الشعب البحريني وصل لقمة "جبل الجليد” من التعب والإرهاق النفسي، بالتعبير البحريني الطبيعي هي الحالة التي تعبر عنها برفع يدك لقمة رأسك وتقول: "وصلت لي إلى هنا”! وبالمصري -باعتبار أن إخواننا المصريين أعصابهم فالتة لأنهم في وضعية ثورة على الثورة حالياً- يقال بصيغة السؤال: "وصلت أعصابك لنافوخك وإلا لسه”!فئات "تعبت” وهي تركض وراء قادة التأزيم والانقلاب بعد أن وعدوها بتحويل البحرين إلى جنة الله في الأرض بحسب مقاييسهم، أو بالأصح بحسب المقياس الإيراني المستمد من أوامر الولي الفقيه المعصوم، فكانت النتيجة بأن "حرقوا” هؤلاء الناس وأوصلوهم لمستوى خيانة بلدهم ونهش لحمها كل يوم، متناسين كل الخيرات الموجودة فيها.في المقابل فئات أخرى أخلصت لتراب البحرين ووقفت دفاعاً عنها، لكنها ترى اليوم بأن الأمور تمشي في اتجاهات معاكسة لما يفرضه الواقع ولما يقتضيه المنطق، فالتهاون في أمن البلد موجود، وإفساح المجال لمن يريد أن يواصل في ممارسة العبث موجود، والقانون يمكن أن يطبق على المخلصين بشدة وبلا تهاون أكثر من تطبيقه على من يخالفونه وبكل وضوح.أعصاب الناس تلفت، ونفسياتهم تعبت، خاصة حينما تتحدث مع الناس في أمور واضحة ومعروفة، لكن إجراءاتها -المفترض أن تكون معروفة ومقرة في القوانين- "معطلة”، بل الإجراءات باتت تختفي من التصريحات الرسمية، بحيث أصبح كل وزير أو مسؤول أو جهة تخرج لتصدر بيانات تعقيباً على الأحداث تقدم لنا فيها "نشرات إخبارية” في التوصيف وشرح الموقف وتنسى أهم شيء يريد أن يعرفه الناس، ونعني بذلك "الإجراءات”.وزارة العدل تخرج ببيان تشير فيه لإجراءاتها بشأن مخالفات الخطاب الديني وتنشر الأرقام، لكن بينها لا تجد أي إشارة لإجراء اتخذ بحق من دعا لقتل رجال الشرطة بكل وضوح وصراحة! وتخرج مؤخراً ببيان بشأن أخبار مغلوطة دون الإشارة لإجراءات يكفلها القانون مقابل ذلك بشأن نشر الأخبار المضللة.وزارة الخارجية تخرج وترد على النواب وتصرح بشأن معاهدة فيينا التي يضربها السفير الأمريكي كل يوم بعرض الحائط، وتمضي للحديث عن العلاقات التاريخية بين البلدين والصداقة الأثيرة بينما لا توضح الإجراء المتخذ مع الرجل حينما يتدخل صراحة في الشأن الداخلي، ما دفعه للقول مؤخراً بأنه لم توجه له "ملاحظة واحدة” واضعاً الجهة الرسمية في خانة الاتهام وتصويرها للناس على أنها هي المتقاعسة عن أداء دورها! وزارة العمل تدعم النهج الانقلابي بسكوتها على اتحاد العمال المحرض وممارساتها ضد البلد، وتكتفي فقط بذر الرماد في العيون بالحديث عن الشكوى التي رفعها اتحاد عمال البحرين على البحرين في جنيف! طيب، هذا الاتحاد لا يمكن محاسبته إن أخطأ وخالف القانون؟!تصريحات قوية بشأن محاربة الفساد، وتهديد ووعيد نيابي بأن "الرد الحاسم” و«تطيير الوزراء” قادم، وأن الفساد سيقطع دابره وسيحاسب مرتكبوه، لكن لا تفهموا غلط يا جماعة هنا، صحيح أن خمسة نواب يمكنهم تقديم طلب استجواب لأي وزير، لكن المشكلة أن قضية تقرير الرقابة موجودة في اللجنة البرلمانية، وعليه يجب الانتظار لحين تنتهي اللجنة من تقريرها، بالبحريني يعني "ما يصير نحاسب أي مسؤول الحين”، مو مشكلة اخذوا وقتكم في اللجنة وخلونا ننسى التقرير بنفس طريقة "تمييع” التقارير السابقة.نسمع التصاريح يومياً، نقرأ الجرائد ونرى الحشو الكلامي وترديد الشعارات ووعد الناس بتحسين كافة الأوضاع، الأمنية، المعيشية، الاجتماعية والخدمات، وفي النهاية يبقى كلاماً بلا تطبيق. الكلام بات لا يقنع، الناس تريد أرقاماً وتريد أشياء محسوسة مطبقة على أرض الواقع يمكن قياسها وإدراكها.بصراحة نخاطب من هنا؟! المواطن البحريني في الداخل، أم المجتمع الدولي في الخارج؟! من الأهم، الداخل أم الخارج؟! والله الناس تعبت، بعضهم أخذ يتوسل في وسائل التواصل الاجتماعي الدولة بأن تزيد الرواتب، وأن تسقط القروض، وأن تفرح الناس بأقل القليل. بعضهم أخذ يهدد بأنه سيطبق القانون بيده لأن الدولة لا تطبقه، ما ينذر بكارثة بالفعل. بعض آخر بدأ يفقد الثقة هذا إن لم يفقدها سابقاً بشأن عودة هذا البلد لما كانت عليه. حتى الكتابات الصحافية باتت "تتعب” أعصاب الناس، وسامحونا هنا يا جماعة. من يكتب مع الوطن يذكر الدولة كل يوم بتطبيق القانون، بخطورة "كسر ثقة” الناس المخلصين، ويشير إلى أن التراخي مع الطامعين يجعلهم يطمعون أكثر، وأن التساهل مع محاولة الانقلاب سيقود لمحاولة انقلاب أخرى. في جانب آخر من يكتب ضد الوطن يواصل تصوير الدولة على أنها "منبع الشر”، ويواصل تخوين كل من يقف ضده من آراء وبشر يرفضون بيع هذا الوطن لأجندات فئوية، حتى شارعهم تعب من تكرار السؤال بشأن "ساعة الصفر” بمعنى متى موعد "الانقلاب القادم”، والدولة ترى التحريض وتعرف كل شيء، و.. و.. وفقط!المواطن تعب وتعبنا معه ونحن نبحث عن إجابات، تعبنا ونحن نبحث عن تطبيق للكلام الذي ضجت به وسائل الإعلام، تعبنا ونحن نبحث عن الإجراءات التي يبدو أنها لن تطبق إلا على المخلصين من أبناء هذا الوطن إرضاء إما للضغط الخارجي، أو محاولة لاستمالة من خان وضرب الوطن بخنجره عله يسكت ويستكين ويكف شره مثلما فعلت بعض الخناجر التي رأت في فترة من الفترات أن مصلحتها في السكوت والمهادنة، فصار منهم الوزير والمسؤول وعضو الشورى وغرفوا من الدولة ما غرفوا، ثم انقلبوا عليها، والدولة "محرجة” بأن تفصح عما منحوا وأعطي لهم، طيب إقرار الذمة المالية هل سيوضح كل ذلك فيه؟!بودنا نقول للمواطن "ريح أعصابك، الدنيا ما تسوى”، لكن المشكلة ما هي البدائل التي ستجعل أعصاب المواطن تستريح؟! والله لا شيء، طالما المواطن يحس بأن وطنه مهدد، وأن بوصلة تصحيح الأمور معطلة، وأن القانون "رهن الاعتقال”، وأنه هو اليوم بات متضرراً أكثر ممن استل نصل خنجره وضرب الوطن في ظهره.ريحوا أعصابكم "التالفة”، لكن لا تسألوني "كيف”، كل واحد "يصرف” أموره على هواه.اتجاه معاكس:آخر "العجائب”، يقول النواب بأن موضوع طيران الخليج أصبح "موضوع بايخ”! فعلاً يا جماعة، موضوع بايخ؟! طيب من حوله لـ«موضوع بايخ”؟! من شجع الشركة على أن تكون لها عادة "بايخة” بـ«الاعتياش” على ميزانية الدولة كل مرة؟!تريدون أن تعرفوا ما يظنه الناس بأنها "مواضيع بايخة”؟!بصراحة لا أشجع الناس على الإجابة، حتى لا يكونوا في نظر بعض النواب "ناس بايخين”!