ظهرت في الأيام الأخيرة إشارات مختلفة عن وجود رغبةٍ واضحةٍ لدى الجهات الرسمية والجمعيات السياسية في انتهاج طريق الحوار سبيلاً للخروج من الأزمة الراهنة، غير أن المسألة في نظري تتمثّل في كيفية تحويل الرغبات إلى نوايا لتجسيد الأهداف على أرض الواقع الملموس. فوفقاً لنظرية الهدف، يتم التمييز في مراحل القيام بالفعل بين مسائل الحافز المرتبطة بوضع الهدف، والمسائل الإرادية المتصلة بالسعي نحو تحقيق الهدف، ففي المرحلة التي تسبق اتخاذ القرار، يختار الفرد بين عدّة رغبات متضاربة، وينتهي ذلك باختيار «نية إنجاز الهدف»، حيث تعد النوايا بمثابة قرارات تحول الرغبات إلى هدف، وتكون مصحوبةً بمشاعر العزيمة أو الالتزام بتحقيق الرغبة، لذا تعتبر النوايا منبئات أساسية للسلوك، وتعبيراً عن الدافعية، وبالتالي تشكل وسيطاً بين التوقعات والسمات الشخصية من جهةٍ، والهدف المنشود، من جهةٍ أخرى.وعلى هذا الأساس، وفي ظل وجود رغبة لدى مختلف الفرقاء في الشروع في الحوار الوطني، والاتفاق حول الاستحقاقات السياسية في هذه المرحلة، ينبثق التساؤل حول مدى قدرة كل طرف على تحويل هذه الرغبة إلى نيةٍ فعليةٍ باتجاه إجراء الحوار الحقيقي. وواقع الحال أن الدولة تسعى لتهيئة الأجواء للحوار، وهو ما أكده خطاب سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال حفل افتتاح حوار المنامة، حيث قال «أنا لست أميراً للسنة فقط أو للشيعة فقط في البحرين، وإنما للبحرينيين جميعاً في هذه المملكة والكل له قيمته الكبيرة لدي شخصياً، وآمل أن نرى قريباً اجتماعاً بين جميع الأطراف.. إنني أدعو لعقد اجتماعٍ بين الجميع وأعتقد أنه فقط من خلال الاتصال وجهاً لوجه سوف يتم تحقيق تقدم حقيقي... وليس من الضروري أن يتم التناقش في موضوع متقدم الأهمية بدايةً، ولكن يجب أن يبدأ عقد الاجتماعات لمنع الانزلاق في هاويةٍ من شأنها أن تهدد جميع مصالحنا الوطنية». وإذا كانت الفعاليات السياسيّة المختلفة قد رحبت بخطاب سمو ولي العهد، واعتبرته مرتكزاً لإجراء الحوار الوطني، فإن المهمة الأساسية، في رأيي، تتمثل في حشد التأييد للمساعي الحميدة الرامية إلى إخراج الوطن من الأزمة، والانطلاق قدماً باتجاه تحقيق أحلام المواطنين في وطنٍ حرٍ يشع فيه الأمل بالمستقبل الأجمل!