هل تتناسب سرعة «التأني» في خطوات الاتحاد الخليجي مع سرعة المخاطر التي تتعرض لها دول الخليج؟الجواب حتماً لا، فنحن نتحدث عن سرعة رياح للخطر تصل إلى 1000 عقدة, أي إلى إعصار إلى تورنيدو, يقابلها استعدادات لا تزيد قدرتها الدفاعية عن مواجهة رياح بـ100 عقدة فقط!!وهذا تهاون واستهتار بأمن وسلامة شعوب هذه المنطقة, فلا الوقت ولا طبيعة المخاطر تحتمل هذا الحراك الذي يقف عند آليات تنسيقية وانتظار تسوية اختلافات في التشريعات أو اختلافات في الإجراءات أو ينتظر حتى تهدئة المخاوف السيادية.دولنا تقابل طبيعة مخاطر غير مسبوقة ولم تعتادها وفاجأتها على حين غرة.دولنا الصغيرة مهددة في عقر دارها اليوم إيران لم تكتف باحتلال الجزر الإماراتية الثلاث لمدة تزيد عن الثلاث عقود, لنسير حياتنا نحن باعتيادية بينما لا نكف عن مناشدتها بالقبول بالاحتكام الدولي بشأنها, إيران اليوم نقلت معركتها (المسلحة) إلى أراضينا من خلال تحريك فيالقها الخليجية المؤتمرة بأمر مرجعياتها الدينية الإيرانية, لم تعد إيران بحاجة لهجوم مباشر هناك فيالق في دول مجلس التعاون أكدت وجودها كل أجهزة الاستخبارات الخليجية والبريطانية مدعومة بقوة لوجستية إيرانية, وبنفوذ مالي خليجي, وبفيالق مسلحة بالقرب من حدودنا في العراق وقريباً في سوريا!تداعيات الوضع في سوريا والعقوبات الدولية على إيران ستجعلها كالحيوان الجريح المحاصر الذي لا يملك ترف التورية والصراع عبر الوكلاء، بل سينقل الصراع إلى صراع مباشر, وحين يتعامل مع دول متناثرة صغيرة كالكويت والإمارات والبحرين يسهل عليه ابتلاعها بوجود من يفتح له الباب من الداخل.ثم جاءنا الخطر الأكبر الذي لم نحسب له حساب وهو تغيير الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة التي تمتلك الأساطيل والقواعد العسكرية فيها، المتغير قلب معادلة تحالف تاريخية زادت على النصف قرن مع أنظمة دول مجلس التعاون، لترتكز هذه المعادلة على التخلص من هذه الأنظمة عبر خلخلتها من الداخل من خلال تمكين جماعات وأقليات ودعمها لوجستياً.هل خطر في بال شعوب هذه المنطقة أو أنظمتها أن يأتيها الخطر من حلفائها التاريخيين والتقليديين؟الخطر الآخر الذي لم يكن في الحسبان هو تبدل الأنظمة في دول عربية كانت حليفاً وعضيداً وظهراً آمناً لمنظومة دول مجلس التعاون، لتفاجأ دول مجلس التعاون أن مخاطر واردة ومحتملة حتى من تلك الدول بسبب صعود جماعات لها امتدادات إقليمية داخل دول المجلس بدأت تحرك أياديها عابرة حدودها السيادية بلا اكتراث.نحن إذاً أمام مخاطر لها طبيعة لم تتعامل معها دول مجلس التعاون من قبل, هي مخاطر ذات بعد دولي وإقليمي ولها امتداد داخلي, مخاطر مستجدة وسرعة حراكها أكبر من القدرة على استيعابها بذات الآلية السابقة «المتأنية» التي تدقق في الاختلافات التشريعية والتنظيمية وغيرها من أمور تناقشها دول مستقرة أمنياً لا دول مهددة بكيانها وبمصيرها.مخاطر لا يجدي معها مستوى التنسيق الذي تحتاجه الاتفاقيات الأمنية مثلاً ولا حتى الدفاعية بشكلها الحالي، مخاطر لا يجدي معها مستوى التنسيق على صعيد العلاقات الخارجية وما تتطلبه السياسة الخارجية من توحيد المواقف وصلابتها أمام قوى عظمى تحاول أن تعيد رسم خارطة المنطقة, في حين يقابلها تحرك خارجي يعتمد فقط على الانسجام في العلاقات الشخصية بين وزراء الخارجية أكثر مما يعتمد على قرارات قيادية تدرك حجم هذه المتغيرات المحيطة بدول المجلس.باختصار ما يواجه دول مجلس التعاون مخاطر غير مسبوقة تحتاج إلى سرعة اتحاد لمواجهتها غير مسبوقة، وإلا نكون قد استهنا بأمن وسلامة شعوب دول المجلس.