ونحن نمر بمناسبة وطنية عزيزة جداً علينا كبحرينيين، وعلى وطننا الذي يبتهج باحتفالات العيد الوطني المجيد والذكرى الثالثة عشرة لتولي جلالة الملك مقاليد الحكم، ويحيي أجمل مظاهر الحب والولاء ومشاعر المواطنة الصالحة؛ ندرك في هذه المحطة التاريخية والمنعطف الذي تمر به البلاد منذ العام الماضي أن «بحرين اليوم» ليست «بحرين الأمس»، فحتى في مظاهر احتفالاتها هناك أمور طرأت وقناعات تبدلت وواجبات ومسؤوليات مشتركة أضيفت إلى لائحة المواطنة لدينا كمواطنين، ولم يعد الاحتفال بالعيد الوطني مجرد عيد عابر يمضي بنا، بل أصبح تاريخاً يوثق في المرحلة التي نعيشها حالياً والتي ندرك أنها باتت مقياساً يستطلع من خلاله سيناريو الوطن القادم.علمتنا تجربتنا الأمنية المؤسفة الماضية كيف نكون مواطنين بالحب.. كيف نجدد عهداً يومياً مع الوطن وقيادته بالولاء والطاعة والعمل.. كيف نحتفي يومياً بوطننا وكيف نجعل كل يوم جديد في حياتنا عيداً وطنياً نخدم فيه الوطن بالحب!! حب يدفعنا للتطوع بالعمل مكان من تخلف عن مهامه الوظيفية لتمثيل الإرهاب.. حب يدفعنا للتبرع بأوقات راحتنا في ممارسة هواية جديدة تبدد ساعاتنا وتأخذ من أوقاتنا وهي الدفاع عن الوطن إلكترونياً.. حب الاجتهاد في العمل والتوجه إليه حتى وإن سدت الشوارع وعطلت حركتها المرورية لأجل دفع عجلة التنمية واستمرار الحراك المؤسساتي والمهني في الوطن.. حب الغيرة الذي يجعلنا نغار ضد كل من يحاول اختطاف الوطن وتحويله لوطن الإرهاب والقتل.. حب الحمية الذي يجعلنا نهب لتصحيح أي صورة تشوه الوطن خارجياً وتنال من سمعته، وإن أدى ذلك إلى التشابك بالكلمات والمقالات.. حب الكلمة والدفاع من خلالها عن الوطن بالتعبير عن الرأي.. حب الدعاء وترديده في صلواتنا بحفظ البحرين وحفظنا.. حب التميز بالاجتهاد للنجاح في مجال وظيفي أو دراسي ما حتى يذكر اسم البحرين عندما يقال إن من تميز هو من البحرين ومواطن بحريني!! هل أخطأنا عندما جعلنا رمز دولتنا بالألوان أمام العالم «الأحمر» لون الحب؟ سنكمل العامين قريباً على أزمتنا المؤسفة ونشعر بأننا كبرنا «وطنياً» أعواماً عديدة خلالها!! كبرنا سريعاً وأدركنا أن المسؤولية الوطنية لم تعد كمفهوم كما كانت بداخلنا؛ بل تغيرت وأصبحت معادلة حب الوطن والولاء له بداخلنا أكثر عمقاً وفعلاً، وهو أمر لم ينعكس علينا فحسب بل حتى على الأطفال الذين نضجوا وطنياً بسرعة، وأصبحت الشعارات الوطنية راسخة في عقولهم الصغيرة البريئة، وباتوا يفهمون في الشؤون السياسية والمحلية أكثر ويغردون بها.تجربتنا التي مررنا بها في أزمة البحرين المؤسفة الماضية جعلتنا ننضج سريعاً وندرك أن «بحرين اليوم» تحتاج إلى ما هو أبعد من ترديد الشعارات الوطنية الروتينية المكررة، وللكثير من مشاعر الوطنية التي تكون كما الزاد لنا في رحلة الإنجاز وخدمة الوطن والدفاع عنه. ذكرى العيد الوطني وتولي جلالة الملك مقاليد الحكم اليوم لم تعودا مقرونتين أمامنا بتاريخ «ديسمبري الشهر».. نحن نحيا عيداً وطنياً متجدداً يومياً يتمثل في داخلنا وندرك أنه حلقة مكملة ومهمة وجب فيها مراعاة الخطاب الوطني المطروح وتجديد مضامينه وتحديث مظاهر ولائنا وحبنا للوطن مع الواقع الحاضر، وبات العديد من المواطنين يدركون أنهم الرقم الصعب الذي يحسب له في معادلة الوطن، والذي وجب أن يتسلح بالثقافة الوطنية اللازمة التي تمكنه من التعبير عن حبه لوطنه والدفاع عنه بشكل أكثر رصانة وقوة وتأثيراً، فحتى العمل لم يعد لأجل العمل وكسب لقمة العيش فقط؛ بل أصبح لكل عمل دلالة وقناعة تعكس مفهوماً وطنياً هاماً في وقتنا الراهن، وحراكاً يخدم الوطن ويحفظ مؤسساته من التعطل.عندما نتأمل البحرين اليوم نجد أن هناك أحداثاً وطنية هامة قد بدأنا نسير فيها تمهد لمنعطفات تاريخية أخرى -منتدى حوار المنامة على سبيل المثال- لذلك فالعيون التي تترقب وتتابع كل مستجد في البحرين لابد أن يظهر أمامها مواطن لديه وعي بما هو دائر في رحاب الوطن، ولا بد عندما يتكلم ويصرح ويبارك بعيده الوطني أن يقرن ذلك بتحديثات المستجدات الحالية، فبحرين اليوم تحتاج إلى مواطن يقظ مثقف يمتلك مهارات التعبير عن الرأي والربط بين العبارات الوطنية والولاء وبين الأحداث الراهنة، ولديه حس المسؤولية الوطنية والجماعية أمام أنظار العالم التي باتت أكثر تركيزاً علينا مما مضى.هناك حاجة اليوم للتعبير عن حب البحرين لا ميدانياً في الأجواء الاحتفالية فحسب؛ بل بالأفعال والأقوال أيضاً، في زمن طغت فيه كلمة «التويتر والفيسبوك» لتكون مقياساً ومؤشراً يعكس اتجاهات الرأي العام واهتماماته ووطنيته، حتى باتت واجباً ضرورياً لدحر جميع الاتهامات المزيفة التي روجت بالخارج بأن الأزمة المؤسفة التي تمر بها مملكة البحرين هي أزمة شعبية، وأن أغلبية الشعب مع الثورة التي هي بالأصل إرهاب عابث.بحرين اليوم تحتاج في احتفالها وعرسها الوطني لحمة وطنية يشارك فيها الجميع للانقلاب على نظام الإرهاب بالحب والتسامح والتعبير عن الولاء المطلق للقيادة، الذي بات واجباً، وبات الساكت عنه كشيطان أخرس، يسكت عن الحق، وأصبحت الشهادة التي لها مرتبة كبيرة في الإسلام تتجسد وتتمثل صورها في شهادة التعبير بالرأي والكلمة والفعل أمام العالم أجمع، ولم تعد كلمة أنه ليس مطلوباً منا أن نعبر عن حب وطن يسكننا منذ الصغر جملة يعذر فيها المواطن. فالوطن اليوم لم يعد كما الوطن بالأمس؛ هو بحاجة إلى إظهار مشاعر الحب والولاء بجرعات مضاعفة وأكثر من الماضية، وبحاجة إلى التحلي بمسؤولية الكلمة ومسؤولية الفعل ورجاحة الفكر والرأي والمنطق، وبحاجة إلى أن يعي كل مواطن أنه بات ممثلاً لمملكته الحبيبة، وأن كل واحد منا كمواطنين له دوره وأن غيابه عن صورة الوطن يؤثر كثيراً، وأقرب تشبيه إلى ذلك ما نراه في الاحتفالات الوطنية في الدول المجاورة عندما يقف جموع من المواطنين يحملون قطعاً مركبة ويقفون بشكل منظم عندما يرفعها جميعهم عالياً في وقت واحد مرتب تتشكل صورة علم الدولة أو صورة أحد رموزها، حضور المواطن لإكمال صورة حب الوطن بات مسؤولية وطنية لا مجرد مشاركة وطنية عابرة.