لا مبرر لأن تتوقف عجلة الإصلاح -ولو مؤقتاً- في البلد بسبب أن الأوضاع السياسية غير مستقرة، أو باعتبار أن لا شيء يلوح في المستقبل القريب لإنهاء كل هذا التوتر المفتعل.نعم، لا مبرر، لأن الدولة لا يجب أن تتأخر أبداً في حراكها باتجاه تحسين أوضاع الناس وتطوير آليات عملها بما يضمن تحقيق طموح مواطنيها. البحرين يفترض أن تعمل بمفهوم السفينة التي تشق طريقها حتى لو كانت هناك أمواج متلاطمة، لا مبرر للتراجع أو التوقف هنا.حينما نتحدث عن استمرار عجلة الإصلاح فإننا لا نقول بأن كثيراً من الأمور الإصلاحية لم تتحقق، لكننا نقول بأننا بحاجة لمزيد من الإصلاح، والأهم الإصلاح الملموسة آثاره بقوة.حتى تنهض البلد لابد وأن تكون هناك مراجعة دائمة للسياسات وطرائق التطبيق، لابد من وجود تقييم دائم للأداء وللأدوات التي تنفذ السياسات، لابد من الاستماع للانتقاد حتى لو كان قاسياً ومؤلماً، لابد من وضع اعتبار لما يقوله الناس لأنهم هم مرآة المجتمع.اسمحوا لنا أن نقول هنا بأن المرآة العاكسة للمجتمع لم تعد تتمثل لا بالنواب ولا كبار المسؤولين، فالتجربة أثبتت بأن من يده في الماء ليس كمن يده في النار، وكثير من النواب والمسؤولين هم أبعد ما يكونون عن الناس وحقيقة همومهم بعد السماء السابعة عن الأرض.إن كنا نريد تعزيز الإصلاح ونقله لمرحلة أكثر فاعلية وأشد تأثيراً على واقع الناس على الدولة أولاً أن تراجع كل سياساتها، وأن تقبل بتجرع المر وحتى السم بخصوص الأخطاء والإخفاقات التي سواء كانت ناجمة عن سياسات خاطئة في التنفيذ، أو ناتجة عن أداء مخيب للمسؤولين الذين منحوا مسؤوليات يفترض بأنها تكليف والتزام تجاه الوطن والمواطنين قبل أن تكون تشريفاً وتكريماً وتعديل وضع .. إلى آخره.ما أتمناه في العام الجديد أن نرى محاسبة صارمة وشديدة بحق كل مسؤول استهتر بالأمانة التي أوكلت إليه.ما أتمناه أن نرى كل مال عام هدر أو نهب وهو يعود لخزينة الدولة ويوجه لصالح الناس وخدمتهم. ما أتمناه أن نرى إحلالاً للكفاءات والمخلصين في مواقع المسؤولية بناء على قدراتهم ومؤهلاتهم وكفاءتهم لا بناء على أمور هي بالنسبة لمجتمعاتنا العربية تمثل داء عضالاً لا شفاء منه، حين يتم تولية المسؤوليات بناء على محاصصات أو محسوبيات أو واسطات أو تكريمات.البحرين حتى تستمر بقوة عليها أن تركز على المواطن، هو وحده القادر –إن أحس بقيمته والاهتمام به- أن يكون سداً منيعاً أمام كل شر يراد به أن يطال هذا البلد، هو وحده القادر أن يبني ويعمر ويطور في هذا البلد رغبة منه في رؤية بلاده جنة في الأرض.الناس ملت من أمور كثيرة، من فوضى وإرهاب في جانب، ومن تلكؤ في المحاسبة والتصحيح من جانب آخر. الناس تريد أن تنظر للمستقبل بنظرة تفاؤلية لكن الواقع يجبرها على النظر من خلف منظار أسود.شبعنا حديثاً عن الفساد وترديد شعارات المحاسبة وحفظ المال العام، نريد تطبيقاً وأفعالاً تؤكد هذه الشعارات. قدموا للناس أمثلة تجعلها تؤمن بأن الفاسد لا مكان له في هذا البلد.شبعنا حديثاً عن اعتبار المواطن أساس كل شيء، قدموا للمواطن شيئاً معنياً بتحسين أوضاعه حتى يؤمن بأنه مازال موجوداً في الحسبة، وأن اللعبة السياسية لم تأت على حسابه.أقوى رد على من يريد الإضرار بالبحرين ومن يشوه صورتها ومن يشعلها بالحرائق والإرهاب اليومي هو بالمضي قدماً في الإصلاح وفي تحسين وضع الناس وتطوير سياسات العمل بحيث تتحقق للناس كل مطالبهم وتحل كل همومهم.حينما يوجد الرضى المجتمعي وحينما تتحقق للمواطن الراحة المعيشية، وحينما نرى العدالة والإنصاف يتجسدان بشكل واضح على أرض الواقع، حينها سيعجز كل من يريد التشكيك بإصلاحات البحرين ونهضتها أمام كل المكاسب والإيجابيات التي سيدافع عنها المواطن البسيط قبل الدولة نفسها.شبعنا من الكلام، متى نرى الأفعال؟!