من الواضح أن «المعارضة» بشقيها الخشن «ائتلاف فبراير» والناعم «الجمعيات السياسية» قد اعتمدت ضمن «استراتيجيتها» ثلاث ممارسات تعتبر إلى حد ما جديدة، أولها سد الطرق العامة الرئيسة وتعطيلها بهدف إزعاج السلطة، وثانيها السعي إلى نقل الفوضى من القرى إلى الشوارع العامة والعاصمة بهدف ضرب الاقتصاد، وثالثها «الاستعانة بصديق»، حيث بدأت ما صارت تطلق على نفسها اسم «جمعية الدفاع عن الشعب البحريني» العمل من شوارع طهران بالخروج في مسيرات تردد ما تردده «المعارضة» وتدعو العالم إلى التدخل و»إنقاذ الشعب البحريني» الذي نصبت نفسها للدفاع عنه!وإذا كانت الممارستان الأوليان متوقعتين، ولا يمكن اعتبارهما جديدتين بسبب محاولات سابقة قامت بها «المعارضة» لم يكتب لها النجاح، فإن الممارسة الثالثة لا تزال «بقراطيسها» حيث بدأ تنفيذها قبل أيام فقط، فحسب علمي لم يسمع أحد عن هذه الجمعية التي من الواضح أن أعضاءها أضاعوا الطريق واستبدلوا كلمة «الإيراني» بكلمة البحريني، ذلك أن الحاجة ماسة لجمعية في إيران تدافع عن الشعب الإيراني الذي يعاني ما يعاني وليس الشعب البحريني، الذي يفترض أنه لا علاقة له به، عدا أن خطوة كهذه تصنف في باب التدخل الخارجي في شؤون البحرين وأهلها. تأسيس جمعية تحت هذا المسمى يعني أن «المعارضة» مستمرة في سعيها الدؤوب في الخارج، والاستمرار في محاولاتها لإقناع العالم بأنها هي «الصح»، وأن الآخرين هم الخطأ، والسماح لمثل هذه الجمعية بممارسة أنشطة ميدانية في طهران يعتبر إعلانا رسميا بالتدخل في شؤون البحرين من قبل إيران، وبعد قليل من قبل بغداد، التي هي اليوم وللأسف الشديد في يد طهران تنفذ ما تؤمر به. لا أعرف إن كان جائزا قانونا السماح بتأسيس جمعية من هذا النوع تعلن من خلال عنوانها عن تدخلها في ما لا يخصها، ولكني أجزم أنه ليس من الذوق ولا من العرف السماح بمثل هذا النشاط في إيران أو العراق أو في أي دولة، حيث إن السماح به يعطينا الحق في تأسيس جمعية للدفاع عن الشعب الإيراني، وجمعية للدفاع عن الشعب العراقي، وجمعيات أخرى تحمل عناوين مغرقة في الطائفية. السماح بتأسيس هذه الجمعية في إيران هو في أحد وجوهه اعتراف بالتدخل الإيراني في شؤون البحرين، وهو تأكيد على أنه كان ولا يزال لها دور في الأحداث التي ابتليت بها البحرين منذ سنتين. والسماح لهذه الجمعية بالخروج في شوارع تلك الدول وإطلاق التصريحات النارية ضد السلطة في البحرين عبر مختلف الفضائيات الإيرانية وغيرها ممن تعمل تحت مظلتها وعلى رأسها فضائية «السوسة» ليس إلا تدخلاً سافراً في شؤون البحرين، ويؤكد أن إيران تبحث عن الأعذار المناسبة للتدخل في شؤون البحرين، وأي عذر أفضل من القول إن البحرين تضطهد مواطنيها.. الشيعة؟ لكن «جمعية الدفاع عن الشعب البحريني» هذه لا يقتصر دورها على الخروج في مسيرات في شوارع طهران أو بغداد فقط فهي تمارس أمورا أخرى أساسها الإعلام الساعي إلى تشويه سمعة البحرين وتشويه كل ما تفعله السلطة فيها من أجل إنقاذ البلاد مما يحاك ضدها من مؤمرات لم تعد خافية على أحد ويتوفر الكثير من الأدلة عليها.لا أحد ينكر أن في البحرين مشاكل، وأن للشعب البحريني مطالبات وآمالاً وأحلاماً يريد تحقيقها، ولا أحد ينكر وقوع أخطاء وتجاوزات وحدوث اضطرابات في فترة أو فترات سابقة، لكن كل هذا لا يبرر تدخل إيران في شؤون البحرين، ولا يعطيها الحق في ذلك، فما يجري في البحرين شأن داخلي لا علاقة لأي دولة به وليس من الذوق السماح بتأسيس جمعية يكشف عنوانها عن توجهها الخاطئ.
Opinion
إيران: جمعية للدفاع عن الشعب البحريني!
16 يناير 2013