فرحنا بالمطر الذي انهمر منذ فترة ليصافح شوارعنا ويزيل آثار التخريب والحرائق عنها، لكن البحرين في ذلك اليوم بشوارعها الممتلئة بمياه الأمطار التي تساقطت علينا ليوم واحد تقريباً كان منظرها مثل منظر «شوارع الهند عندما تغرق بالفيضانات»، مناظر عكست مدى سوء التخبط الجاري في إهدار الموازنات على حلول مثل حبة البندول، مسكنة ولا تعالج، ونسفت جميع التصريحات والمشاريع التي تباهى المسؤولون في وزارتي الأشغال والبلديات وحتى المجالس البلدية فيما يخص مستوى تطور البنية التحتية لدينا.ومن الواضح جداً أن جميع الملايين التي تصرف، إن كانت فعلاً تصرف بعيدة عن أي شبهة فساد واختلاس، بعيدة عن صرفها في أوجهها الصحيحة، وأن باب الحل الذي تضيع فيه هذه الموازنات لا يجدي ولا يعالج المشكلة بشكل جذري ونهائي، ومن الحماقة أن نضيع جهودنا وبشكل سنوي في تكرار معالجة ذات المشكلة.أحد المسؤولين قال: لا يمكن لأي دولة أن تتطور دون أن تكون لها بنيتها التحتية القوية، ونقول نعم؛ لن نستطيع أن نقفز بالبحرين إلى التميز دون ذلك، دون أن تكون لدينا بنية تحتية قوية نبني عليها حضارتنا.أنقل بعضاً مما قدمه الأخ محمد العميري من المملكة العربية السعودية عن تجربة منطقة الجبيل الصناعية التي يعمل بها، وكيف انعكس تطور البنية التحتية على نهضتهم الصناعية هناك، يقول: عملت الهيئة الملكية بالجبيل على زيادة الطاقة الاستيعابية للتجهيزات الأساسية وتطويرها مع فتح المجال للقطاع الخاص ليساهم بدوره في تطور ونمو مدينة الجبيل الصناعية، كما استطاعت هذه المدينة أن تستقطب الكفاءات الوطنية اللازمة للتشغيل والصيانة، وأدى ذلك بدوره إلى نشوء تجمع سكاني متميز ضم أصولاً سكانية من كافة أنحاء المملكة، واشترطت الهيئة للبناء بالمدينة أن يكون وفق الضوابط والمعايير العالمية، أياً كان هذا البناء، كما إن الهيئة الملكية بالجبيل هيئة مستقلة يخصص لها جزء مستقل من ميزانية الدولة في كل عام ولا تتبع لأي وزارة، بل إن الهيئة الملكية مسوؤلة عن التعليم والصحة والنظافة والأسواق وبناء المنازل والأماكن الترفيهية والحدائق، لذلك نشأت مدينة مميزة في تخطيطها وأحيائها وشوارعها، ولا تجد فيها ازدحام أبداً رغم الكثافة السكانية، ولا تجد حفريات بالشوارع، ولا يمكن للمطر مثلاً أن يمكث في الأرض مهما كانت غزارته؛ فهناك نظام كامل في الشوارع لتصريف مياه الأمطار.ومن إنجازات الهيئة الملكية بالجبيل التي تحققت بعد ذلك أنه تبلغ حصة المدينة في السوق العالمية للبتروكيماويات 7% من الإنتاج العالمي، كما تبلغ حصة مدينة الجبيل الصناعية غير النفطية من إجمالي الناتج المحلي حوالي 11.5%، وتناهز صادراتها 70% من صادرات المملكة غير النفطية، ويبلغ رأس المال المستثمر في المدينة أكثر من 237 مليار ريال، وتبلغ الاستثمارات الأجنبية حوالي 50% من إجمالي الاستثمارات بالمملكة، وهي تعد أفضل مدينة جاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط!!الكلام كثير حول تجربة مدينة الجبيل، ونتمنى من القائمين في الجهات المعنية أن يخصصوا وفداً لزيارة مثل هذه المدن الخليجية المتطورة التي لا تبعد عنا كثيراً للاطلاع على تجاربهم واقتباسها في الواقع البحريني بدلاً من العيش نفس السيناريو كل عام، والأهم من هذا متابعة تسلسل تطور بنيتهم التحتية التي قادتهم للنهضة العمرانية والتطور على المستوى العالمي، فالمطر لا يعيق حركة سيرنا كمواطنين فحسب في الشوارع بل إنه يعيق أيضاً تطورنا العمراني والاقتصادي وله انعكاساته على أوجه الاستثمار لدينا.^ طوارئ البر ومركز خدمات المخيمينمن تابع تصريحات المسؤولين القائمين على مركز خدمات المخيمين بمنطقة البر في موسم التخييم؛ كان يجد من بين تصريحاتهم الإعلان عن وجود فريق طبي مجهز بسيارة إسعاف ومسعفون تابعين للخدمات الطبية بوزارة الداخلية يقومون بتقديم الخدمات الصحية البسيطة والانتقال في حالة طلب المساعدة والحاجة للرعاية الطبية والصحية، وهي تصريحات نسمعها كل عام تقريباً مع بدء موسم التخييم، وكان واضحاً أن هذا التجهيز والإعداد يتم بالطبع لأجل تدارك جميع الحالات الصحية بما فيها الحوادث المرورية التي تقع لا سمح الله، إلا أن الحادث الذي وقع الأسبوع الماضي والذي أسفر عن انقلاب دراجة نارية «بانشي» على الصخور ونتجت عنه إصابات شبه بالغة، جعل أهالي المصابين يهرعون إلى مركز خدمات المخيمين كونه أقرب نقطة وصول لهم إلا فوجئوا بعدم وجود سيارة إسعاف هناك، حيث أبلغهم حارس الأمن بذلك في الوقت الذي كان الشارع ذو الاتجاه الواحد مزدحماً وحركة سيره بطيئة لأي مصاب وجد في حالة طارئة تستدعي نقله للمستشفى فوراً، لذلك نأمل من القائمين على موسم البر توفير سيارة إسعاف وفريق طبي مجهز على أرض الواقع حتى لا يفاجأ الأهالي بأن التصريحات التي تخرج لا واقع لها، وحتى يتم تدارك الحالات الطارئة التي تحدث جراء الحوادث المختلفة، فالمعروف أن موسم البر والتخييم موسم لا يخلو من الحوادث المأساوية.^ مساحة أخيرةقالوا للعالم إن نظامنا يهدم المساجد ويمنع أداء الصلاة فيها، فهل يأتي العالم في شهر محرم ليرى كيف يمارسون حرية شعائرهم الدينية في مآتمهم ضمن كل حق كفله لهم جلالة الملك؟ وهل يأتي العالم ليرى كيف أن مملكة البحرين البلد الوحيد بالمنطقة الذي ترك لهم حق حرية ممارسة شعائرهم الدينية مع إجازة رسمية؟، وسؤال أخير لما لا نجد من بين رؤساء المآتم من يظهر ويفند دعوى هدم المساجد ومنع الصلاة ويظهر للعالم الحقيقة؟