40 تقريراً عن البحرين مقابل تقريرين فقط عن غزة هي حصيلة جهود منظمتي العفو الدولية (الأمينستي) وهيومان رايتس ووتش. في الحالتين راح ضحية الأحداث أشخاص تختلف أعدادهم في البحرين وغزة، ففي الأولى راح ضحية الأحداث العشرات، ومعظمهم إما في مواجهات أمنية أو بسبب اعتداءات إرهابية. أما في غزة فعدد الضحايا تجاوز المائة وجميعهم أبرياء لا ذنب لهم سوى الاعتداء الإسرائيلي الغاشم عليهم. هذا ما كشفته (الوطن) أمس من أرقام إحصائية مهمة تكشف ازدواجية معايير المنظمات الحقوقية الدولية التي تتبنى الدفاع عن مبادئ الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم. ولكن ماذا تعني هذه الإحصائيات؟تؤكد طرح الأمس عندما تحدثنا عن المنظمات الحقوقية الدولية التي صارت تتدخل في الشؤون الداخلية للدول باسم الحريات والديمقراطية، ولكنها تحاول تحقيق أجندة سياسية. ولذلك فإنه من الإنصاف الحديث عن هاتين المنظمتين الرئيستين على مستوى العالم، فجهودهما تختزل في الدفاع عن الإرهاب باسم حقوق الإنسان والحرية، ففي الحالة البحرينية كان الدفاع عمن قاموا بمحاولة التغيير السياسي لإسقاط النظام رغم أنهم مارسوا إرهاباً راح ضحيته أكثر من ألف شهيد وجريح من رجال الأمن، فضلاً عن أعداد المدنيين الآخرين. وبالتالي تجاوزتا الإرهاب الذي اعتبرتاه مطالبة بالديمقراطية والحرية والحقوق، وقامتا بتحويل الإرهاب إلى نشاط سياسي ـ حقوقي يجب الدفاع عنه والحفاظ عليه لأنه يحقق «تطلعات شعب البحرين».منظمتا الأمينستي وهيومان رايتس ووتش لديهما أنشطة وأجندة أخرى غير المعلنة، ولذلك المعايير التي يتبنونها مزدوجة، ففي البحرين لم يتم التطرق لجرم استهداف الأجانب بالعبوات الناسفة التي تورطت فيها الجماعات الراديكالية أبداً، رغم أن حقوق العمالة الأجنبية من حقوق الإنسان طبعاً. كما لم يتم الحديث عن استهداف رجال الأمن رغم أن من حق هؤلاء بسط الأمن والاستقرار. بالمقابل فإن التقريرين اللذين صدرا عن المنظمتين حول غزة حمّلا الفلسطينيين المسؤولية ودعوا فيه إلى ضبط النفس، ولم يتم انتقاد الانتهاكات الحقوقية هناك أبداً. لذلك ما يجري في غزة لا يعد انتهاكاً حقوقياً ينبغي محاسبة الحكومة الإسرائيلية عليه. بطرحنا انتقادات ضد المنظمات الحقوقية الدولية، فإننا لا نتوقع أبداً أن تغيّر هذه المنظمات سلوكها تجاه البحرين أو حتى غزة، ولكننا نتوقع أن يراجع من يؤمن بدور هذه المنظمات وأنها تمثل العدالة الحقوقية نفسه، ويرى هذه المنظمات بزاوية أخرى، لأنها لا تكترث البتة بتجاوزات حقوقية أو استهداف عمالة أجنبية أو إرهاب أو المطالبة بحقوق الإنسان أو المطالبة بالديمقراطية والحريات، بل كل ما يهمها هي الأجندة التي تحملها، وأجندة الجهات الداعمة والممولة لها لا أكثر.