مازلت أقول إن العامين الماضيين مرا وكأنهما عقد من السنوات، عامان طوال وفيهما من القسوة والفرح والألم ما فيهما، لكن المواطن اليوم يشعر أنه مر بأقسى عامين في عمره، حتى وإن قلنا أن ما أصابنا (ولله الحمد) أقل بكثير مما أصاب أهل سوريا، نصرهم الله على الجزار سفاك الدماء.نقف اليوم على حافة عام 2012، وهو العام الأكثر قسوة من بعد 2011، حتى وإن استقرت الأمور واندحر الانقلابي، وعرف حجمه، وعرف أن هناك قوة كبيرة من المواطنين تقف في وجه الانقلاب البائس الطائفي الممدود بحبل سري إيراني أمريكي، ليست الدولة فقط معنية بحفظ النظام والحكم، إنما أهل البحرين الحقيقيون هم أكبر قوة ستقف في وجه الانقلاب الصفوي ومن يريد اختطاف الدولة، فالبحرين لأهل البحرين بتنوعهم، بأعراقهم، بأديانهم، بمذاهبهم، ليست دولة طائفية يحكمها الولي الفقيه كما كان يراد لها من الانقلاب الفاشل البائس.في كل مرة نعيد ذكريات (فبراير الغدر) نقول إن الله وحده سبحانه هو من حفظ البحرين، وإن الباطل لا ينتصر، كثر أو قل، لا ينتصر، فلله الحمد والمنة من قبل ومن بعد، فالشكر للواحد الأحد على أنه حفظ البحرين وأهلها من سهام وخناجر الغدر، الله حفظ البحرين بسجود الساجدين الموحدين الذين رفعوا أياديهم لله بأن يحفظ البحرين ويحفظ أهلها وحكامها حين تكالبت علينا الدنيا، بينما وقفت السعودية والإمارات موقفاً لن ينساه أهل البحرين وسنقوله لأبنائنا، إن من وقف معنا لن ننساه أبداً.في نهاية هذا العام الذي مر أخف حملاً مما مر 2011، نقول إن ما حدث يحتاج إلى استلهام الدروس والعبر، وإلى أن نقرأ كل الخطابات التي خرجت في ذلك الوقت، حين أخذت الانقلابيين العزة بالإثم وظنوا البحرين وقعت في أياديهم، حتى أنهم وضعوا متاريس وقطعوا الطرق، وأخذوا يفتشون الناس والفتيات، في موقف مخز ممن لا ذمة ولا عهد لهم.ما شاهدناه نحن من كنا نتنقل في كل الطرقات، ونذهب لأي مستنجد من بعد انسحاب الأمن من الشوارع (هكذا فعل أغلب شباب وفتيات أهل البحرين) كان أكثر مما عرفته القيادة، وما عايشناه في تلك الأيام لم يعرفه أحد حتى اللحظة، وأنا أتحدث نيابة عن أهل البحرين، كانت أرواحنا على أيادينا، لكن الوطن كان يستحق، والإيمان بالله يجعلنا نقول، إن العمر واحد، فإما موت بعزة، وإما أن ننتصر بكرامة.كل ما سلف لا يحمل أي مبالغة، لكن اليوم ليس هذا ما يشغلنا، نعم خرجنا من حالة الانقلاب، لكن القادم قد يكون أخطر، والقادم يحتاج إلى أن يخرج صاحب القرار من أخطاء السياسات التي أوصلتنا إلى ما مررنا به.المرحلة القادمة في تقديري تتطلب أمرين هامين، الأول تصحيح السياسات وإعادة برمجة الأولويات عطفاً على ما حدث، والثاني أن تقف الدولة وقفة حزم وقوة في محاربة الفساد وضياع المال العام، وأن يتم تحسين المعيشة واقعاً وليس شعاراً (ونحن نقول ذلك ناصحين) فمن أجل أن يحفظ الحكم يجب أن نعرف أن أخطاء المحاسبة، وأخطاء ضعف عجلة الإنتاج والتنمية، وتنويع مصادر الدخل، برغم أن دخل البحرين يجب أن يجعلنا نقول إن المواطن يستحق معيشة أفضل، وسكناً أفضل، وخدمات أفضل، فالخير في البلد، لكن عدم ضرب الفساد يجعل هذا الخير يذهب هنا وهناك.نحن لا نفتح الجراح بما نقول، إنما في هذا التوقيت تحتاج الدولة إلى المكاشفة والاعتراف بالأخطاء وتصحيح السياسات حفظاً للحكم، وحتى لا تخرج جماعات هنا وهناك تستعطف الناس من أبواب الفساد وتأخر التنمية، نحتاج إلى أن نقول كلمة حق حباً في وطننا وقيادتنا، لا أن نجامل، فقد ضيعتنا المجاملات كثيراً، وكاد الوطن أن يضيع حين لم تقل البطانة كلمة حق، ولم تنقل الصورة.إذا كانت الوزير سميرة رجب تقول إن 90% من المهن الطبية والهندسية تستحوذ عليها طائفة وكان ذلك حين ابتعثتهم الدولة بالداخل والخارج، فإن هذا ليس مجال فخر (مع إيماننا بحق التعليم للجميع دون تمييز) إنما كان بسبب ظلم وقع على الناس من قبل وزارة التربية بفعل ذلك الوزير الذي خرب التعليم وخرب وزارة الصحة ومعه العجوز التي تعرفونها حتى وقعت الكارثة (بؤرتان ارتكز عليهما الانقلاب التعليم والصحة) فمن كان يرسل البعثات على أساس التمييز في وزارة التربية هو الذي جعل هذه النسب تظهر اليوم، بينما كان أهل البحرين يقترضون من البنوك لتدريس أبنائهم في جامعة البحرين رغم معدلاتهم الكبيرة التي يستحقون عليها بعثات طب وهندسة، هنا كانت المأساة، من هنا كانت بوابة اختطاف الوطن، فهل تدكرون..؟مر عامان عصيبان، انكشفت معها الوجوه وبانت بجلاء النيات الخبيثة، حتى وإن أعاد البعض لبس أقنعة المنافقين، إلا أن أهل البحرين اليوم أكثر قوة، وأكثر صلابة وأكثر إصراراً على أن يقفوا في وجه من يريد اختطاف البحرين.عدنا اليوم أقوى وأصلب، حتى وإن تخلت الدولة عن دورها، نحن هنا، نحن أهل البحرين الحقيقيون، نحن أصحاب الثورة الوطنية الأولى في العشرينيات من القرن الماضي التي كانت ضد المستعمر ومع الشرعية، حين ذاك كان البعض لا يفك الخط، ولا يعرف غير الزرع والماشية، نحن هنا لا ينحني رأسنا إلا لله وحده،سوف نبقى نحفظ البحرين من كل خائن يضع يده تارة مع إيران، وتارة مع الأمريكان، ولا خير في الاثنين، بينما الموحدون يرفعون أياديهم لله وحده بأن تبقى البحرين (وتداً عربياً إسلامياً) لا يتزحزح حتى وإن ماجت الأرض، فالباطل لا ينتصر كثر أو قل.رذاذليسمح لنا الجميع، وأرجو تقبل ما نطرح، فالهدف هو المصلحة العامة ولا شيء آخر.بصراحة تامة نقول هل تحتاج البحرين كل هذا الكم من الوزراء، أليس هذا إهدار للميزانية العامة؟هل نحتاج إلى هذا العدد من الوزراء في دولة صغيرة الحجم والسكان؟طاولة مجلس الوزراء لم تعد تحتمل هذا العدد، تحتاج الطاولة إلى توسعة (بس مافي سعة، جان تدفنون البحر، إذا حصلتوا أرض في البحر).نرجو إعادة تقييم الوضع والوزارات والوزراء، هذا العدد بصراحة تامة من الوزراء ربما تحتاجه فرنسا، أو ألمانيا، وليس البحرين..!