فوتت الوفاق كعادتها فرصة ثمينة للترويج لنفسها كقوة سياسية وطنية خليجية إصلاحية، فرصة ذهبية ثمينة لن تتكرر حيث الإعلام الخليجي والعربي موجود في البحرين بكثافة.وبدلاً من انتهاز الفرصة لدحض الادعاءات التي تصورها كقوة تفتقد الروح الوطنية وتكذب ما يشاع عنها أنها لا تنتمي لهذه المنظومة الخليجية، اختارت التوقيت الخاطئ لتؤكد على تلك الحقائق التي يعرفها كل بحريني ويجهلها كثير من الخليجيين، واختارت أن تعزل نفسها بإرادتها عن هذا التجمع الذي ضم إضافة لدول الخليج العراق واليمن، فاختارت الوفاق توقيتاً غير مناسب أبداً، لتغرد خارج السرب بخطأ تكتيكي ستدفع ثمنه غالياً على صعيد العلاقات الخليجية الذي خرج بانطباع مقيت عنها لم تروجه هذه المرة مكائن الإعلام الرسمية بل روجته الوفاق بنفسها.بوجود الإعلام الخليجي والعربي على أرض مملكة البحرين كان بإمكان الوفاق ممارسة التقية على الأقل والظهور بالمظهر «الوطني» الذي ينصهر في القواعد الوطنية المشتركة، لكنها فضحت ما يعتمل في النفوس وكشفت دون أن تقصد عدم انتمائها لروح هذا الوطن الذي انصهر كل أبنائه وراء منتخبه كقاسم مشترك لا علاقة له بالسياسة في حدث تاريخي لا يتكرر كثيراً.حجة وجود لاعبين مبعدين أو لاعبين يقضون عقوبة السجن لها مسارها القانوني والحقوقي، إنما كان المنتخب البحريني قاسماً مشتركاً وطنياً، والدورة الخليجية بحد ذاتها كانت قاسماً مشتركاً لاتحاد الشعوب الخليجية، فاختارت الوفاق العزلة، ولم تكتف بذلك بل رمت نفسها مجدداً في أحضان الراديكالية العنيفة حين دعمت وشجعت على تجاوز القانون، وروجت لمسيرة غير قانونية دعت لها أكثر الحركات العنيفة في منطقة الخليج فيما يسمى بـ«14 فبراير» في يوم ختام الدورة الخليجية، يوم التقت فيه كل شعوب الخليج والعراق واليمن لمتابعته، لترتكب واحدة من سلسة إخفاقات متكررة، لا تعي المتغيرات ولا تقرؤها جيداً.وأكثر من ذلك انكشف ستر هذه الحركة في الفضاء الإلكتروني خاصة في التويتر، فخرجت التغريدات من قواعدها تتمنى خسارة منتخبها الوطني بل وتشمت بالخسارة وتعض الأصابع قهراً حين فاز أو حين يلعب منتخبها بجدارة لتضع إخوتنا الخليجيين أمام ظاهرة غريبة لم تشهد الأوطان في أي بقعة من بقاع الأرض شرقية كانت أو غربية لها مثيلاً، حيث الانسلاخ التام وعدم الانتماء والكره والبغض والمشاعر السوداء تجاه قاسم وطني مشترك لا خلاف عليه.ما نفع الأعلام التي ترفعونها؟ ما نفع الهوية التي تحملونها؟ ما نفع سنية أو شيعية التي ترددونها والخليجيون هم من قاموا بإطفاء حرائقكم التي كادت تودي بهم.هذه المرة رأى إخوتنا في الخليج انسلاخكم عنهم بلا إعلام رسمي وبلا إعلام مرتزق، لقد قدمت أنفسكم بأنفسكم.مقابل ذلك صفق الجمهور البحريني وآزر منتخبه بكل حب وبكل تفان وبكل إخلاص، بشكل لم يحظ به أي منتخب بحريني سابق، وهو المنتخب المتجانس وطنياً رغم تعدد مذاهب لاعبيه وأعراقهم، ولم يقف أحد أمام مذهب حارس مرمى البحرين ولا حتى أمام مدرب المنتخب الإماراتي، ذابت المذهبية تماماً لم ينظر أحد لأي لاعب كشيعة أو سنة، بل نظر لهم كوطنيين بحرينيين أو إماراتيين، كلهم كانوا وطنيين بجدارة، ولهم كل الاحترام والتقدير ككفاءات وأداء أشاد به القاصي والداني.ستبقون في الذاكرة الخليجية لأجيال كجماعة سياسية مقيتة عزلت نفسها واختارت الانكفاء والانطواء على نفسها، واختارت الامتداد شرقاً بدوافع مذهبية ضيقة صرفة وقطعت أواصر الوطن والعروبة بإرادتها.