لم يكن لي أن أتوقع أن يحدث مقال «عطوني الميزانية» هذه الضجة، حتى إنها جعلتني اقرأ ما كتبت ثانية وكأن من كتب المقال شخص آخر ولست أنا، نعم كان مختلفاً حتى في استخدام العامية، لكني لم أتوقع كل هذه الضجة.غير أن كل ذلك التفاعل الجميل من الإخوة والأخوات القراء أصابني بأزمة «ما بعد العمود»، وهذه تحدث لأي كاتب بعد أن يحدث مقاله ضجة ما، ويبدأ في التفكير فيما سيكتب بعده.قارب عدد قراء العمود الـ40 ألف قارئ «فقط عبر الموقع الإلكتروني»، وأكثر من 203 تعليقات، وأعتقد أنه رقم كبير جداً، إن لم يكن قياسياً، في بلد يمثل المواطنون عدد سكانه أكثر من نصف مليون، وهذا الأمر جيد جداً، 40 ألفاً لا تعني شيئاً في مصر، لكنها في البحرين نسبة كبيرة جداً.لله الفضل والمنة، هذا بفضل توفيق الله وحده، ومن ثم بفضل مساحة الحرية التي منحنا إياها جلالة الملك وقادة البحرين سمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد.أذهب إلى ما أنا بصدده اليوم، وأتمنى أن يلقى حلاً لدى قادة البلد، حلاً جذرياً، لا ترقيعياً، نحن كمواطنين ضج رأسنا بعبارات أطلقها وزراء ومسؤولون كبار حول الأمن الغذائي «وهذا موضوع من أخطر الموضوعات التي تلقي بظلالها على معيشة وحياة الناس»، ويعكس نجاح الحكومات، ويزيد السخط عليها.بعض الوزراء قالوا لنا «في العام المقبل 80% من الخضراوات ستكون بحرينية»، وكلام كثير لا أود استعراضه.سوف أكون صريحاً إلى أبعد حد، ولن أقول إنا من شاهد هذا الموقف، إنما نقله إلي أحد الإخوة ممن كان ذاهباً لشراء «الحاجيات» من السوق المركزي بالرفاع الشرقي، يقول الأخ: «هل تريد أن تشاهد مناظر تحسبها في مصر؟.. اليوم اذهب وشاهد الناس وهم يصطفون طوابير، وربما من غير طابور «فوضى يعني» وهم يريدون شراء دجاج المزرعة الذي تدعمه الحكومة».يقول الأخ: «هل تعلم أخي ماذا يحدث؟ سوف تسمع صوت آسيوي مسؤول عن توزيع الدجاج يصرخ ويقول للناس «بس دجاجة واحد.. ما في دجاجتين»، ومواطن البحرين يترجى الآسيوي أن يعطيه دجاجتين.. والآسيوي يصرخ «مافي»».هذه رواية أحد الإخوة الذي حضر المشهد، والذي نعرفه أن هذا المشهد يحدث في أماكن كثيرة اليوم في البحرين، كل ذلك بسبب أن الدجاج غير المدعوم السعودي أو غيره يقارب سعره دينار و750 تقريباً، وهذا يقارب ضعف سعر الدجاج المدعوم، مما يجعل الناس تتهافت على المدعوم لفارق السعر الكبير، خاصة لصاحب الأسرة التي هي أكثر من 6 أشخاص.والله لو كان بيدي لقمت بإقالة مجالس إدارات شركة الدواجن، وشركة المواشي، ولما أبقيت أحداً من المجلس، ماذا تفعلون كل هذه السنوات، والدولة تقدم دعماً بالملايين؟ولو أنكم في دولة أخرى ربما تحاسبون حساباً عسيراً.الآن وبعد أن طالبت الصحافة وبعد ازدياد المشكلة، خرج مجلس إدارة الدواجن وأعلن أن لديه مشروعاً يستهدف مضاعفة الإنتاج الذي يشكل حالياً 25% من السوق، وأعتقد أن النسبة مبالغ فيها.في نفس الوقت أعلن يوسف الصالح مؤخراً أن الشركة غير مسؤولة عن نقص الدواجن بالسوق.. إذاً من المسؤول إن لم تكن الشركة؟هل البلديات، هل التجارة، هل الحكومة.. من المسؤول؟أصاب الناس الخوف من بعد فضائح اللحوم، لحوم فاسدة وشركة تحتاج إلى محاسبة من أعلى رأس فيها حتى أصغرهم على ما يفعلونه بأهل البحرين.اللحوم فاسدة والناس تخاف شراءها، والدجاج المحلي أصبح «يباع بالنظام المصري» دجاجة للذي يحضر باكراً، والباقي لا يجدونه، والأسماك أسعارها يعرفها القاصي والداني. أحد الإخوة يقول: «أذهب إلى سوق السمك بعد منتصف الشهر أشم الهامور وأطلع.. وحشتني ريحته حتى وإهيه زفرة»..!لا يوجد أمن غذائي خاص بالأسماك، ونحن جزيرة يطوقها بحر الخليج، ونستورد أكثر من نصف حاجتنا من الأسماك من الخارج، والدجاج عرفتم قصته، واللحوم لا يبدو أن هناك حلاً للمشكلة، لأن لا أحد يريد حل المشكلة بشكل جذري.البعض يقول إننا نبالغ، وأنا أقترح أن تخرج لجنة ذات كفاءة ودراية من مجلس الوزراء لاستقصاء ماذا يحدث على مستوى اللحوم والدجاج والأسماك، كل ما يتعلق بالسوق، الأسعار، حجم المعروض، هل هي صحية أم غير صحية، ماذا يقول الناس عن هذه المنتجات؟غير مقبول اليوم أن نسمع كلاماً كبيراً عن الأمن الغذائي، بينما واقعنا يقول شيئاً آخر، غير مقبول إطلاقاً أن يقف المواطن في طابور ليشتري دجاجة واحدة بالتقنين، غير مقبول أن يحيطنا البحر ونستورد أكثر من نصف حاجتنا من الأسماك من الخارج.نقول للدولة هناك أخطاء، والوضع المعيشي برقبة الدولة، أغلقوا الأبواب التي تجعل المواطن في حالة سخط وتذمر من وضعه المعيشي، هذا مطلوب اليوم، ولا تحتاجون إلى الشرح لماذا نغلق هذه الأبواب؟ ** موقف القعود في جلسة الحوارلم يكن أحد يود أن تحدث مشادات في الحوار، لكن هناك من يذهب للحوار وهو موتور، وهو يريد أن يعوق الجلسات، وهو يريد إفشال الحوار من الداخل وليس الانسحاب.كان موقف النائبة لطيفة القعود في جلسة الحوار عن عشرة رجال، وأهل البحرين أكبروا موقفها.لكن من غير المقبول أن يأتي من يقول إنه يتمثل بأخلاق أهل البيت ليشتم، بينما كان يقول قبل جلسات إنه لا يشتم لأنه «تربية الأماكن الدينية وأنه يتبع أخلاق أهل البيت»..!هذه هي أخلاق أهل البيت؟.. أي بيت بالضبط..؟؟يشتمون ويلقون الألفاظ النابية ويقولون إننا متربون على أخلاق أهل البيت..!أهل البيت براء من الشتائم والسباب والتحدث مع النساء بأسلوب وضيع.** تصريحات كثيرة تخرج اليوم عن متابعة قضية العمالة السائبة، سوق العمل والبلديات، والمحافظات، لكن لا شيء يتغير، كله كلام في كلام، هذا نأخذه من الجهات الرسمية.العمالة السائبة تحتاج إلى قرار قوي، لأن أهل البحرين يعرفون من هم تجارها.** شمطوط يقول العمالة الوطنية في طيران الخليج خط أحمر..!!مشكور شمطوط.. تصريح قوي.. كل شيء بالبلد صار خط أحمر.. «ما بقيت إلا أنا ونتوا»..!!