الوضع السياسي الذي وصلنا إليه خلال الأسابيع الماضية كان حساساً للغاية وخطورة تداعياته تشابه تداعيات ذروة أزمة فبراير 2011. وهو ما دفع الدولة لإعادة حسم مسارها في التعاطي مع التفاعلات السياسية والأمنية المختلفة. فمنذ انتهاء الأزمة العام الماضي كانت الدولة أمام خيارين؛ الأول يقوم على ضرورة التعاطي مع الأوضاع عبر خطة طويلة المدى تكون التكتيكات فيها ذات نفس طويل حتى تظهر نتائجها مستقبلاً. أما الخيار الثاني، فهو خطة أو مجموعة خطط قصيرة المدى تتضمن تكتكيات أكثر صرامة وفاعلية. كلا الخيارين لهما من التداعيات والنتائج الكثيرة، فالخيار الأول لا يمكن أن تظهر نتائجه سريعاً، وهو غير مكلف لكافة أطراف الصراع السياسي في البحرين. أما الخيار الثاني فنتائجه سريعة وفورية ويمكن أن يغيّر مسارات الصراع، ولكنه مكلف لكافة أطراف الصراع. بالتطبيق على الحالة البحرينية يمكن ملاحظة أسلوب تعاطي الدولة منذ انتهاء حالة السلامة الوطنية مطلع صيف 2011 وحتى قبل تفجيرات العاصمة قبل أيام بأنه أسلوب يعتمد على الخيار الأول، ونتائجه لم تظهر حتى الآن، واللافت فيه أنه سبب إشكاليات كبيرة للدولة، وكوّن تحديات جديدة أبرزها تراجع قدرتها على السيطرة وإدارة النفوذ السياسي تجاه الجمهور. الوضع تغيّر بعد تفجيرات القضيبية والعدلية، وأعتقد أن الدولة استطاعت تغيير أسلوبها سريعاً لتتبنى الخيار الثاني الذي جاء مفاجئاً للرأي العام المحلي والدولي. قبضة أمنية واضحة، والعمليات الإرهابية في استمرار، ونتوقع تصاعدها أكثر فأكثر. البحرين ليس لديها ما تخسره أكثر بعد المساس بهيبتها وسيادتها الوطنية، ولذلك لابد من أسلوب شديد وحازم وقوي يكون سمة الفترة المقبلة في السياسة البحرينية، فأسلوب الشدة من الحكمة أيضاً عندما تستخدم في الوقت المناسب. نتوقع كذلك استمرار أنشطة من أسقطت جنسيتهم المناهضة للدولة البحرينية، ولكنهم اليوم باتوا أجانب ليسوا مواطنين، ولا ينبغي الاكتراث لما يطرحون فالبحرين للمواطنين الذين يقدرون حمل شرف الجنسية، وليست للأشخاص الذين لا يقدرون هذا الشرف. أسلوب الشدة لا يتضمن فقط إسقاط الجنسية، بل هناك تكتيكيات أكثر نجاعة وفاعلية وتأثيراً من الإسقاط، وهو ما ينبغي أن يكون مقدمة لخطوات أخرى مقبلة. ولنتذكر أنه لا معنى ولا قيمة لمعايير حقوق الإنسان إذا كان الأمر يتعلق بالأمن الوطني والسيادة الوطنية.
Opinion
إسقاط الجنسية.. الشدة من الحكمة أيضاً
08 نوفمبر 2012