الخيانة لا يمكن أن ينساها أي إنسان إلا إن «فقد الذاكرة» وأوصل لمرحلة «انعدام الإحساس»، حينها يمكن توقع ما لا تتوقعه، يمكن أن ينساها ويمكن أن يعاود لف ظهره لمن طعنه مرة ليطعنه مرات.ندرك تماماً بأن البحرين يراد لها أن تمضي للأمام، وأن الأمور يراد لها أن تهدأ، وأن الشرخ الطائفي الذي تسببت به الوفاق وأذيالها وأعوانهم (رغم أنهم يرمون غيرهم بدائهم وينسلون) هذا الشرخ يجب أن يعالج ليتلاحم المجتمع من جديد، لكن كل ذلك لا يعني أن يصاب الناس بـ«زهايمر» بالاختيار لينسوا كل مظاهر الانقلاب والغدر والخيانة والعنصرية والطائفية وكلام السم الذي كان يلقى عليهم حينما أخذت أهل الانقلاب «العزة» بانقلابهم. ندرك ذلك كله لكن ليس من حق أحد أن يفرض على الناس النسيان فما حصل خلال المحاولة الانقلابية التي لم تشهد لها البحرين سابقة مثلها يستوجب على المخلصين من أبناء هذا الوطن الحيطة والحذر وإدراك حقيقة لا يمكن أن تغطيها الشعارات الكاذبة أو التصريحات المتوددة بأن هؤلاء إن تسنت لهم معاودة الكرة لفعلوها وبشكل أشنع.صعب على المخلصين أن ينسوا ما تعرضت له البلد، صعب على المحبين لقادة البلد أن ينسوا كيف تمت الإساءة لهم ووضع المجسمات الرمزية وشنقها والتطاول عليهم، صعب نسيان الطائفية المقيتة التي تم التعامل بها مع المكونات الأخرى من المجتمع، بل صعب أن نتسامح مع من قال «ارحلوا».فقط ركزوا على هذه الكلمة التي حولوها إلى شعار وبمباركة الوفاق في الدوار، كلمة «ارحلوا»، وقارنوا فقط المفردة مع ما تم استخدامه في ثورات الربيع العربي التي يحاول انقلابيو البحرين الطائفيون إلصاق أنفسهم بها وهي براء منهم. في تلك الثورات ضد الظلم والاستبداد رفع شعار «ارحل» في إشارة للنظام، لكن في البحرين رفع الطائفيون شعار «ارحلوا»، ولكم أن تخمنوا لماذا رفعوه بصيغة الجمع؟!الإجابة ستجدونها في كلامهم العنصري، تجدونها فيما صدر عن المفبرك المحرض ضد الميثاق عام 2001 حينما تطاول على طبيبة بحرينية وطنية وقال لها: «أنتم الخارجون ونحن الباقون»، الإجابة تجدونها فيمن وصفت ما يحصل للبحرين عبر صحيفة إسرائيلية عدوة بأنه «هولوكوست» مقتصر على «الشيعة»، الإجابة تجدونها فيمن يصف النظام الحاكم الشرعي في البحرين بأنه «احتلال» وأن من يساندونه «بلطجية».قالوا «ارحلوا» قاصدين، لأنهم لم يستهدفوا النظام وحده ليقولوا له «ارحل»، بل استهدفوا كل من يخالفهم، استهدفوا كل شخص ليس على مذهبهم وعلى موقفهم، استهدفوا كل شيعي وقف وقفة وطنية ضد شرورهم واختطافهم لصوت الشيعة الوطنيين، استهدفوا كل وافد وكل مقيم يخالفهم الرأي، قالوا للجميع «ارحلوا»، فهدفهم هو «احتلال» الأرض وتقديمها على طبق من ذهب لوليهم الفقيه، هدفهم الاستيلاء على مقدرات البحرين ليصنفوا الناس حسب موقعهم منهم، من معهم مخلص شريف أصلي، ومن يخالفهم الرأي عميل مأجور وأشنع الصفات مباح أن تلصق به، وستتم تصفيته كما تصفي إيران معارضيها، وكما يقتل المجرم بشار الأبرياء السوريين، أونسينا كيف تم إهدار دماء الشرفاء الذين وقفوا ضدهم؟!قالوا «ارحلوا» لأنهم مؤمنون بأن هذه الأرض يجب أن تكون لهم وحدهم، ألم تقل تلك بأن البحرين فيها «هولوكست للشيعة»، طيب أين موقع من تدعون بأنهم سنة من ذلك؟! هل تشيع إبراهيم شريف، هل غيره من الليبراليين واليساريين من السنة غير مشمولين بهذا «الهولكوست الطائفي»؟! زلات لسانهم تكشفهم، ادعاء «إخوان سنة وشيعة» ما هو إلا كذبة مفضوحة، ليس من يقف معهم من المذهب الآخر إلا «ذريعة» يستخدمونها للكذب على العالم بأن السنة معهم، بينما هم يريدونها شيعية، وليست تضم أي شيعة، شيعتهم هم فقط، بينما شيعة البحرين الوطنيون -الرافضون لتبعية إيران كمرجعية سياسية..الرافضون الانصياع للولي الفقيه غصباً عنهم- غير مرحب بهم، بل هؤلاء يدفعون ضريبة وطنيتهم وكونهم من المذهب الذي تدعي الوفاق أنها «الوصية عليه» فيتم تسقيطهم والإساءة لهم والتشكيك فيهم، والله شيعة البحرين براء مما تفعلون، وسنة البحرين براء مما فعله «بعض» المحسوبين عليهم.قالوها «ارحلوا»، وقصدهم واضح وبين، لكن أهل هذه الأرض الطيبة لن يرحلوا وهم «الأصل» في البلد، وهم «الأصلاء» في وطنيتهم وغيرتهم على تراب البحرين وعروبتها واستقلالها، ومن يقول لهم «ارحلوا»، لم لا يرحل هو لأحضان مرشده الإيراني وجمهوريته التي يعتبرها جنة الله على الأرض؟!فقط نكتب ذلك للتذكير حتى لا ينجرف الناس في دوامة النسيان ويأمنوا من جديد جانب الغدارين الذين في لحظة إحساس بالتفوق أخرجوا كل ما في جوفهم من «قيح» طائفي وعنصري وقالوا لكل من وقف ضدهم ومن خالفهم «ارحلوا»، وسيفعلونها مجدداً، والأيام بيننا.
Opinion
لماذا قالوا بالذات «ارحلوا؟!»
27 أبريل 2013