حتى إن كانت لدى البعض تحفظات على الحوار مع من أدخلنا في الأزمة كبيرة وقسم البلد، والبحرين لم تكن تحتاج إلى ثورة كما قال بسيوني، وأصابنا بجرح لا أحسبه يطيب (مع كل احترامي لهذا الطرح الوجيه) إلا أن المسألة لا تؤخذ هكذا. هناك من يضع البحرين تحت مجهره، إما أن تستجيب وإما (...)، لذلك فإن رفض الحوار ليس حكيماً الآن، إنما المطلوب هو أن يكون لدى أهل البحرين من يتحاور باسمهم، ويطرح قضاياهم بقوة، ويقول كلمة الحق، ولا يتحالف مع إرادة الشر. هذا هو المطلوب.. المطلوب أن يكون لديك مشروعك في الحوار ولديك إرادتك، وقوة حجتك ومبادئ تنطلق منها تعبر عن الشارع الحقيقي، هذا هو المطلوب، حتى إن عرفنا من هو الطرف الآخر وماذا يريد. مع عميق الأسف، إن هناك التباساً كبيراً لدى الجمعيات السياسية والوطنية وتجمع الوحدة، بين الولاء للشرعية الحاكمة، وبين مطالب الناس، هذا اللبس كان مزعجاً منذ زمن طويل، دمرتنا كثيراً (كل شي تمام طال عمرك) بينما الواقع غير ذلك، والقيادة بأقطابها الثلاثة تريد كلمة الحق، ولا تريد المجاملات، فإذا الجمعيات لم تطرح موقفها القوي، لقادة البلد الحق أن يقولوا لم يطلبوا هذا الأمر في الحوار. إن كنا وجهنا رسائل عدة للدولة، وقد كتبنا كثيراً عن أخطاء السياسات منذ الثمانينيات، لكن هذا لا يكفي، فهناك أيضاً من يجب أن يسمعوا كلمة حق في دورهم وممارستهم وصوتهم وقوتهم على الأرض. كنا نظن أن قوة أهل البحرين ظهرت أخيراً في تجمع قوي كبير يعبر عنا، لكن هذا التجمع خذلنا، في الدور والسياسات، والمواقف، واختيار الشخوص الذين يتصدرون هذا التجمع، ما أكبرها من خيبة أمل، حين ظننا أن هذا التجمع سيكون صوتاً لمن كان صوتهم مغيباً. مع كل محبتي واحترامي للرجال المخلصين في تجمع الفاتح، إلا أنه لم يعبر عن قضايا وهموم الناس وانشغل في حروبه الداخلية. لن أطيل في هذه المسألة وأنتم تعرفون ما أعرف، لكن حين لا يكون لك قوة على الأرض وتأثير فلن يحترمك أحد، هذا نقوله للتجمع وللأصالة وللمنبر الإسلامي، وأنتم جميعكم ترون كيف حدث الانحسار عنكم، كان ذلك بسبب المواقف والدور والممارسة على الأرض. بدل أن نرفض الحوار، علينا أن نطالب ممن سوف يمثلون أهل البحرين في الحوار (الأسماء ربما معروفة) أن يكون صوتاً للحق، وأن يقفوا سداً منيعاً في وجه من يريد اختطاف البحرين، وأن تتحدثوا عن حياتنا ومعيشتنا، وعن الفساد، وعن ضياع المال العام، وعن كل ما يمس حياتنا السياسية أو الاقتصادية أوالاجتماعية. من يريد أن يطرح (مثلاً) منع الخمور، وإيقاف العمل بالربا، فإن الحوار يجب أن يكون مكاناً له، بدل أسئلة لا تقدم ولا تؤخر، وهذا مجرد مثل لا أكثر. بالإمكان استثمار الحوار إيجابياً بدل كلمة نرفض.. نرفض، والآخر يحصل على المكاسب والقطار يغادر المحطة، ونحن نتفرج. هناك من لا يرى الحقيقة كما هي، فحين طرح سمو ولي العهد مبادراته للحل في البحرين هو يعرف تماماً ماذا يطرح، ويعرف ماذا يقول. فالبعض يظن أنه يعرف أكثر مما تعرف قيادتنا، أو أنه وصياً على البحرين ويخاف عليها أكثر من رب البيت، وهذا يجافي الحقيقة. كل مبادرات سمو ولي العهد كان من ورائها حب للبحرين وأهلها، وتغليب للغة العقل والحكمة، لذلك من لديه ثوابت ومبادرات ومواقف ومشروع، فليذهب للحوار وهو قوي، ولن يحدث أمر إلا بالتوافق، لكن، وللحقيقة، فإن دور سمو ولي العهد في مخاطبة الغرب الإنجليز وأمريكا وغيرهم كان كبيراً ومؤثراً جداً، ونزل فتيل مؤامرات كبيرة، ربما لا يعرفه المنشغل بالشأن المحلي ذلك، أو لا يدركه، لأنه غير ظاهر محلياً، لكن ليعلم الجميع أن رب البيت يخاف على بيته أكثر من أي أحد آخر. أعود لأقول إنه من الضروري أن يكون هناك موقف تنسيقي بين القوى الوطنية التي تحب الخير للبحرين يستبق الحوار، وأن يكون هناك شبه توحيد للمواقف قبل أن نذهب وكل إنسان يصرخ في زاويه، هذا لن يجدي. قضيتنا الأساسية هي (ما هو مشروعك للحوار) هذه هي القضية، فلا ينفع التقوقع بينما الأمور تسير من حولك، هناك من سلّم بنفسه الراية وجلس يتفرج، فكيف يكون لك دور وأنت تتفرج، وقد سلمت الراية ولم يكن لديك قوة ولا تأثير ولا تحرك على الأرض.* رذاذليس الآن وقت الرد على ترهات وزارة العمل، سأفرغ لكم فيما بعد..!!