على الوفاق أن تختار اليوم بين البقاء في الشوارع أو السعي باتجاه محاولة "التكفير” عما اقترفته من ذنوب بحق هذا الوطن، رغم أن ما قامت به لا يقابل إلا بمساءلتها قانونياً والتعامل بحزم معها؛ إذ في دول أخرى (تعرفها الوفاق جيداً) عقوبة ما فعلته يدخل على الفور في إطار الخيانة العظمى وتأليب الناس على النظام بهدف الانقلاب عليه، ولا تسامح هنا ولا فرص ثانية وثالثة.إن كانت من نية وفاقية الدخول اليوم في "استكمال” الحوار الوطني -الذي انسحبت منه بعد محاولاتها لإفشاله- فإنها بالتأكيد تأتي بعد حث من قبل الولي الفقيه السياسي الأمريكي من خلال سفير واشنطن في البحرين، إذ البقاء على الوضع الحالي لا يعني إلا "مراوحة” الوفاق في مكانها والمكوث أطول في الشوارع في محاولات لاسترداد زخم الجماهير الذي فقدته بسبب تباين مواقفها وخطاباتها وتبدل مواقفها.الوفاق باتت تتحرك "منجرة من أنفها” وفق ما يريده الشارع الذي باتت فئات منه "تستحلي” ممارسة الإرهاب ورمي المولوتوف على رجال الأمن، والتي -أي هذه الفئات- مازالت تستخدم هتافات وشعارات الوفاق التي تنصلت منها الأخيرة.من حقنا هنا أن نلوم الدولة على هذا السيل من الفرص التي تتحصل عليها الوفاق في إطار السعي لمنحها فرصة للعودة إلى المنظومة السياسية الشرعية في البحرين، بيد أن الإيجابي في الدعوة الملكية التي نقلها وزير العدل بشأن الحوار، أن العملية لن تتم وفق ما تريده الوفاق وتدفع باتجاهه، بل هو استكمال لمحور واحد في الحوار. باختصار، إن هذا البلد وشؤونه ليس معنياً بالوفاق وحدها لتفصله حسبما تشاء، بل الوفاق جزء صغير من أجزاء عديدة هي المعنية في الأساس بهذا الوطن، إذ أقلها الأجزاء الأخرى هي حمته وبنته وعمرته بخلاف من حرقه ومازال يضربه بالخناجر كل يوم.المبدأ من ناحية أن دخول الوفاق في الحوار يعني التغاضي عما فعلته بالدولة وشعبها، مبدأ مرفوض تماما، إذ مازلنا نصر على تطبيق القانون على الجميع دون تهاون وأولهم الوفاق التي ارتكبت ما ارتكبت وفعلت بهذا الوطن الأفاعيل.بيد أن المسألة المعنية باستكمال الحوار، ليست مسألة متوقفة على الوفاق، إن أرادت أن تشارك الأخيرة فيه كجزء من مكونات المجتمع فلن يمنعها أحد، شريطة أن تتعامل في الحوار حالها حال أي جانب وطني مخلص، وأشك بأن الوفاق تقدر حتى على "تمثيل” هذا الدور، فأهدافها معروفة تماما للجميع، ومطامعها واضحة ومساعيها بينة ظاهرة، آخرها الطلب الذي على الوفاق أن تنساه بتشكيل حكومة نصف أعضائها منهم، إذ هذه مسألة لا تملك الوفاق الحق لتقرر فيها، فبقية مكونات هذا المجتمع أجمعت على رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ولن تقبل المساس به وبموقعه، لا لأجل استرضاء الوفاق (التي لا يجب أبدا استرضائها) ولا لأجل منح الولي الفقيه ممثل المرشد الإيراني فرصة للتحكم في شئون البحرين الداخلية، إذ هذه البلد لن تكون عراقا آخر.ليست مشكلة استكمال الحوار في الجانب السياسي بالنسبة للمخلصين لهذا البلد، بل المشكلة كلها تكمن لدى الوفاق التي لا تتحمل أن يختلف معها أحد، أو أن تقبل برؤى تخالف رؤاها.هنا يمكننا مراهنة أي جهة تظن بأن الوفاق لو دخلت الحوار التكميلي بأنها ستعمل على إنجاحه على خطأ ظنونها؛ صدقوني ستعود "حليمة” لعادتها القديمة في محاولة لإفشاله، وحينما تصطدم بمواقف وآراء لن تعجبها ستنسحب وستكيل الشتائم والتسقيط بحق الفئات المختلفة معها والتي تشكل رأي الغالبية المشاركة في الحوار. هي فعلت ذلك في السابق وستفعله في المستقبل وسنذكركم.هذه الخلاصة ستعزز موقف البحرين من ناحية بيان من يريد إصلاح هذا الوطن والمضي في نهضته، ومن يريد حرقه وإعادته إلى الوراء. لكن هنا على الدولة أن تكون واضحة وصريحة في حال كررت الوفاق ما فعلته (وستكرره وسنذكركم) وسعت لتشويه شكل ومضمون الحوار.الدولة تسامحت وتغاضت كثيراً، ووصل ذلك حتى إلى تطبيق القانون على من ارتكبوا مخالفات تدخل في إطار التحريض على كراهية النظام وشحن الناس ضده وتأييد حرق المجتمع وممارسة الإرهاب فيه، بالتالي يفترض أن تكون هذه الفرصة نقطة آخر السطر، فلا فرص بعدها ولا تهاون يعقب ذلك، على الدولة أن توقف هذا العبث بإحقاق الحق ووضع النقاط على الحروف، إذ من يريد الاستمرار في حرق البلد لا يمكن الاستمرار في السكوت عنه.اقرؤوا بيان الوفاق وأذيالها بالأمس، ويمكنكم من خلاله استقراء السيناريو القادم للجولة التكميلية للحوار.
Opinion
الحوار والوفاق.. سيناريو متكرر ونهاية معروفة!
23 يناير 2013