زار البحرين الأسبوع الماضي رشاد حسين مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص لمنظمة التعاون الإسلامي في زيارة يمكن النظر إليها أنها عادية للغاية، وتأتي كأي زيارة لدبلوماسي غربي للمملكة. فما هو الغريب فيها؟قبل الزيارة بنحو يومين أجرت صحيفة «الوطن» اتصالات مع السفارة الأمريكية بالمنامة، وبعض وكالات الأنباء الدولية في الداخل والخارج حول ما إذا كان هناك مسؤول أمريكي رفيع المستوى سيزور المنامة، وكانت الإجابات تتراوح بين «لا توجد معلومات، أو التحفظ على الإجابة». في اليوم التالي بعد الاتصال بالسفارة الأمريكية، يتم الإعلان عن لقاء المبعوث الأمريكي مع كبار المسؤولين البحرينيين!لماذا تحفظت السفارة الأمريكية على الإجابة عن هذا السؤال؟قد يكون التحفظ لأسباب أمنية معقول جداً، ومنطقي للغاية، وهو أسلوب معمول به خلال زيارات العديد من المسؤولين الأمريكيين لعواصم دول العالم. ولكن الحقيقة كانت مغايرة لذلك، فالمبعوث الأمريكي رشاد حسين كان يصول ويجول في المنامة ويلتقي بوفود الجمعيات السياسية الراديكالية من الوفاق وغيرها، وكذلك رجال الدين الراديكاليين بترتيب مباشر من السفير الأمريكي، وهو ما أدى إلى تكوين قناعة واضحة لدى المسؤول الأمريكي بأن هذا هو الوضع في البحرين، ويجب دعم القوى الراديكالية. باختصار المسؤول الأمريكي تبنى أجندة السفارة الأمريكية التي تدعم بشكل مكشوف القوى الراديكالية، وإلا لماذا حرصت السفارة على أن يكون تواجده في البحرين سرياً ليلتقي ببعض الشخصيات في برنامج معد له سلفاً!مجموعة من البرلمانيين ورجال الدين وممثلي الأقليات الدينية حاولوا الاتصال بالمبعوث الأمريكي في مقر إقامته، ليعرضوا وجهات نظرهم بعدما علموا بتواجده في المنامة، ولكنه رفض لقاءهم، وقابلهم بعد وساطة إحدى الشخصيات، وإصرار هؤلاء على لقائه. ماذا يعني قدوم مسؤول أمريكي سراً إلى المملكة، يلتقي ممثلي الجمعيات الراديكالية أولاً، وبعد عدة أيام يظهر ويلتقي كبار المسؤولين في الدولة؟التفسير بلا شك يقوم على الأجندة التي تتبناها السفارة الأمريكية بتدخلها المستمر في الشؤون الداخلية للمملكة، ولسنا هنا بحاجة لتعليق رسمي من وزارة الخارجية يؤكد عدم تدخل السفارة في الشؤون الداخلية، فالتدخل معروفة أوجهه وأشكاله بعد تجربة دامت عامين للسفير توماس كراجيسكي. إذا كانت الحكومة عاجزة عن إيقاف تدخلات السفارة الأمريكية في المنامة، فإن هناك وسائل أخرى ناجعة أكثر لإيقاف هذا التدخل في مصالحنا الوطنية، والدبلوماسيون في السفارة يعرفون جيداً ما هي هذه الوسائل التي لم تفتح بابها بعد.