إن كافة قوى الشر في كل الدنيا تدير هذا الكوكب بطريقتها الخاصة والبشعة، ولا أحد يستطيع اليوم أن يوقف هذا الجنون من الدمار والفوضى والخراب والقساوة المطلقة، فالأصوات الجميلة والإنسانية لا تمتلك أمام هذه الجلبة، سوى أن تتلاشى في خضم عالم لا يعرف سوى منطق القوة.إن ما يحصل في الدنيا اليوم، بعيد كل البعد عن العقل والدين والقيم، ولا نعرف في حقيقة الأمر، إلى أين نحن سائرون، وما هي حدود الغلاظة التي تحكم العالم، وأن المستقبل لا يبشر بخير أبداً، على الرغم من دعواتنا المتواصلة بالتفاؤل، لأن المؤشرات الوضعية تشير إلى أن أمراً ظلامياً في الأفق بدأ يلوح، وأن الدول الكبرى والصغرى وحتى المتوسطة في الإمكانيات والاستعدادت بدأت «تسخِّن» طبول الحرب لدقها وقت ما تشاء، بعض الدول العظمى.لا أعتقد أن المسألة ستقف عند حدود شرق أوسط جديد، ولن تقف على أبواب التغيير السياسي كما كنَّا نظن وحسب، بل ما نراه في الأفق القادم، أن هناك حرباً عالمية بدأت تظهر ملامحها بوضوح، وأن كل المؤشرات صارت تعطينا رسائل ملبدة بالسواد الحالك من الغيوم، وأن فرص التفاؤل بدأت تتلاشى في ظل كل المشاهد الدموية، ومن تسليح الجيوش والشعوب بطريقة حيوانية صرفة، وما يمكن أن يعوضنا عن هذا المشهد الحزائني، هو بعض من تلكم الآمال المتدلية من السماء.الوضع القاتم والداكن يزداد بؤساً ويتشح بأعنف الألوان وأقساها، فمناظر الدماء والخراب والقتل والنحر والمجازر والهدم والاستيلاء والبطش والعنف والإرهاب واستباحة الأعراض والتسليح وتحقير قيمة النفس البشرية، نجدها فاقعة بهول الصدمة المربكة، في موجز الأنباء، وربما، مع أول ساعة نفتح أعيننا على وسائل الإعلام، وما قبل النوم.أحلامنا، بدأ يعتريها القلق والحزن، أما الواقع فإن «الفناء» يكون حينها أجمل العناوين وأقبحها معاً، ذلك حينما ستصيغ لنا قادم الأيام من الفواجع ما لا يحتمله الفؤاد.غريب هذا العالم، وغريب قاطنوه، فعلى الرغم من أن كل ما يحدث وما سوف يحدث فيه، سيحدد مصير غالبية سكان الأرض، إلا أنهم اختاروا بصمتهم وجهلم مصيرهم المجهول نحو الهاوية، فلا هم يريدون الوقوف بوجه الظلام، ولا يستطيعون التحرر من إرادات الشر، ولذا سيقضي غالبية الناس حياتهم في فناء الموت، لأجل إرادات متفرقة من أشخاص سفهاء يعيشون في واشنطن وروسيا، وبعض محاور الشر.يطلبون منَّا أن نتفاءل بالخير لنجده، لكن أليس للتفاؤل مقدمات وأبواب وأوجه؟ أم أن العتمة التي تلف العالم الحديث، هي التي تتصدر عناوين الصحف وحياتنا الآيلة للسقوط؟قليل من العقل ومن جرعات الضمير يا من تديرون الخراب من داخل الكهوف المظلمة، فلستم أنتم وحدكم من يملك النصيب الكامل من هذه الحياة، بل هنالك غيركم من يستحقها، أما أنتم، فإن أنسب الأماكن التي يجب أن ترحلوا إليها، غابة لا يقطنها سوى الوحوش من أمثالكم.