن المعارضة مطلوبة وضرورية لكي تساهم وفق رؤيتها واجتهادها في عملية البناء والتطوير سواء من داخل البرلمان أو خارجه، ودعا الى عدم تخوين المعارضة أو ربطها بالخارج بدون دليل. ونصح الساعاتي المعارضة بضرورة إجراء عملية مراجعة وتقييم شاملة لأدائها ومواقفها خلال الأزمة وأن تمتلك الشجاعة للنقد الذاتي والتخلي عن بعض المواقف المتصلبة والشخصيات التي تسببت في خسارتها أو الإضرار بالوطن والمواطنين، دون أن تضع مبررات او تلقي باللوم على الآخرين، وقال إنه آن الأوان لكي تجدد هذه المعارضة من دمائها وتستعين بصفوف أخرى من كوادرها لم تجرب مرارة الاصطدام السياسي مع السلطة أو القوى الأخرى لكي يخطو طريقاً جديداً لها دون التنازل عن الثوابت التي تؤمن بها وعلى رأسها خدمة المواطنين والنهوض بالوطن. وطالب الساعاتي المعارضة والموالاة بتحرير خطابها ومواقفها من التأثير الديني ومزاولة العمل السياسي بحرفية دون وصاية أو فيتو من هذا الشيخ أو ذلك العالم إذا كنا نريد بالفعل أن نطور تجربتنا الديموقراطية ويكتب لها النجاح لتأسيس الدولة المدنية القائمة على القانون والمؤسسات الدستورية التي هي الضامن لحقوق وواجبات الجميع. ورأى الساعاتي ان المشاكل الأمنية والطائفية ستحل تدريجياً متى ما انحلت المشكلة السياسية التي هي تغذيهما وتوفر الوقود اليومي لهما، مشدداً على دور الدولة في تدشين خطة متكاملة لمحاربة الطائفية بدءاً من برامج التعليم في المدارس وإصدار تشريع يجرم الطائفية وانتهاء بتفكيك الانعزال السكاني الطائفي القائم حالياً في مناطق البحرين من خلال المشاريع الإسكانية المختلطة التي ستذيب هذه المشكلة على مر السنين. وطالب الساعاتي الحكومة بتحسين أدائها واعتماد أعلى المعايير في تعييناتها للوظائف العامة وبرفع المستوى المعيشي للمواطنين.