كنت قد كتبت في مقالات سابقة عن أن الهدف من كثرة المسيرات والتجمعات والتركيز على المنطقة التجارية في المنامة هدفه ضرب الاقتصاد تمهيداً لإسقاط النظام، وهكذا كتب آخرون. حينها انبرى عناصر من جمعية الوفاق على وجه الخصوص ونفوا هذا الأمر، وقالوا إنهم حريصون على بقاء اقتصاد البحرين قوياً وإنه من غير المعقول أن يسعى أحد إلى تدمير البلاد ومضرة الناس، وإن كل المراد هو الضغط على الحكومة كي تقدم تنازلات معينة. في هذا الخصوص توجد كمية من التصريحات التي استنكر أصحابها اتهامنا لائتلاف 14 فبراير على وجه الخصوص بالسعي نحو هذا الهدف.اليوم يصدر الائتلاف بياناً رسمياً تحت عنوان (التعليق الاقتصادي «1») يحمل عنواناً شامتاً يراد من خلاله القول للعالم وللمستثمرين بشكل خاص إن مؤشر البورصة إلى أدنى مستوياته، ويذيل التعليق أو البيان باعتراف يصم الآذان يكذب كل من دافع عن فكرة أن تخريب الاقتصاد ليس هدفاً لهذه القوى، حيث يقول «نحن هنا نؤكد أن معركتنا تستهدف الاقتصاد.. وسنمضي نحو إسقاط الاقتصاد تمهيداً لإسقاط النظام وذلك استعداداً لقيام النظام السياسي والاقتصادي الجديد.. واستعداداً لبناء الاقتصاد الوطني..»!.اعتراف مبكر بنية مبيتة ظلوا ينكرونها على مدى عام ونصف العام ويتهمون من يقول بها ما لذ لهم وطاب من اتهامات، ليس أولها ولا آخرها، الحصول على مبالغ من المال العام، بل إن هذا التصريح الذي جاء الآن في وثيقة رسمية يرد حتى على أولئك الذين تطوعوا للدفاع عنهم وقالوا إن ما نقوله نحن ليس إلا من خيالنا وإنه لا يوجد عاقل يخرب اقتصاد بلاده! ربما تعجلوا أو نسوا أنهم سبق أن أنكروا هذا الأمر واعتبروه مجرد اتهام لا قيمة له، لا أدري ولكنهم في كل الأحوال اعترفوا بشكل لا لبس فيه أنهم إنما يهدفون بحراكهم ذاك وقطعهم للشوارع الرئيسة والتقاطعات الحيوية والتصعيد وعودة الفعاليات إلى قلب العاصمة إلى ضرب الاقتصاد ورفع الخسارة التي يتكبدها النظام من الملايين إلى المليارات كما جاء في التقرير نفسه. من يقرأ التقرير الذي من الواضح أن كاتبيه من ذوي الخبرة في المجال أو أنهم استفادوا من أناس يمتلكون مثل هذه الخبرة (...) يتبين مقدار الفرحة التي ظلت مسيطرة على من قام بإعداده ومن أوصى به، فاهتم بالتركيز على كلمة «الحمراء» لبيان ترنح الاقتصاد (وهذا في واقع الأمر غير صحيح وإن كان لا يختلف أحد على تأثر الاقتصاد بسبب الأحداث التي مرت بها البحرين وتوشك على النهاية)، وبيان أن هذا هو نتيجة «الفعاليات الضاغطة والتي لم تهدأ.. فأينعت وأثمرت»، وهو ما يؤكد من جديد صحة اتهامنا لهم في مرحلة مبكرة وابتعاد من نفى هذا الأمر عن الصدق. نحن إذاً أمام معركة واضحة الأهداف، حيث ما يسمى بائتلاف 14 فبراير يعترف بوضوح أنه يسعى إلى تدمير الاقتصاد (ليبني اقتصاداً جديداً)! وأنه يريد إسقاط النظام، وهما الأمران اللذان لاتزال الجمعيات السياسية، وأولها الوفاق، تنكرهما وتقول إنها تسعى إلى التهدئة والإصلاح. التعليق الاقتصادي الصادر عن هذه الجماعة وضع النقاط على الحروف، لذا صار لزاماً على الجمعيات السياسية أن تحدد موقفها وتضع بدورها النقاط على الحروف، هل هي مع إسقاط النظام أم أنها ضد من يقول بإسقاط النظام؟ هل هي مع دعم الاقتصاد وتقويته أم مع تدميره ومع من يسعى إلى هذه النتيجة؟ ما يخشاه المرء هو أن نفاجأ ذات يوم أن الجمعيات السياسية التي تقول بالإصلاح تفاخر أنها ظلت تسعى إلى تدمير الاقتصاد لبناء اقتصاد جديد!