إلى الآن باءت محاولات الأمريكان بالفشل من الضغط على جماعتها في الوفاق لعزل أو تحييد عيسى قاسم وجناحه.وجاء بيان جمعية الوفاق الأخير بالإدانة الركيكة مصحوباً بتشكيك حدوث الانفجارات أو بالتلميح ببراءة حلفاء الوفاق ليثبت بأن عيسى قاسم يرفض قطع الصلة تماماً مع ائتلاف 14 فبراير، ويبقي الباب موارباً ومفتوحاً لهم ويتجنب تماماً الاصطدام معهم، فهو بيان ركيك الإدانة يلمح إلى أن جهات أخرى تفتعل العنف، والأدهى أنه مازال يراوح عند محاولات التدويل بطلبه لجنة تحقيق (محايدة)!!الوفاق الآن في أصعب مواقفها، وحرجها يزداد مع حلفائها، وائتلافها السابق ووجهها المعتدل لم يبق منه شيء؛ فالجناح المسيطر الآن هم الأمانة العامة الخاضعة تماماً لعيسى قاسم، وهو الذي يقف وراء كل غلق للباب وكل قطع للصلة بالدولة، ويصعّب مهمة الحليف الأمريكي تماماً.ولا أدري إن كان الحليف الأمريكي لجمعية الوفاق قد فوجئ بهيمنة عيسى قاسم عليها، تلك الهيمنة التامة التي لم تكن في الحسبة أم لا، إذ ضُلل الأمريكان بمعلومات خاطئة وأوهموهم أن عيسى قاسم مجرد أب روحي لا يتدخل ولا يُسمح له بالتدخل في القرارات الوفاقية ذات الطبيعة السياسية التكتيكية، وقيل لهم إن جمعية الوفاق بها بينة تنظيمية ديمقراطية تجعل القرار في يد الأغلبية!! استمعت لهذا الرأي من أكثر من جهة وشخص أمريكي قبل عدة سنوات، وكنت أضحك حينها، وكانوا يصرون أن رجالهم في الوفاق يمسكون زمام المبادرة!! مراهنين على (ائتلاف الوفاق).لتأتي اليوم الوفاق وتكشف البعد عن هذه الصورة، فلا مجلس للشورى له وجود، ولا حتى أمانة عامة؛ بل هم عدة أفراد خاضعين تماماً لعيسى قاسم يتحدثون باسم الائتلاف.اليوم من يسيطر على هذا الجناح الوفاقي ليس في وارده قطع الصلة مع جماعة 14 فبراير، وليس على استعداد لرمي بيضه كله في السلة الأمريكية، بل هو مستعد للجنوح للعنف وفتح الخط المباشر مع العراق وإيران.تلك المجموعة قطعت صلتها بالعالم الواقعي ومازالت تعتقد أن الفرصة متاحة للإطاحة بالنظام، مازالت تعتقد أن تدويل قضية البحرين مازال ممكناً، لذلك تضمن بيان إدانتها للعنف التشكيك في الجهة المسؤولة عن تلك الانفجارات لطلب التدخل «الدولي» من جديد! هو رهان لا يرى المتغيرات التي حدثت من فبراير العام الماضي إلى الآن، فمازال يراهن على محاولة انتهت وأغلقت وانتقل المجتمع الدولي كله عنها، ومازال هذا الفريق الوفاقي يصر على الإبقاء عليها مثبتين بعدهم تمام عن الأرض والواقع.الجناح المؤزم مازال يعتقد أنه إن غيب الدولة عن عقله فستغيب تلك الدولة عن المجتمع الدولي، جناح يعتقد إن هو قطع الصلة مع الدولة البحرينية (كمؤسسات وقانون وكمجتمع) ناهيك عن صلتهم بالقيادات ورأس السلطة سيقطع المجتمع الدولي الصلة معها، هذه سذاجة وغباء سياسي لا يمارسه حتى المراهقون.البحرين تخطت الربيع العربي وتخطت حتى محاولة التدويل والمجتمع الدولي يتعامل اليوم كما كان دائماً مع الدولة بكل مقوماتها؛ مع دستورها مع ملكها مع مؤسساتها التشريعية مع قوانينها مع مجتمعها، انتهت محاولة إسقاط النظام.إنما جناح عيسى قاسم مازال يعيش الوهم، لقد اختاروا العزلة الطوعية وانحازوا انحيازاً تاماً لمجموعات إسقاط النظام وإعلان الجمهورية، وبذلك قضوا على آخر معاقل التعقل والعودة للمركب الجماعي دون النظر للمياه التي جرت تحت الجسور لا بحرينياً فقط بل حتى دولياً.لقد تخلى عنهم كل حلفائهم ولم يعد هناك ضغط على البحرين وفشلت محاولة التدويل؛ إنما لانقطاع الصلة بالواقع و(تتنح) القيادات الوفاقية التي قادت جماعتها للدمار تطالب تلك القيادات بقضاء دولي يحقق في الانفجارات في محاولة بائسة يائسة مضحكة ومزرية لتدويل القضية البحرينية من جديد، يدغدغهم بيان لمنظمة هنا أو مقال لكاتب هناك، ويتغاضون عن حراك دولي بكل صوره يقف مع مملكة البحرين وعلى جميع مستوياتها.أصبحت الوفاق بهذه الصورة الآن عبئاً على حلفائها فهي لا تمتلك المرونة المطلوبة مع المرحلة الحالية، واليوم يجهد الحليف في الحصول على إدانة واضحة للعنف ويضغط بشدة ويهدد ويتوعد، والنتيجة حصوله على بيانين ركيكين بهما من خط الرجعة أكثر مما بهما من قطع وحزم تجاه العنف، والسبب أن الأب الروحي وتياره كان ومازال عائقاً أمام التحرك المرن للوفاق، ويحول دون قطع الصلة تماماً مع جماعة العنف (حزب الله أو الشيرازيين أو الراديكاليين من جماعة حزب الدعوة) وبهذا أصبحت مجموعة عيسى قاسم في الوفاق بهذا الموقف وبتلك الوجوه عبئاً على حلفائها الدوليين وعبئاً على الشيعة كجماعة أثقلت كاهلهم.عودة العلاقة الأمريكية البحرينية، وعودة علاقة الجماعات الشيعية مع الدولة، وعودة ما يسمى بائتلاف الوفاق إلى حضن الدولة رهن بتحكم هذا الجناح في القرار أو إزاحته.