كتب - عبدالله الطاهر:«بعض الجهات الحكومية تجاوزت عملية الإصلاح فيها ما ورد بتوصيات لجنة تقصي الحقائق»، هكذا تتكشف الحقائق في التقرير الثالث لمتابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، الذي يصدر في ظل مناسبة مرور عامين على صدور تقرير لجنة «بسيوني»، الأمر الذي ينفي مزاعم البعض بعدم تنفيذ توصيات التقصي، ويؤكد جدية الحكومة في التنفيذ ورغبتها في تعزيز إحترام حقوق الإنسان للمواطن البحريني وتجاوز أحداث 2011.وتشكل نسبة الـ26.9% من التوصيات التي لم تكتمل وقطع شوط كبير في إجراءات تنفيذها، والبالغ عددها 7 فقط، أمراً عادياً لطبيعتها التي تقتضي التنفيذ المتمرحل، مثال ذلك التوصية (1722-أ) والناصة على «القيام بتحقيقات فاعلة وفقاً لمبادئ الردع الفعال والتحقيق في جميع حالات القتل المنسوبة لقوات الأمن الذي يقع خارج إطار القانون أو بشكل تعسفي أو دون محاكمة»، إذ تم إنشاء وحدة التحقيقات الخاصة بتاريخ 27 فبراير 2012، والتحقيق في حالات الوفاة الـ35 التي وردت في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، إضافة إلى 11 حالة وفاة أخرى، كما باشرت وحدة التحقيقات الخاصة التحقيق في جميع ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة. كما باشرت الوحدة أيضاً ودون تلقي أي بلاغ رسمي، باستدعاء جميع المحكومين الذين يقضون عقوبات بالسجن في قضية المؤامرة لقلب نظام الحكم وقضايا الجهاز الطبي، وسؤالهم عما إذا كانوا قد تعرضوا لأي شكل من أشكال التعذيب أو سوء المعاملة، وقامت وحدة التحقيقات الخاصة بناءً على تحقيقاتها، بإحالة 39 حالة إلى المحاكم تشمل 95 متهماً، صدرت أحكام على 13 منهم، بينما تمت تبرئة 15 آخرين. ولاتزال 25 حالة منظورة أمام المحاكم.إن تبقي 25 حالة منظور أمام المحاكم يدلل على أن الجزء الأكبر من التوصية قد تم تنفيذه، وتأخير اكتمالها رهين بإجراءات قضائية أمام المحاكم.وتعبر هذه الخطوات التي تم اتخاذها عن الجدية في التنفيذ الكامل للتوصيات، وأكد ذلك جهاز متابعة تنفيذ التوصيات، الذي شدد على أن «حكومة البحرين ملتزمة بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وفق برنامج معد سلفاً يتم تنفيذه على أكمل وجه».ولاشك أن نسبة الـ73.1% من التوصيات التي تم تنفيذها بشكل كامل، والبالغة 19 توصية، تؤكد الإصلاحات الجوهرية والحقيقية التي قامت بها حكومة المملكة، وجديتها في أخذ الأمر على محمل الجد، وليس في إطار الدعاية، فهناك إجراءات تم اتخاذها لم يرد لها ذكر في توصيات تقرير «التقصي».إصلاحات غير واردة بتوصيات «التقصي»إن الجزئية المتعلقة بتنفيذ بعض الجهات الحكومية لإصلاحات لم ترد في توصيات تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في إطار النظرة الشاملة لتنفيذ التوصيات، باعتبارها تؤكد حسن النية، وتدلل على القناعة التامة لدى الحكومة البحرينية بأهمية الالتزام بتنفيذ توصيات «التقصي»، ويوضح نظرتها للإصلاح على أنه مشروع متكامل يشمل كافة المناحي ولا يستثني جانباً حتى لو أغفله تقرير «التقصي».في نظرة شاملة لهذه الإصلاحات نلحظ تنفيذ وزارة الداخلية مطلع عام 2012 خطة تهدف إلى زيادة وعي كافة مُنتسبيها بالضمانات الأساسية للأفراد عند القبض عليهم أو أثناء احتجازهم، وتضمنت تلك الخطة خطوات تم تنفيذها بالفعل لم تكن واردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق من بينها التدريب المُكثف لكافة منتسبيها من ضباط وأفراد على المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان والعدالة الجنائية، المعايير الدولية لحقوق الأفراد أثناء مرحلتي جمع الاستدلالات والقبض، وحقوق السُجناء والمُحتجزين. وتعبر هذه الخطوات عن الفهم الشامل للإصلاح، ذلك لأن «رفع كفاءة كافة أماكن الاحتجاز ومراكز التوقيف والسجون من خلال تحسين الظروف المعيشية وتزويدها جميعاً بأجهزة تسجيل سمعي ومرئي»، فقط لن يحقق الفهم العام من التوصية ما لم يتبعه تدريب القائمين على هذه الأماكن على المعايير الدولية المتعلقة بالتعامل مع المحتجزين ومعرفة حقوقهم، فالقوانين والنظم لا تطبق نفسها بل يطبقها أفراد يجب أن يكونوا على وعي بما يقومون به وفقاً للنظم والتوجهات العالمية التي تأخذ في اعتبارها حقوق الإنسان بصورة عامة، وحقوق الموقوفين أو المسجونين.وتتموضح أكثر الإصلاحات التي تخطت توصيات «التقصي» لأفق أوسع يضمن اتساق هذه التوصيات مع الإصلاح الشامل صدور مجموعة من القرارات والمراسيم الملكية على صعيد تعزيز احترام حقوق الإنسان والالتزام بها، والتي أنشئ بموجبها العديد من الآليات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان والتي لم يرد ذكر أي منها في تقرير لجنة تقصي الحقائق وإنما تم إنشاء تلك الآليات تأكيداً على رغبة القيادة السياسية في تعزيز احترام حقوق الإنسان للمواطن البحريني والتأكيد على أن الحكومة جادة في تجاوز أحداث العام 2011.ومن أبرز تلك الخطوات إنشاء وحدة خاصة للتحقيق داخل النيابة العامة بموجب قرار النائب العام رقم (8) لسنة 2012 الصادر في 27 فبراير 2012 والتي تهدف إلى تحديد المسؤولية الجنائية للمسؤولين الحكوميين الذين نُسِب إليهم ارتكاب أعمال مخالفة للقانون تسببت في جرائم قتل أو تعذيب أو إيذاء أو سوء المعاملة بمن فيهم ذوو المناصب القيادية في ظل مبدأ مسؤولية القيادة. كما تم إنشاء مكتب أمين عام التظلمات بموجب المرسوم الملكي رقم 27 لسنة 2012 وهو مستقل تماماً عن وزارة الداخلية من الناحيتين الإدارية والمالية، ويختص بتلقي وفحص الشكاوى المتعلقة بارتكاب أي من منتسبي وزارة الداخلية -مدنيين كانوا أم عسكريين- أية انتهاكات لحقوق الإنسان، وله أن يباشر عمله قبل تلقي شكوى من الشخص المتضرر، وأضيف له مؤخراً مسؤولية مراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف ورعاية الأحداث. يضاف إلى تلك الجهود أيضاً إنشاء مكتب مستقل للمفتش العام ومكتب المعايير المهنية في جهاز الأمن الوطني، وإعادة تنظيم المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بموجب الأمر الملكي السامي رقم (28) لعام 2012 بهدف ضمان مباشرة المؤسسة لمهامها وفقاً لمعايير باريس. إن الدلالة الأكثر وضوحاً على منهجية الإصلاح الشامل والمسيرة المتكاملة لدى الحكومة البحرينية تتشكل في مباشرتها لعمليات مراجعة واسعة للتشريعات العقابية بهدف موائمة النصوص المعنية بحقوق الأفراد للمعايير الدولية وضمان عدم إفلات مرتكبي شتى الجرائم، ما يؤكد على أن التوجه الحكومي بضرورة احترام حقوق الإنسان ليس مُجرد إنشاء آليات فقط وإنما هي مسيرة إصلاحية مُتكاملة.ويورد تقرير متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أنه «صدر في التاسع من أكتوبر 2012 القانون رقم (52) لسنة 2012 والذي تضمن تعديل تعريف التعذيب الوارد في نصي المادتين 208 و232 من قانون العقوبات بأن تضمن النص الجديد للمادة (208) تجريم إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة سواءً بدنياً أو عقلياً بشخص محتجز بمعرفة موظف عام أو مكلف بخدمة أو تحت سيطرته بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منه أو معاقبته أو تخويفه أو إكراهه هو أو شخص آخر، وأكد التعديل أيضاً على عدم سريان مدة التقادم على جرائم التعذيب. كما تضمن تعديل المادة (232) معاقبة كل شخص ألحق ألماً شديداً أو معاناة شديدة سواءً بدنياً أو عقلياً بشخص يحتجزه أو تحت سيطرته بغرض الحصول على معلومات أو اعتراف منه أو معاقبته أو تخويفه أو إكراهه هو أو شخص آخر، وأكد التعديل أيضاً على عدم سريان مُدة التقادم على جرائم التعذيب. كما صدر في التاسع من أكتوبر 2012 القانون رقم (50) لسنة 2012 بإضافة المادة (22) مكرر إلى قانون الإجراءات الجنائية والتي سُمِح بموجبها لمن يدعى تعرضه للانتقام بسبب سابقة ادعائه بتعرضه للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أن يدعي بحقوق مدنية قبل المتهم أثناء جمع الاستدلالات أو مباشرة التحقيق أو أمام المحكمة المنظور أمامها الدعوى الجنائية في أية حالة تكون عليها حتى صدور القرار بإقفال باب المرافعة، وذلك إذا ما شكل الانتقام جريمة. وفي حالة اتخاذ الانتقام شكلاً غير معاقب عليه جنائياً يكون الاختصاص للمحاكم المدنية.وأكد تقرير متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق أن النيابة العامة ووحدة التحقيق الخاصة تواصل استكمال تحقيقاتها وإجراءاتها حيث تم إحالة قضايا إلى المحاكم تتعلق بتسع وثلاثين حالة وتشمل 95 متهماً حيث صدرت أحكام بالإدانة في حق 13 منهم بينما تمت تبرئة 15 آخرين. ولاتزال 25 حالة منظورة أمام المحاكم. ومن جهة أخرى، أصدر النائب العام قراراً بإصدار تعليمات الوحدة، وهي تتألف من 65 مادة تتناول طبيعة الوحدة وأهدافها والسلطات المخولة لها، وبياناً لاختصاصاتها وتشكيلها ومهام أقسامها وشعبها، إضافة إلى واجبات أعضاء الوحدة ومنتسبيها، والصفات التي ينبغي أن تتوافر فيهم. كذلك تم توقيع مذكرة تفاهم بين الوحدة والأمانة العامة للتظلمات وذلك في شأن التعامل مع الشكاوى ذات الصلة بادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة واللاإنسانية.وفي إطار الجهود المبذولة نحو إزالة جميع أشكال التعذيب وسوء المعاملة في مملكة البحرين، أنهت الحكومة مؤخراً وضع مشروع مرسوم ملكي لتأسيس آلية وطنية وقائية تتولى مسؤولية الإشراف والمراقبة على جميع أماكن التوقيف والاحتجاز والتأكد من مطابقتها لشروط البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب. وقد تم إعداد مشروع المرسوم الملكي بالتشاور مع لجنة الأمم المتحدة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.حرية الرأي والتعبير أنموذجاًإن مملكة البحرين تقدم أنموذجاً مختلفاً لحرية التعبير وحرية الرأي، عما هو سائد في بعض البلدان العربية، فمساحات النقد المتاحة في ممارسة العمل الصحافي لا تتوفر في بلدان أخرى، و»إمعاناً في التأكيد أيضاً على ضرورة توفير الحماية الكاملة لحرية التعبير، تمت إضافة مادة جديدة (69 مُكرر) إلى قانون العقوبات والتي أكدت على أن يكون تفسير القيود الواردة على الحق في حرية التعبير في قانون العقوبات أو في أي قانون آخر في الإطار الضروري اللازم لمجتمع ديمقراطي، وشددت على أنه يعتبر عذراً معفياً من العقاب ممارسة الحق في حرية التعبير في هذا الإطار».وسعياً من الحكومة لتنفيذ التوصية 1724 (أ) والخاصة بـ»النظر في تخفيف الرقابة على وسائل الإعلام والسماح للمعارضة باستخدام أكبر للبث التلفزيوني والإذاعي والإعلام المقروء»، جاء صدور المرسوم الملكي رقم (47) لسنة 2013 بإنشاء «الهيئة العليا للإعلام والاتصال»، كهيئة مستقلة، تباشر مهامها بكل حرية وحيادية، وتقوم بمتابعة شؤون الإعلام والاتصال بكافة صورها المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية، وتعمل على ضمان حرية الرأي والتعبير والالتزام بالقانون، في ضوء استقلالية وحيادية جميع وسائل الإعلام والاتصال والالتزام بالموضوعية والتعددية في الآراء والأفكار.كما منح المرسوم الهيئة العليا الصلاحيات الإشرافية والرقابية الضامنة لالتزام وسائل الإعلام بالحيادية والموضوعية وتطبيق القواعد الأخلاقية المتعلقة بالمحتوى الإعلامي، والإشراف على الأنشطة المهنية للصحفيين والإعلاميين، بما يحقق الالتزام بالمبدأ الدستوري في حرية التعبير عن الرأي.وأشار تقرير المتابعة إلى أن «حكومة مملكة البحرين عملت على إعداد مشروع قانون جديد للاتصال والإعلام، ويستند المشروع في ديباجته صراحة، وبعد الدستور مباشرة، إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 ديسمبر 1948 وخاصة المادة (19) منه، وإلى القانون رقم (56) لسنة 2006 بالموافقة على انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، بما يؤكد على حرص المشرع على استلهام القيم الإنسانية المشتركة في تنظيمه لحرية الرأي والتعبير بمختلف وجوهها».وصدر أيضاً في التاسع من أكتوبر 2012 القانون رقم (53) لسنة 2012 متضمناً، تعديل نصوص المواد (115، 214، 234) وكذا إضافة المواد أرقام 81 مكرر، 82 فقرة ثالثة، 127 مكرر، 223 مكرر و223 مكرر (أ) وذلك بهدف تعديل الإجراءات والضمانات الإجرائية المعنية بحماية الشهود والخبراء والمجني عليهم وضمان سلامتهم وعدم تعريضهم للخطر أو التأثير عليهم أثناء وبعد التحقيقات والمحاكمات.«التسويات المدنية».. خطوة متقدمةيشكل إنشاء مكتب التسويات المدنية للتعويض عن حالات الوفاة وحالات الإصابة خلال أحداث العام 2011، إضافة إلى إجراءات أخرى فاعلة، خطوة موفقة ومتقدمة في سبيل تنفيذ التوصيتين 1722 (ي) والناصة على «تعويض عائلات الضحايا المتوفين بما يتلاءم مع جسامة الضرر»، والتوصية 1722 (ك) والخاصة بـ»تعويض كل ضحايا التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي».حيث تم تنفيذ التوصية الأولى بالكامل، فيما يجري العمل على تنفيذ التوصية الثانية.ووفقاً لتقرير «المتابعة» فقد تلقى «مكتب التسويات المدنية» ما مجموعه 48 طلباً للتعويض عن حالات الوفاة، إضافة إلى 421 طلباً للتعويض عن حالات الإصابة.وتم في إطار تنفيذ التوصية الثانية دفع تعويضات بقيمة 2 مليون و340 ألف دينار (ما يزيد عن 6 ملايين و200 ألف دولار) في 46 حالة وفاة تشمل حالات الوفاة الخمس والثلاثين الواردة في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، إضافة إلى 4 حالات لم يرد ذكرها في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، حيث تم دفع 60 ألف دينار (ما يعادل 159 ألف دولار) لكل حالة.وفي ما يتعلق بحالات الإصابة فلقد باشرت اللجنة النظر في طلبات التعويض والبالغة في مجموعها 421 طلباً، وتم حصر ما مجموعه 193 حالة كمرحلة أولى، حيث قامت اللجنة بإرسالها للطب الشرعي لفحصها لبيان نسبة العجز، وما إذا كان العجز ناتجاً عن الإصابة إن وجدت، وذلك بغية تقدير قيمة التسوية المدنية المستحقة لكل حالة. %83.3 دور عبادة مخالفةتشكل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البحرينية في ما يتعلق بتنفيذ التوصية 1723 (د)، والخاصة بـ»إعادة بناء المنشآت الدينية»، مدخلاً آخر لوعي منهجية الإصلاح الشامل والمسيرة المتكاملة، ذلك أن الأرقام الواردة في تقرير متابعة تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق تبيّن أن 83.3% من دور العبادة التي هدمها إبان فترة السلامة الوطنية مخالفة للقانون، وأكد ذلك تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي خلص في الفقرة 1329 إلى أن «اللجنة عاينت ثلاثين مكان عبادة واتضح لها أن خمسة منها فقط صدرت في شأنها أوامر ملكية وتراخيص بناء، وأن أماكن العبادة الأخرى جميعها مخالفة للمرسوم الملكي رقم (19) لسنة 2002».ومع كل ذلك فقد باشرت الحكومة في تنفيذ التوصية في تخصيص وتصحيح أوضاع هذه الدور قانونياً، حيث تم بناء 10 دور عبادة، وهناك 7 قيد الإنشاء و11 لدى مجلس المناقصات والمزايدات، وواحد لدى الأوقاف الجعفرية وآخر جاري تعديل وضعيته القانونية.وحرصاً من الحكومة على الإسراع في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية، فقد قامت باعتماد وتخصيص ميزانية إجمالية قدرها 3 ملايين و4 آلاف و715 ديناراً (ما يعادل 7 ملايين و948 ألفاً و980 دولاراً)، لبناء دور عبادة بشكل قانوني بعد تصحيح أوضاعها على أن يكون تاريخ الإنجاز النهائي لجميع المشاريع في شهر ديسمبر 2014 بدلاً من 2018.وأكد تقرير المتابعة أن «حكومة مملكة البحرين تبذل قصارى جهودها لتسريع تنفيذ توصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في هذا الجانب».آليات تعين في التنفيذعقب انتهاء أعمال اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وصدور تقريرها وحتى الآن تم إنشاء العديد من الآليات منها ما ورد في توصيات التقرير ومنها ما لم يرد، ولكن اقتضته ضرورة منهجية الإصلاح الشامل والمسيرة المتكاملة، التي تأخذ في اعتبارها كل ما من شأنه أن يعين في تنفيذ التوصيات بالصورة المثلى من أجل تجاوز أحداث العام 2011، حيث صدر الأمر الملكي السامي رقم (45) لسنة 2011 فور استلام تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بإنشاء اللجنة الوطنية المعنية بتنفيذ التوصيات ثم تلاهُ الأمر الملكي رقم (48) لسنة 2011 بتشكيل اللجنة والتي تضم 22 شخصية بارزة يمثلون كافة قطاعات المجتمع. علاوة على ما تقدم، وإدراكاً من مجلس الوزراء لأهمية الالتزام بتنفيذ كافة التوصيات، شكل المجلس مجموعة عمل وزارية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء بهدف التنسيق بين الوزارات المختلفة لإنفاذ التوصيات بالكامل. كما أنشأ مجلس الوزراء جهازاً خاصاً لمتابعة تنفيذ التوصيات تحت إشراف وزارة العدل، وهو الجهاز المعني حالياً بالمتابعة مع كافة الوزارات والأجهزة المحلية من أجل ضمان الإنفاذ التام لكافة التوصيات.وبتاريخ 27 فبراير 2012 صدر قرار النائب العام رقم (8) لسنة 2012 بإنشاء وحدة خاصة للتحقيق، وقد جاء ذلك بعد التشاور الوثيق مع العديد من الخبراء من أمريكا والمملكة المتحدة ورئيس اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق من أجل ضمان التنفيذ الكامل للتوصيتين رقمي 1719 و1722 (أ و ب)، كما إنه تمت إعادة هيكلة جهاز المفتش العام ليتواكب مع متطلبات المرحلة، وإنشاء إدارة الجاهزية الأمنية بموجب المرسوم الملكي رقم 93 لسنة 2011، والتي يدخل ضمن اختصاصها مراعاة حقوق الإنسان.وتم كذلك ضمن هذه المساعي إقرار مدونة سلوك رجال الشرطة بموجب الأمر الوزاري رقم (14) لسنة 2012، وإنشاء مكتب أمين عام التظلمات بموجب المرسوم الملكي رقم (27) لسنة 2012 وهو مستقل تماماً عن وزارة الداخلية من الناحيتين الإدارة والمالية، ويختص بتلقي وفحص الشكاوى المتعلقة بارتكاب أي من منتسبي وزارة الداخلية -مدنيين كانوا أم عسكريين- أية انتهاكات لحقوق الإنسان، وله أن يباشر عمله قبل تلقي شكوى من الشخص المتضرر، كما أضيف له مسؤولية مراقبة مراكز الإصلاح والتوقيف ورعاية الأحداث.إنشاء مكتب التسويات المدنية للتعويض عن حالات الوفاة وحالات الإصابة خلال أحداث العام 2011.وتم كذلك إنشاء مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين برئاسة الأمين العام للتظلمات وعضوية اثني عشر شخصية قانونية وحقوقية بارزة، وتعنى هذه المفوضية بزيارة جميع السجون ومراكز الاحتجاز لمراقبة ظروف الاحتجاز وضمان عدم تعرض أي من النزلاء أو المحتجزين لأي صورة من صور التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية.صدور المرسوم الملكي رقم (47) لسنة 2013 بإنشاء «الهيئة العليا للإعلام والاتصال»، كهيئة مستقلة، تباشر مهامها بكل حرية وحيادية، وتقوم بمتابعة شؤون الإعلام والاتصال بكافة صورها المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية.