إن محاولة تفجير جسر الملك فهد هي أولى الخطوات العملية لقطع الإمدادات العسكرية عن البحرين براً، وإن التصعيد الإرهابي هي خطوات موازية لإشغال الدولة، ومؤسساتها الأمنية والعسكرية على حدود البلاد وموانئها، وهو ما تمخضت عنه زيارة «الوفاق» لروسيا، والتعليمات التي ستنفذها في الأيام المقبلة هي جزء من استعدادات روسيا وإيران لمرحلة ما بعد سقوط بشار، ومنها عملية الضغط التي تمارسها اليوم «الوفاق» من أجل الخروج بتوصيات من الحوار، تكون مفتاحاً إلى السلطة، من خلال تغلغلها في وزارات الدولة، وإحكام سيطرتها على مؤسساتها، حين يتولى الوفاقيون المناصب الوزارية والعليا فيها، ومنها شيئاً فشيئاً حتى تكتمل الإعدادات من حفر السراديب والأنفاق، من خلال مصارف المياه الصحية، والكابلات الكهربائية، وخدمات الاتصالات الأرضية، حيث سيكون العمل فيها بكل أريحية دون مساءلة ومراقبة، حيث إن تلك السيطرة ستنتج عنها العمل على تطفيش أهل الفاتح من هذه المؤسسات، ومن ثم تحريم دخولهم إليها، مثل ما حصل في بعض المؤسسات الحكومية حين تولى فيها مسؤولون موالون للمرجعية، وبذلك يثبت قول علي سلمان: «سنصل إلى السلطة خلال زمن منظور»، وبذلك سيكون بلع البحرين بهذه الطريقة والأسلوب الذي لا يستشعر به لا مجتمع دولي ولا خليجي ولا حتى بحريني، وذلك مثلما استطاع الموالون لإيران خلال عشرات السنين من التغلغل في مؤسسات الدولة الحيوية وتأهيل أتباعهم علمياً وتمكينهم عملياً، حتى استطاعوا السيطرة على معظم القطاعات، وهو الأسلوب نفسه الذي ستخرج به «الوفاق» من الحوار عندما يكون في يدها حزمة توصيات تصنع منها قوة داخل الدولة، كما ستكون قوة موازية للدولة حين تكون في مجلس الشورى والبرلمان والنقابات العمالية، وهي نتيجة حتمية حين يكون الحوار هو اعتراف رسمي بوجودها كجهة تتنافس على السلطة، وبذلك تستمد إيران وجودها من خلال سيطرة أتباعها على مؤسسات الدولة البحرينية، وتتحول هذه القوة تدريجياً إلى قوة عسكرية عندما يتم التصالح، فيشتغل الحرس الثوري بين القرى على التدريبات والتمرينات والتكتيكات، فيتأسس «حزب الله» داخل البحرين رسمياً بعد أن جمع وركب السلاح المدفون.وسنتحدث هنا عما نتج عن تولي «حزب الله» تدريجياً إدارة الدولة اللبنانية، حتى وصل إلى رئاسة الوزراء والدولة وسيطر على الجيش، وذلك كله حصل نتيجة مفاوضات ومصالحات أهلت «حزب الله» إلى رئاسته للدولة وتحكمه في جميع قراراتها، حتى أصبح قرار الحرب والسلم يقرره أمين عام «حزب الله» دون الرجوع حتى لقائد الجيش أو رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، كما أنشأ «حزب الله» في المناطق الشيعية مربعات أمنية يمنع على الجيش اللبناني أو غيره الاقتراب منها، وقد قتل «حزب الله» منذ فترة طياراً للجيش اللبناني حلق فوق منطقة للمقاومة دون الحصول على إذن من الحزب، كما أقدم مسلحون شيعة من تجار المخدرات على تفجير عربة للجيش اللبناني، وقتلوا أربعة بداخلها، ولم يطالب أحد بالقبض عليهم.هذا قليل على سبيل التذكير، حين تعطى الأحزاب الموالية لإيران ولو شيء يسير من السلطة، حيث لا تلبث أن تنتشر، ولن يختلف الوضع في أية دولة خليجية تسمح بأن يكون لهذه الأحزاب نصيباً من السلطة، فكيف بالبحرين التي استطاع أتباع إيران التغلغل في بعض مؤسساتها، وهذه هي «الوفاق» اليوم تنتظر المزيد من التغلغل، وهي واثقة من أن خروجها من الحوار بتوصيات سيسهل دربها للسلطة، كما سهل لها تقرير بسيوني عودتها بقوة أكبر وأنف أضخم، جعلها تمشي لا ترى إلا نفسها وظلها، ولذلك ما تشاهدونه من عمليات إجرامية تمارسها ميلشيات «الوفاق»، وفي وضح النهار، وعلى مرأى من قوات الأمن، وتصويرها لعملياتها الإجرامية ونشرها، لهو دليل بأنها وصلت إلى أعلى مراحل الاستكبار، وذلك حين رأت هذه العمليات الإجرامية والإرهابية «مستحسنة»، بل هيأت لها أرضية تنطلق منها بقوة وجرأة أكبر، ولم يعد الفارق اليوم كبيراً بين ما تقوم به «الوفاق» من فرض رأيها، وبين قوة «حزب الله» في تعامله مع الدولة اللبنانية، حيث إن الاثنين يلتقيان في الدائرة الخامنئية التي يسعى من خلالها لتطبيق النموذج الإيراني استناداً إلى تعاليم الخميني.إن خطة تفجير جسر الملك فهد، والإرهاب المتصاعد الذي تقوده «الوفاق»، هي خطة لعزل البحرين والاستيلاء عليها، حيث إن «الوفاق» ليس بمقدورها أن تواجه الدولة بهذه القوة والتحدي، ما لم تحصل على ضمانات مثل التي حصلت عليها عندما قامت بالمؤامرة الانقلابية، حين كانت تنتظر لحظتها تسليم الدولة بالكامل لها، والدليل أنها لم تستجب إلى مبادرة الحوار التي أطلقها ولي العهد آنذاك، وذلك لثقتها أن ما ستحصل عليه هو كرسي الحكم، وقد كانت لحظتها تمغط آذانها، تحسباً للطرابيد الإيرانية، وسفنها الحربية، لترسو على سواحل البحرين، ولكن فاجأتها قوات «درع الجزيرة».