يؤسفنا كثيراً أن نتوجه إلى التحدث بلسان الحال للناس مما يعانونه من الإرهاب، ونترك قضايا أخرى هامة تشكل محواً أساسياً في حياة الناس.التوجه للتعبير عن معاناة المجتمع البحريني من الإرهاب تُقدم في كثير من الأحيان على قضايا أخرى، فلا شيء قبل الأمن، ولا شيء قبل سلامة الناس والمجتمع من الأيادي الآثمة.من يتحدثون عن الاقتصاد؛ يجب أن يتحدثوا عن الأمن قبل الاقتصاد، وإن كنا نطالب أن تصبح البحرين وجهة سياحية، فإن على الدولة أن تضبط الأمن أولاً، وإلا فإن أي حديث عن الاستثمار والاقتصاد والسياحة يصبح هُراء.لمست وأنا أزور والد أحد رجال الأمن أن هناك مأزقاً آخر عند رجال الأمن؛ وهو إما أن تأخذ الدولة السلاح من رجال الأمن، ويصبحون ضحايا للإرهاب وإما أن تعطيهم الشوزن، وإن استخدموه في حالة الدفاع عن النفس تتم محاكمتهم.هذه معادلة مخزية؛ فمن يحمل شرف الدفاع عن المجتمع وعن الدولة وعن الحكم يجب أن يحتفى به ويكرم، لا أن يهان ويسجن.كل يوم يتم توجيه أصابع الاتهام لأيادي الإرهاب، ويتم توجيه أصابع الاتهام إلى المحرضين من فوق المنابر، وهذا موجود بالصحافة بشكل يومي، لكن ماذا بعد؟في تقديري من نوجه النقد إليه هو جزء من المشكلة، المشكلة الحقيقية أن الدولة تمتلك قوانين وتشريعات ولا تطبقها، هذه هي أزمة دولة، تمتلك أفضل تشريعات على مستوى الخليج، لكن القوانين في الأدراج؟حين تمت المصادقة من البرلمان على قانون الإرهاب؛ كانت الوفاق تجلس هناك، ومر من تحت يدها، لكن أحد أعضاء الوفاق قال متهكماً لأحد النواب: "هذا القانون سيطبق عليكم، مو علينا”..!وهذا ما حدث، طبقت الدولة قانون الإرهاب على ما يسمى بالخلية الإرهابية التي قيل عنها إنها تنتمي إلى القاعدة، من بعدها تم أخذ قانون الإرهاب ووضع في (الثلاجة) مع كل هذا الإرهاب في الشارع.هنا من نلوم؟.. نلوم الإرهاب، أم نلوم الدولة؟ماذا نفعل في قوانين تظهر وتطبق على أناس، وتختفي في ذات الحالة على آخرين؟إذا كان الإرهاب هو إرادة الإرهابيين، وإرادة أذناب إيران في البحرين، فأين هي إرادة الدولة في حفظ أمن المجتمع؟إلى متى يعيش المواطن في المدينة والقرية هذا الإرهاب والدولة تتفرج، وتسكب المياه؟كتبت أمس في تويتر أن الإرهاب يستخدم المنابر والمولوتوف وكل الأدوات القاتلة.والدولة تحارب الإرهاب بالصوت وبالماء، وهذه مفارقة لا تستوي في أي دولة تريد أن تحفظ أمن مجتمعها من الإرهاب.قوانين أخرى معطلة؛ فقد طالعتنا الصحافة أن هناك تشريعات وقانوناً يخول ديوان الخدمة المدنية فصل أي موظف يشارك في أعمال العنف والإرهاب، لكن يبدو أن حتى الساعة لم يفعل أحد أي إجراء في هذا الاتجاه، كما قلت لكم؛ القوانين في (الثلاجة) ولا أحد يأخذ زمام المبادرة.حتى مع لومنا لانكفاء أجهزة الأمن وأنها لا تقبض على الفاعلين وتكتفي بإطفاء النار، فإن لومنا الأكبر يقع على تعطيل القرار السياسي الداعم لرجال الأمن، فلن تستطيع الأجهزة الأمنية القيام بدورها ما لم يكن هناك قرار سياسي يسندها.أعود إلى قانون فصل أي موظف يشارك في أعمال العنف والإرهاب، هذا قانون قوي لكن لماذا لا يطبق؟ هل أنكم حتى الساعة لم تلمسوا أحداً فعل ذلك أم أن وزارة العدل لا تزودكم بأسماء المحكومين في القضايا؟لعبة الإرهاب التي تحرق المجتمع تصبح الدولة شريكاً فيها ما لم تطبق القانون وتقطع أيادي الإرهاب التي تتمادى وتحرق وتقتل.ليس ثمة شيء يسيطر على مشاعر المواطنين، أكثر من شعور أن الدولة هي التي تركت الإرهاب يكبر ويفعل ما يريد، تحت ذرائع شبعنا منها، (جنيف، المجتمع، الدولة، الضغط الإقليمي، مناصرة الأمريكان والإنجليز للإرهاب) كل تلك الذرائع لا يؤمن بها الناس، الأمن مسألة داخلية تقررها الدولة بتطبيق القانون، ومن لا يعجبه يشرب من البحر.هكذا فعلت بريطانيا في مواجهة الإرهاب، وفعلت أمريكا أكثر بعد 11 سبتمبر، ونحن نتقهقر بعد الانقلاب الإرهابي أمام الإرهاب.الدولة أيضاً لا تطبق القانون على المحرضين من فوق المنابر، يصرح كثيراً وزير العدل، لكن لا نرى العدل في تطبيق القانون.كل ذلك في ملعب الدولة، هي التي فرطت في حفظ أمن المجتمع حين فرطت في تطبيق القانون إلا في اتجاه واحد..!